كل ما يجري من حولك

“أنصارُ الله” في عُمق جيزان… إستباقاً لهجومٍ على الحديدة؟

430
 عطيفة: بالهجوم الأخير تم تطويق القوات السعودية المتمركزة قبالة الملاحيظ ورازح وشدا والظاهر
متابعات| العربي| فايز الأشول

في وقت تراجعت فيه حدة المواجهات في الجبهات الداخلية كافة، مع ترقب الشارع اليمني لانفراج وشيك للأزمة بمبادرة أممية، نفذ مسلحو “أنصار الله” والقوات المتحالفة معهم، قبل يومين، هجوماً هو الأكبر من نوعه في جبهة ما وراء الحدود مع السعودية.
12 ساعة من مساء الخميس الفائت حتى صباح الجمعة، “تقدم خلالها أبطال الجيش واللجان الشعبية من جبل البشنق في مديرية شدا بصعدة إلى جسر الخوبة في محافظة الحرث بجيزان مسافة 40 كم”، بحسب ما يقول لـ”العربي” القيادي الميداني في “أنصار الله”، محمد الغيلي. ويضيف الغيلي “أننا تجاوزنا مدينة الخوبة شمالاً بمسافة 20 كم، وتمكنا من السيطرة على جسر الطريق الرابط بين منطقتي قائم زبيد والعبادية مع خط الخوبة العام”، لافتاً إلى أن “الطيران لم يستطع بضرباته الكثيفة وقصف الأباتشي إعاقة تقدمنا الذي لم يتوقف هناك”.
ويتابع أنه “في الساعة العاشرة من ليل الخميس تم تأمين تمركزنا على جسر الخوبة، بعدها تقدمت وحدات من الجيش واللجان من الجسر غرباً بمحاذاة الطريق الرئيسي في جيزان ولكن من جهة الشمال، لتسيطر على قرى قلل القرن والدفينة والفحطيط والكرس”، كاشفاً “سقوط 17 قتيلاً من الجيش واللجان وقتل العشرات من الجيش السعودي، بينهم الملازم عبد المحسن بن سعود الحبابي القحطاني، الذي كان يقود كتيبة من القوات البرية السعودية في الدفينة، فضلاً عن أسر 7 جنود سعوديين”.

قطع الإمدادات
بعد تقصي حقائق عملية التقدم من مصادر ميدانية ومحلية في الجانب اليمني، تأكد لـ”العربي” أن مقاتلي “أنصار الله” والقوات المتحالفة معهم تقدموا عبر شعاب لم تشهد مواجهات من قبل. لم يتوجهوا مباشرة صوب مدينة الخوبة التي لا تزال مطوقة من الشرق والجنوب والغرب، بل تسللوا تحت ستار الليل في سهول محافظة الحرث حتى وصلوا إلى جسر الخوبة وهناك بدأت المعركة، إلا أنهم لم يتمكنوا من مواصلة التقدم شمالاً.
لكن القيادي في “أنصار الله”، ناجي عطيفة، يؤكد لـ”العربي” أن “العملية كان مخططاً لها الوصول إلى جسر الخوبة والإنحراف غرباً”، موضحاً السبب بقوله إنه “بعد سيطرة الجيش واللجان الشعبية على قلل القرن والفحطيط والمكرس والدفينة وسط جيزان، تم التطويق على القوات السعودية المتمركزة قبالة مديريات الملاحيظ ورازح وشدا والظاهر”. وأشار إلى أنه “لعدة شهور لم يتمكن الجيش واللجان الشعبية من التقدم كثيراً في جيزان من هذه المديريات بسبب كثافة التواجد العسكري المقابل لها، ولكن بعد نجاح هذه العملية طوقنا على القوات السعودية، واقتربنا من مدينة جيزان الساحلية وصار بمقدور الجيش واللجان الشعبية قطع الطرق الرئيسية الرابطة بين المحافظات في جيزان، ووقف الإمددات عن كثير من وحدات الجيش السعودي وبانتظار التوجيهات من السيد عبد الملك الحوثي”.

