الأرقام تحذّر: إقتصاد البلاد على عتبة الانهيار
وأكّد تقرير التطورات الاقتصادية والاجتماعية الصادر عن وزارة التخطيط في صنعاء مؤخراً انحفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من 518 دولاراً للفرد عام 2014 إلى حوالى 290 دولاراً للفرد عام 2016، متوقعاً استمرار انحفاض نصيب الفرد من الدخل في حال استمرار الحرب والاقتتال الداخلي وفشل أطراف الصراع في التوصل لتسوية سياسية.
رغم توقف البنك المركزي اليمني منذ شهر فبراير 2015 عن إصدار نشرة التطورات المصرفية والمالية التي كان يصدرها شهرياً، إلا أن بيانات رسمية حديثة صادرة عن البنك المركزي اليمني، حصل “العربي” عليها، كشفت عن تفاقم عجز الموازنة العامة إلى تريليون و590 مليار ريال يمني (5.3 مليار دولار) خلال الفترة بين يناير 2015 وأغسطس 2016.
وفي حين أعاد ارتفاع العجز في الموازنة إلى التراجع الحاد في الإيرادات العامة للدولة التي لم تتجاوز الـ 30 % من إجمالي النفقات الشهرية الضرورية، اعتبر البنك أن تفاقم أزمة السيولة نتيجة طبيعية للاقتراض المباشر من البنك المركزي لتمويل العجز بـ 1.28 ترليون ريال، تمثل 80.3 % من قيمة العجز، وهو ما أدى إلى نفاد السيولة المتاحة في البنك المركزي في شهر أغسطس الماضي، وعجزه عن صرف سداد فاتورة مرتبات 1.2 مليون موظف.
تقرير وزارة التخطيط رأى أن أزمة السيولة النقدية ناتجة عن انهيار إيرادات الموازنة العامة للدولة والاعتماد على السيولة النقدية لدى البنك المركزي دون البحث عن بدائل منذ وقت مبكر. ولفت التقرير إلى أن أزمة السيولة أدت لانقطاع دورة النقد، مشيراً إلى أن ارتفاع فاتورة الاستيراد في ظل توقف مصادر دخل اليمن من العملة الأجنبية أدت إلى انخفاض الاحتياطيات الخارجية للبنك، وهو ما حال دون توجيه البنك إيرادات الموازنة من العملة الصعبة نحو السوق المحلي وسحب العملة المحلية واستخدامها في تمويل نفقات الموازنة، بعكس العام الماضي حين تدخل البنك المركزي بضخ 400 مليون دولار لوقف تدهور العملة المحلية أمام العملات الأجنبية.
وكشف التقرير الحكومي الحديث عن ارتفاع فاتورة استيراد الغذاء والوقود خلال الفترة بين يناير 2015 ويونيو 2016، إلى 2 مليار و315 مليون و875 ألف دولار، توزعت على واردات القمح بمليار و42 مليون دولار، وفتح اعتمادات استيراد لواردات الأرز بـ 204 مليون دولار، وتم تغطية واردات السكر حتى شهر مارس الماضي بـ 51 مليون و350 ألف دولار.
وفي إطار مساعي البنك للحد من أزمة المشتقات النفطية، غطيت واردات فاتورة استيراد المشتقات النفطية بمليار و19 مليوناً و200 ألف دولار، وأشار التقرير إلى أن اعتراض حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي على توجه البنك المركزي للحد من أزمة السيولة بالإصدار النقدي الجديد كان أحد أسباب تفاقم أزمة السيولة النقدية.
التقرير أشار إلى أن الانخفاض الشديد في الاحتياطيات الأجنبية للبنك المركزي أدى إلى إضعاف الجدارة الائتمانية للاقتصاد الوطني، ليرتفع سعر الصرف الرسمي للدولار بحوالي 16.3 % في بداية أبريل 2016، كما ارتفع سعر الصرف الموازي للدولار مقابل الريال اليمني تدريجياً حيث بلغ معدل تغيّر سعر الصرف حوالى 42 % في منتصف شهر نوفمبر 2016 مقارنة بما كان عليه في شهر مارس 2015.
وفي حين أكّد التقرير مساهمة القيود المفروضة على الاستيراد وأزمة السيولة النقدية في كبح وتيرة تصاعد سعر صرف الدولار، توقع استمرار تصاعد سعر الصرف الرسمي والموازي إلى مستويات كارثية في حال عدم استئناف صادرات النفط والغاز التي تموّل الموازنة بـ 70 % من الايرادات، محذراً من أن يؤدي ذلك لارتفاع تضخم أسعار المستهلك التي بلغت 30 % عام 2015 و7% عام 2016، لما لذلك من انعكاس سلبي على الأمن الغذائي في ظل الاعتماد الكبير على الاستيراد لتغطية الاحتياجات المحلية من السلع الغذائية وغير الغذائية.