كل ما يجري من حولك

“سياكل الموت” تجتاح تعز: من يلجم المتطرفين؟

696
 متابعات| العربي:
إتسعت في الآونة الأخيرة ظاهرة الإغتيالات في صفوف “المقاومة الشعبية” بتعز بشكل ملفت، وأصبحت خارجة عن سيطرة قيادة “المقاومة” والسلطات الأمنية، وهو ما يفتح الباب أمام دخول المدينة في دوامة حرب أخرى تبدو أكثر خطورة. دوامة تعيد إلى الأذهان السيناريو الذي شهدته مدينة تعز قبيل دخول جماعة “أنصار الله” والقوات المتحالفة معها إلى المدينة، حيث سُجّلت اغتيالات واسعة طالت قيادات في حزب “التجمع اليمني للإصلاح”، كان أبرزها اغتيال رئيس الدائرة السياسية للحزب، القيادي صادق منصور. نام هذا المارد المرعب طيلة تلك الفترة، لكنه استيقظ اليوم ليبدأ سيناريو جديداً أو ليكمل المسرحية التي لم يسدل عنها الستار بعد. فخلال 24 ساعة تم اغتيال 5 أفراد من فصائل “المقاومة الشعبية”، والمحسوبين على حزب “التجمع اليمني للإصلاح”.
وتطرح هذه الإغتيالات تساؤلات عدة حول التوقيت والأهداف والطرف المستفيد. ثمة من يرى أنها محاولة لـ”إرباك المقاومة” في تعز، فيما يعتبرها آخرون “غربلة” لأطراف وفصائل في “المقاومة” من العناصر التي تعمل لجهات أخرى، تحسباً واستعداداً لـ”معركة التحرير الأخيرة”، وكي لا يشكل هؤلاء عائقاً أمام الحسم. قسم ثالث يعتقد أن الإغتيالات تحمل بصمات أطراف خارجية تتخوف من “تحرير” تعز، في حين يذهب البعض إلى القول إن عصابات الفيد والسلب والنهب وجدت في استمرار حالة الإنفلات الأمني في تعز مناخاً مناسباً لاستمرار عملياتها، وإن إيجاد جهاز أمني قوي سيكون عائقاً أمام هؤلاء، وإلا “ماذا يعني تحركهم في الوقت الذي بدأت فيه الأجهزة الأمنية بصرف المرتبات وتنظيم الحملات الأمنية داخل المدينة”.
مدير قسم شرطة الحصب، العقيد عاصم عقلان، أكد، في حديث إلى “العربي”، أن “عمليات الإغتيال بدأت بصفوف الجيش والأمن بشكل كبير، لأن الحاقدين أدركوا أن نجاح قيادة تعز في صرف المرتبات يعني نجاح الأمن، لأن النجاح يعني زيادة أعداد رجال الأمن إلى أكثر من عشرة آلاف جندي، وكل هذه الإغتيالات هي من أجل إفشالها”. ويضيف أنه “من الواضح أن هناك عدة أطراف تقوم بهذا العمل الجبان، أحد أهم هذه الأطراف هم عصابات السلب والنهب ولصوص الجبابات، وهو ما يبدو واضحاً للعيان من خلال العمليات التي يقومون بها، والإ ماذا نسمي من يقتل الشاب حمدي البكري ثم ينزل من على دراجة الموت ويأخذ سلاح الضحية ثم يلوذ بالفرار”.