خطوة استباقية
إذاً، بات مقاتلو “أنصار الله” والقوات المتحالفة معهم في عمق جيزان، ولكن ما الهدف من العملية في هذا التوقيت بالذات؟ العميد ناصر القوبري، الذي يقود وحدات من الحرس الجمهوري في جبهة جيزان، يجيب، في حديث إلى “العربي”، بأن “النظام السعودي لا يريد سلاماً مع اليمن، والضربات الجوية التي نفذها خلال الأسابيع الأخيرة أكدت تجهيز تحالف العدوان لتصعيد خطير يتمثل في التحضير لهجوم بري وإنزال بحري في الشريط الساحلي من ميدي حتى باب المندب، والتقدم براً من منفذ الطوال باتجاه محافظة الحديدة”.
ويلفت القوبري إلى أن “العدوان السعودي يضيق الحصار الإقتصادي بشكل ممنهج، لقد قصف ميناء الحديدة بعدة غارات، وصار العمل فيه مشلولاً، كما قصف خلال الشهر الفائت كل الجسور والطرق المؤدية إلى الحديدة وحجة وصعدة”، زائداً أنه “في الـ3 أسابيع الماضية، دمر العدوان جسر المدرجة في مديرية صعفان بمحافظة صنعاء، وجسري مكحلة ولاحمة في محافظة المحويت، ونقيل الخذالي وجسر شرس في حجة، وجسور الطرق في عصمان وحيفه بمحافظة عمران”.
وتوعد القوبري بأن “أي تهور من قبل العدوان في الشريط الساحلي سيجعل ميناء جيزان ومصفاة أرامكو ومنصة تصدير النفط ومحطة التحلية هدفاً مشروعاً للصواريخ اليمنية”، مؤكداً أن “جيزان اليوم بالكامل في مرمى السلاح اليمني وبفاعلية”. وذكر بـ”سقوط كافة مواقع الجيش السعودي المطلة على مدينة نجران خلال الشهور الأخيرة”، مهدداً بأن “اقتحامها وارد في أي لحظة”.
منصات الصواريخ
لأول مرة شاهد سكان محافظة صعدة ليل الخميس الفائت إطلاق عشرات الصواريخ من المديريات الحدودية المقابلة لجيزان. إستهدفت تلك الصواريخ الكثير من المعسكرات السعودية في خطوة سهلت عملية التقدم على الأرض. ضابط رفيع في “الحرس الجمهوري”، طلب عدم الكشف عن اسمه، قال لـ”العربي” إن “كل مديريات صعدة تحتضن اليوم منصات صوراريخ يتراوح مداها بين 80 – 700كم جميعها تابعة للجيش اليمني، وتم إدخالها إلى صعدة من عدة معسكرات خلال الشهور الماضية، وصناعتها روسية تعود الى حقبة الإتحاد السوفييتي”، مضيفاً أنه “كان أبعد مدى للصواريخ التي يملكها الجيش اليمني 400 كم، ولكن خلال الفترة الأخيرة تم تطوير العشرات من صورايخ سكود بخبرات محلية من قبل وحدة الإسناد الصاروخي وفرق هندسية يمنية”.

مآلات الصراع
هو إذاً عض أصابع بين الجانبين، فهل يتكرر ما حدث في العام 1934م عندما قاتل الإمام يحيى إلى جانب الإدريسي دفاعاً عن نجران وجيزان وعسير؟ آنذاك، تقدمت القوات اليمنية إلى عمق نجران، وبحسب مراجع تاريخية متطابقة أرسل الملك عبد العزيز آل سعود قواته إلى محورين؛ الأول بقيادة ولي عهده وابنه الأمير سعود، والثاني بقيادة ابنه الأمير فيصل. توجهت قوات سعود من نجران مستهدفة احتلال الجبال، وسارت قوات فيصل إلى الشاطىء عبر تهامة مستهدفة الحديدة. هزم اليمنيون قوات سعود بينما انتصرت عليهم قوات فيصل باحتلالها سهل تهامة ومدينة حرض واستيلائها على الحديدة. إثر ذلك سارعت هيئات عربية إلى التوسط بين الملك عبد العزيز والإمام يحيى، وتشكل وفد الوساطة حينها من الأمير شكيب أرسلان (لبنان) والحاج أمين الحسيني (فلسطين) وهاشم الأتاسي (سورية) ومحمد علي علوبة (مصر)، ونجحت الوساطة في إيقاف الحرب في 27 أبريل 1934، وبدأت مفاوضات الصلح بين البلدين في الطائف بعد حرب دامت 22 يوماً. وأسفرت معاهدة الصلح التي وُقّعت في جدة عن إلحاق جيزان ونجران وعسير بالسعودية، وتسليم الإدريسي إلى السعوديين الذين انسحبوا من الحديدة وتهامة، وإذ باتفاق الطائف هزيمة لليمن!
You might also like