«التحالف» ينكسِرُ مجدداً على أبواب صنعاء
متابعات| الأخبار|رشيد الحداد:
يحاول عبد ربه منصور هادي تقديم ردّ عملي على التعديلات التي طرأت على خطط ومبادرات الأمم المتحدة وواشنطن، بصنع اختراق في حزام صنعاء، يمكّنه من زيادة أوراق القوة في تفاوضه، لكن الجيش و«اللجان الشعبية»، الذين تصدوا لأكثر من عشرين هجوماً في أيام قليلة، أحبطوا آماله.
بالتزامن مع تحركات دولية مكثفة يجريها المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، وسعيه إلى جمع أطراف الصراع على طاولة المفاوضات في الأردن، أعلنت القوات الموالية للرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي، المسنودة بغطاء جوي من تحالف العدوان بقيادة السعودية، مطلع الأسبوع الجاري، أن مديرية نهم (الواقعة شمال شرق صنعاء، والتي لا يسيطرون عليها) «منطقة عسكرية».
هذا الإعلان رأى فيه الجيش اليمني وقوات «اللجان الشعبية» من اللحظة الأولى مقدمة لتصعيد عسكري كبير، فبدأ التجهيز لصدّه على هذا الأساس، خاصة أن القوات المهاجمة يقودها نائب الرئيس المستقيل، الجنرال علي محسن الأحمر، شخصياً، وعدد من القيادات العسكرية الموالية لـ«حزب الإصلاح» (جماعة الإخوان المسلمون)، الذين أقحموا مئات العناصر المسلحين التابعين للحزب في المعركة الدائرة.
منذ نحو خمسة أيام مضت، تشن قوات هادي هجوماً عنيفاً على عدد من مناطق مديرية نهم، التي تعد من أكبر مديريات محافظة صنعاء، وتزيد مساحتها على 1840 كلم مربع. شملت المواجهات منطقة محلي وجنوب وادي محلي، ثم امتدت إلى جبل المريحا والتلال المقابلة لجبل القتب الاستراتيجي، كذلك اشتدت الاشتباكات في منطقة وادي ملح القريبة من جبل هيلان الاستراتيجي، الذي يشرف على مدينة مأرب.
وفي ظل وصول تعزيزات كبيرة لقوات هادي من محافظة مأرب، اتسع نطاق المواجهات إلى منطقة المدفون وجبل المنارة الاستراتيجي القريب من نقيل بن غيلان، الذي يبعد قرابة 30 كلم عن العاصمة صنعاء. وللمرة الأولى، تشارك بجانب أنواع الأسلحة المختلفة، طائرات «الأباتشي» التابعة للسعودية، فضلاً عن طائرات «إف ــ 16»، لكنها كانت مشاركة محدودة لم تخرج من نطاق الكر والفر خاصة في حال اشتداد المعارك.
ووفق الرصد، حققت قوات الرئيس المستقيل تقدماً ملموساً خلال يومي السبت والأحد في جبهة المدفون وجبل المريحا، وحاولت المواصلة في اتجاه التلال المقابلة لجبل القتب، لكنها لم تنجح في الحفاظ على تقدمها الذي هوّلت له إعلامياً في ظل التصدي الكبير، ما استدعى تكثيف طيران التحالف غاراته على مواقع «أنصار الله» في وادي ملح والمدفون وجبل المنارة دون نتائج ميدانية ملموسة.
في هذا السياق، تؤكد مصادر عسكرية، تحدثت إلى «الأخبار»، صدّ «اللجان الشعبية» أكثر من عشرين عملية هجومية نفذتها القوات الموالية لهادي، كان آخرها أمس، حينما «حاول المعتدون التقدم في ثلاثة اتجاهات من محاور متعددة: الأولى باتجاه المدفون، والثانية صوب سد العقران، والثالثة في جبل المنارة». وخلال الغارات الجوية، رصد إلقاء طيران العدوان قنبلة عنقودية على منطقة العقران.
ومع تزايد أعداد ضحايا معركة نهم الجارية، حاولت القوات الموالية لهادي بإسناد من التحالف تأمين ظهر قواتها المنكشف بسبب سيطرة «أنصار الله» على مديرية صرواح الاستراتيجية الواقعة غرب محافظة مأرب، وذلك بإشعال المواجهات في عدد من مناطق وأودية صرواح. وشهد اليومان الماضيان مواجهات عنيفة بين الطرفين في وادي ربيعة سقط فيها قتلى وجرحى من الطرفين، منهم قيادات كبيرة في «الإصلاح».
عملياً، يمكن القول إن مواجهات نهم أخذت طابعاً إعلامياً أكثر منه عسكرياً رغم ضراوتها وشدة القصف، فيما يرى مراقبون أن محاولة هادي لزيادة طلباته قبل الجلوس إلى طاولة المفاوضات، لم تنجح، خاصة أن المعركة، التي لم تحقق أي إنجازات سوى مئات القتلى، هي ردّ عملي بعد الرد الكلامي للرئيس المستقيل على خطط وتعديلات ولد الشيخ، ومعها اقتراحات وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، في ظل أنها تُبقي هادي رئيساً منزوع الصلاحيات وتطيح الأحمر من منصبه.
ومن المهم الإشارة إلى أن القوات الموالية لهادي التي أعلنت سيطرتها على الطريق الاستراتيجي بين مديرية أرحب في مديرية نهم قبل أربعة أيام، وأكدت اقترابها من نقيل بن غيلان الذي يشرف من الشرق على العاصمة، تراجعت عن الحديث عن الانتصارات فجأة خلال اليومين الماضيين، وعادت لتركز على مواجهات في مديرية عسيلان وبيحان في محافظة شبوة، جنوبي البلاد.
واللافت أن معركة نهم عكست خلافات كبيرة وجديدة في أوساط قوات هادي والتحالف، بعدما غاب عنها رئيس هيئة الأركان العامة محمد علي المقدشي والشيخ هاشم الأحمر، فيما حضرت فيها قيادات موالية لـ«الإصلاح»، الذي يرى أن معركة صنعاء معركته بسبب ارتباط ذلك باستعادة مصالحه التي فقدها أواخر عام 2014.
في السياق نفسه، أكدت مصادر عسكرية في «اللواء 141»، الذي يخوض المواجهات في نهم، أن الأحمر أقدم أخيراً على إقصاء معظم القيادات العسكرية في اللواء. ورغم إخفاق الرجل خلال قرابة عام في اختراق الحزام القبلي للعاصمة، أي في نهم ومخدرة وبني حشيش، رغم نجاحه في شراء ولاءات عدد من زعماء قبائل جهم في المناطق القريبة من جبال ملح كالشيخ خالد الأشرم وآخرين، جدد دعوته أخيراً لزعماء قبائل نهم وقبائل الطوق التي أعلنت ولاءها للجيش و«اللجان الشعبية».