في المقابل، يذهب مراقبون إلى أن ظاهرة الإغتيالات هي محاولة لخلط الأوراق من قبل أطراف إقليمية “لا تريد تحرير تعز”. الكاتب والمحلل السياسي، محمد المقبلي، اعتبر، في حديث إلى “العربي”، أن “الإغتيالات ظاهرة سياسية لها علاقة بأعداء التحولات في البلد، أولئك الذين يريدون تصفية حساباتهم السياسية من خلال الجريمة السياسية المنظمة”، لافتاً إلى أنه “في تعز يحضر البعد الإقليمي اكثر من البعد الدولي، هنالك طرف إقليمي يرى في تعز بوصلة التحولات الديمقراطية، ويريد ضرب تلك البوصلة كمقدمة لضرب التحولات الديقراطية في البلد”. ويضيف أن “من يقوم بعمليات الإغتيالات في تعز اليوم يسعى لخلط الأوراق كالمعتاد، فعندما تنكسر أطراف الإنقلاب على الأرض والأطراف التي تريد إبقاء اليمن حقلاً رخواً، تلجأ إلى خلط الأوراق من خلال الإغتيالات”.
وبقدر ما تثيره حوادث الإغتيالات من مخاوف بشأن الملف الأمني في تعز، فهي تكشف، كما يرى مراقبون، أن هناك خلايا إرهابية متطرفة اندمجت في صفوف “المقاومة الشعبية”، بحجة قتال “الروافض”، وتمكنت من الحصول على أسلحة كثيرة ومتطورة، وأصبحت تسيطر على معظم المناطق “المحررة” داخل المدينة. وقد توعدت هذه الجماعات، مطلع الشهر الجاري، عبر حملات دعائية مطبوعة نشرتها سراً في بعض شوارع أحياء المدينة ليلاً، كل من ينتسب أو ينضم لـ”الجيش” بأنه ستتم تصفيته. قيادي بارز في “المقاومة الشعبية” يكشف، في حديث إلى “العربي”، أن “هناك جماعات إرهابية متطرفة اندمجت في صفوف المقاومة الشعبية، تحت لافتة الإنتصار للشرعية في مواجهة الحوثيين الروافض، وتمكنت من الحصول على أسلحة وغطاء اجتماعي، جعلها تتحرك وتعمل بصورة غير مسبوقة، بل وأضحت القوة الأكثر حضوراً في تعز”. وأشار المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، إلى أن هذه الجماعات المتطرفة “تمتلك القدرة على منازعة أي طرف في المقاومة بالإمكانيات والأسلحة”، مؤكداً أن “قوة هذه الجماعات المتطرفة تتنامى يوماً بعد آخر، وهو ما يعقد من إمكانية التوافق بين فصائل المقاومة المتنازعة، ويؤدي إلى خلق حالة من الفوضى تصعب معها استعادة سلطة الدولة، وستصبح تعز ساحة حرب مفتوحة لصراع الفصائل المسلحة في المقاومة بمختلف توجهاتها”.
أمنياً، لا يزال المشهد غامضاً ومربكاً للسلطات الأمنية في المدينة، حيث لا تفاصيل ولا معلومات حول ظاهرة الإغتيالات. العقيد محمد المحمودي، نائب مدير أمن تعز، كشف، في حديث إلى “العربي”، عن الإجراءات الأمنية التي سيتخذونها حيال ذلك، قائلاً: “نحن بدأنا الحملة الأمنية المشتركة بتوجيهات من اللجنة الأمنية العليا، بعد أن حدثت الخروقات الأمنية في مربعات المقاومة الشعبية، كان آخرها اغتيال عدد من أبناء المقاومة، تم تشكيل اللجنة الأمنية مساء أمس السبت، وتم إعلان حضر التجوال للموترات من الساعة السابعة مساء وحتى السادسة صباحاً، الآن بدأنا ننتشر بالمربعات المستهدفة وإن شاء الله سننتشر حول المدينة بالكامل”.
وحول المعلومات بشأن التنظيمات المتطرفة التي تنفذ جرائم الإغتيالات، أكد المحمودي أن “هذه العمليات عبارة عن خلايا نائمة، مهما اختلفت مسمياتها، فهي تتبع نظام مخابرات صالح، وهي موجودة داخل المدينة من قبل الحرب، وتمت الآن إثارتها، حيث أنهم يتقهقرون بالساحل الغربي لمحافظة تعز، فهم لا يستطيعون الصمود أمام رجال المقاومة في ميادين المعارك، فلجأوا إلى العمل تحت جنح الظلام كالخفافيش”. ويضيف أن “هناك أجهزة تتبع مرتكبي هذه الجرائم، وإن شاء الله خلال فترة وجيزة سيتم الإعلان عن هذه الخلايا النائمة التي تعمل على استهداف أبناء المقاومة الشعبية”.

You might also like