“الغارديان”: حان وقت قول “الحقيقة المرّة” للسعوديين
وفي هذا الإطار، ألمحت الصحيفة إلى وجود شيء من التناقض بين عامل “التعاون الاستخباري” بين بريطانيا والسعودية، والذي “يفترض به أن يساعدنا على مقاومة” التطرّف الإسلاموي، وبين حقيقة دعم لندن لـ”الدولة السعودية والسلفية الوهابيّة، التي تعتبر عاملاً أساسيّاً في صعود الإرهاب الإسلامي” مشبّهة المسألة بضرب شخص على ساقه، ومن ثم تقديم ضمّادات لمداواتها. وعلى ضوء معركة الأفكار التي يخوضها العالم مع التطرّف، أوضحت الصحيفة أنه “ربما يكون من باب التعجرف القول إن عنصر الأفكار هو جل ما يهم، وأن عنصري الأموال والعنصر الاقتصادي هما عديما الأهمية”، قبل أن تعود وتشدّد على علوّ كعب العنصر الأوّل في “بلد أو نظام سياسي يجب أن يستند إلى فكرة” كما هو الحال في بريطانيا.
وزادت الصحيفة بأن “السؤال الجوهري يتمحور حول ما إذا كانت أفكار (تنظيمي) القاعدة وداعش، التي تحضّ على التعصّب والكراهية، والقائمة على مفهومهما الخاص (المشوّه) لمسألة العدالة، تتفوق على أفكارنا بشأن الحريّة، والتسامح، والعدالة”. وتابعت الصحيفة البريطانية بأن “المتطرفين الإسلاميين يقولون بأن أجسادهم هي بمثابة صواريخ جوّالة وقنابل عنقودية، وهم محقّون في هذا الشأن، لأن هؤلاء لهم إيمانهم ومعتقدهم”، وفق الصحيفة، قبل أن تنبّه بأنه “إذا لم يكن لدينا إيمان بما نمثّله وما ندعو إليه، فإنهم (المتطرفون) سوف يفوزون، ونحن سوف نخسر”.
وأوضح المقال، الذي حمل عنوان “حان الوقت كي تقوم المملكة المتّحدة بإخبار المملكة العربية السعودية ببعض الحقائق المرّة”، أن احتساب ما تكسبه لندن من علاقاتها بالرياض يجب أن يقترن باحتساب ما تخسره العاصمة البريطانية بسبب هذه العلاقات. وتابع المقال بأن “خسارتنا بعض مصداقيتنا لهو أمر سيء”، إلا أن “خسارتنا كرامتنا، لهو أمر أكثر سوءاً، وربما أشد وطأة وكارثية”، في إشارة إلى دعم المملكة المتّحدة لقوّات “التحالف” في اليمن.
وفي هذا الإطار، أضاف المقال، الذي أعدّه مايكل أوكز وورثي، بـ”أننا لا يمكننا أن نعبّر عن استنكارنا استخدام الأسلحة (المحرّمة) ضد المدنيين في حلب، وأن نقوم بتوريد مثل هذا الأسلحة إلى اليمن”، موضحاً أنه ليس من الصداقة بشيء “أن نأخذ أموال” دول الخليج كالمملكة العربية السعودية، أو الإمارات، أو البحرين، وأن نقوم في المقابل “بإخبارهم ما نعتقد أنهم يودون سماعه” حول مخاوفهم، ومنطقتهم، وجنون الارتياب لديهم، فضلاً عن غياب الأمن واليقين بشأن استمرار عروشهم.
وأردف وورثي بأن “السعوديين في موقف صعب، في الوقت الذي لا تسهم فيه حربهم في اليمن بجعل الأمور أفضل”، وأنهم “بحاجة لسماع بعض الرسائل القاسية”، معتبراً أن واجب بريطانيا يملي عليها إبلاغهم برسائل من هذا النوع، كونها “في وضعية فضلى للقيام بذلك”. كما شدّد الكاتب على أن مسائل “الأفكار”، و”الدين”، تعد هامة إلى حد كبير، وأن “المواجهة الطائفيّة بين السنّة والشيعة في الشرق الأوسط لن تزيد الأمور إلا سوءاً، إذا لم تتضافر جهود الجميع لإعادتها إلى مسارها الصحيح”، مبدياً استهجانه من موقف بريطانيا “المنحاز” في خضمّ هذه المواجهة، ومشيداً بالموقف الألماني “الأكثر حذراً” منها.
وعن مدى ثقل النفوذ البريطاني في دول الخليج حاليّاً، رأى وورثي أنه “لم يعد كما كان في السابق”، وأن الأسئلة الأكثر أهمية تتمحور حول ما “إذا كان يتم توظيفه في الاتجاه الصحيح”، سواء في اتجاه تثبيت “الاستقرار”، وإرساء الحلول “طويلة الأجل” للصراع القائم، أو في اتجاه تعزيز “أجندة وزارة المالية” البريطانية. واعتبر الكاتب أن وزير الخارجية، بوريس جونسون، يملك الإجابة على هذا التساؤل، مشيراً إلى “أننا نحتاج في هذه الحالة، إلى أن نتحلّى بالشجاعة التي يتحلّى بها بوريس، لقول الحقيقة، ولإخبار السعوديين، وحلفائهم بها”، وإلا “فإن الفوز سوف يكون من نصيب داعش وأمثاله”.