معركة الساحل الغربي: هل ينفجر البركان؟
واليوم تتوالى الأحداث سريعاً بصورة تبعث على القلق. لقد عادت المدمرة الأمريكية “يو. إس. إس. كول” في الثالث من فبراير الجاري إلى باب المندب، بعد 17 عاماً من استهدافها من قبل تنظيم “القاعدة” بزورق مطاطي في خليج عدن في العام 2000م. لتضاعف التوتر في المضيق الذي يشبه “عنق العالم”.
عادت المدمرة “كول” لا لحماية خط الملاحة الدولي من خطر الإرهاب والقرصنة، ولكن لحمايته من “إرهاب الحوثيين الموالين لإيران” حسب تصريحات مسؤولين في الإدارة الأمريكية. لقد عززت واشنطن تواجدها قبالة السواحل اليمنية بجانب عشرات القطع الحربية للدول الكبرى التي تحمي مصالحها وسفنها التجارية وإمداداتها من النفط الخليجي. في وقت تخوض فيه “أنصار الله” وحلفاؤها معركة دفاع مستميت بوجه “التحالف” الذي تقوده السعودية على امتداد الساحل الغربي من ميدي شمالاً وحتى ميناء ومدينة المخا جنوباً.
لا نستهدف الملاحة
تدفع الإمارات بحلفائها لاستكمال السيطرة على المخا ومواصلة التقدم صوب الخوخة ومدينة الحديدة. وتدفع السعودية بحلفائها لاستكمال السيطرة على ميدي والتقدم صوب اللحية وميناء الصليف. هذه خطة الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي قال في حديث صحافي إنه اتفق على تنفيذها مع نائبه، اللواء علي محسن. لكن الوقائع على الأرض تؤكد أن معركة المخا ستستمر طويلاً، وأن قوات الجنرال محسن لا تزال متعثرة في رمال صحراء ميدي لما يقارب العامين.
القيادي في “أنصار الله” بالجبهة الساحلية، محمد القحوم، يقول لـ”العربي”: “سندافع عن السواحل اليمنية بكل قوتنا. وسنتصدى للعدوان الأمريكي والسعودي والإماراتي ومرتزقتهم بإمكانياتنا البسيطة وعزائمنا التي لا تلين”. مضيفاً: “الجيش واللجان الشعبية لا تستهدف الملاحة الدولية، وإنما من يستهدفها القاعدة وداعش والنظام الوهابي الذي يفتح خزائن شعبه ويعرض ثرواته للمستعمرين لتغطية هزائمه في اليمن”.
إستعداد مبكر
أدركت “أنصار الله” أهمية تواجدها في الساحل الغربي مبكراً. وتوجه أبو علي الحاكم إلى محافظة الحديدة عقب السيطرة على مدينة عمران وقبل اجتياح صنعاء في سبتمبر من العام 2014. مصادر موثوقة كشفت لـ”العربي” تواجد 6 آلاف مقاتل من “أنصار الله” وحلفائها على امتداد الساحل الغربي من ميدي شمالاً وحتى الجبال المطلة على معسكر العمري وباب المندب جنوباً. يتوزعون في الجبال وتحت أشجار السيسبان والآراك بمسافة طويلة تتجاوز 450 كم.
المصادر أفادت بأن “أنصار الله” تملك زوراق مطاطية وتمكنت من تدريب أكثر من ألف من مسلحيها كضفادع بشرية، ووحدات قتال تملك صواريخ سطح-بحري. فيما يتسلح مقاتلوها في السلسلة الجبلية الساحلية ببطاريات كاتيوشا ومدافع هاون بينها 7 مدافع غنمتها من قوات “الشرعية” في كهبوب قبل أشهر ويصل مداها إلى 50 كم.
البحث عن ذريعة
في أكتوبر الماضي استهدفت “أنصار الله” السفينة الإماراتية “سويفت” بصاروخ موجه أسفر عن إعطابها كلياً. بعدها بأيام أعلن البنتاجون أن مدمرة الصواريخ “يو. إس. إس. ميسون.” الأمريكية تفادت هجومين صاروخيين تعرضت لهما في باب المندب، وقالت إنهما أطلقا من مناطق يسيطر عليه “الحوثيون”.
وعلى الرغم من نفي “أنصار الله” استهداف المدمرة الأمريكية، إلا أن واشنطن استهدفت لاحقاً ما قالت عنها مواقع رادار يديرها “الحوثيون” في الخوخة وبالقرب من المخا، بواسطة صواريخ كروز وتوماهوك.
وفي الـ 28 من يناير الماضي استهدفت “أنصار الله” فرقاطة سعودية قبالة سواحل المخا، ووزع “الإعلام الحربي” التابع لها مقاطع فيديو تظهر اشتعال النيران فيها. المتحدث باسم “التحالف”، اللواء أحمد عسيري، صرح عقب الحادثة بأن عملية استهداف الفرقاطة السعودية تمت من ميناء الحديدة، وأن “الحوثيين” حولوه إلى ثكنة عسكرية. فيما قال مسؤولون في البنتاجون إن الهجوم الذي تعرضت له الفرقاطة كان يستهدف سفينة أمريكية.
ونقلت قناة “Fox News” الأمريكية عن خبراء في وزارة الدفاع قولهم إن الدلائل تشير إلى أن هذه العملية كانت تستهدف سفينة حربية أمريكية، أو أنها كانت محاكاة للهجوم الذي استهدف المدمرة كول عام 2000 في عدن، وأسفر عن مقتل 17 من قوات البحرية.
حسابات الطرفين
تقاتل “أنصار الله” في الساحل الغربي باستماتة، وخسرت المئات من مقاتليها في باب المندب وكهبوب وجديد والكدحة. ولا يمر شهر دون زيارة رئيس “اللجنة الثورية”، محمد علي الحوثي، إلى محافظة الحديدة. كما يتردد إليها مراراً رئيس “المجلس السياسي”، صالح الصماد، وقائد الجناح العسكري للحركة، أبو علي الحاكم. كل ذلك لإدراك قيادة “أنصار الله” بأن خسارة الساحل الغربي حصار محكم يكمله “التحالف” الذي تقوده السعودية.
فبحسب إحصاءات حديثة فإن 67 % من ورادات اليمن تصل عبر ميناء الحديدة. في المقابل، يذهب “التحالف” إلى أن السيطرة على الساحل الغربي ستقطع إمدادات السلاح المهرب عن “أنصار الله”.
لقد دفع مشروع الأقاليم الستة “أنصار الله” إلى إفساد اختتام مؤتمر الحوار الذي اقترح لما يسمونه بـ”الجغرافيا الزيدية”، “إقليم آزال” بكثافة بشرية بلا ثروات طبيعية ولا منفذ بحري. فهل تدفع معركة الساحل الغربي إلى شل حركة الملاحة في البحر الأحمر وانفجار البركان؟