من الثقافات المغلوطة.. أن العبادات من صلاة وصوم كافية لدخول الجنة
من الفهم المغلوط للدين والقرآن الكريم المنتشر بين أَوْسَاط الناس، الاعتقادُ بأن الإنسان إذا ما صلى وصام وزكّى وحج، وترك الناس، وترك السياسة، واعتزل المجتمع، وانقطع في مسجده للعباده، أن هذا كافيا لدخول الجنة، والنجاة من النار!!
وهذه ثقافة خاطئة تماماً، للأسباب التالية: ــ
السبب الأول: ــ
أن الإنسانَ عندما يقف بين يدي الله للحساب والعقاب يوم القيامة، سوف يسأله الله عن كُلّ القرآن، كُلّ ما جاء في القرآن من أوامر وَنواهي، وليس فقط عن الصلاة والزكاة والصوم؛ لأن من يفعل هذا من الناس، فهو كمن يؤمن ببعض الكتاب ويترك البعض الآخر، لقد صام وصلى وزكى ولكنه ترك الأمر بالمعروف وَالنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله، والإنفاق، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر، وغيرها من الأوامر التي وردت في القرآن الكريم.
وفي هذا قال الشهيد القائد -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ-: [وكما حكى عن بني إسرائيل أنهم يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض هذا واقعنا نحن نلتزم بأجزاء من الدين وأجزاء أخرى لا نلتزم بها؛ لأننا لم نعرفها، أَوْ لم نتعود عليها، أَوْ لم نسمعها أَوْ لأنها تبدوا: [والله أما هذه قد تكون مثيره، وقد تكون شاقه وقد تكون مخيفة]. نبحث عن السهل في الدين الذي لا يثير حتى ولا قِطّ علينا، الذي لا يُثِير أحداً علينا، ونريد أن نصل بهذا إلى الجنة، والله يقول عن من يبلِّغون دينه باعتبار أن في دينه ما قد يثير الآخرين ضدك، في دينه ما قد يخشى الكثير من الناس أن يبلغوه ويتكلموا عنه: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إلّا اللَّهَ}.
السبب الثاني: ــ
حياة النبي صلى الله عليه وآلَه وسلم لم تكن هكذا على الإطلاق، بل لم يكن يهدأ ولا يقر له بال، ولا يضع لامة حربه من فوق كتفيه، وهو يجاهد من غزوة إلى غزوة، ومعركة إلى معركة، ينشر دين الله، ولكن أعداء الله صوروا لنا رسول الله بأنه [من بيته لمسجده، ومن مسجده لبيته]، وكأنه (درويش) لا دخل له بجهاد ولا حروب، بينما سيرته تشهد على أن مسجده كان قلعة عسكرية كما قال الشهيد القائد في محاضرة ــ ملزمة ــ [لاعذر للجميع أمام الله]، حيث قال: [ألم يقل الله لرسوله محمد (صلوات الله عليه وعلى آله): {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إلّا نَفْسَكَ} في الأخير إذا لم تجد من يقاتل في سبيل الله إلّا أنت فقاتل أنت.
وعندما بنى مسجده (صلوات الله عليه وعلى آله) لم يبنيه كـ(مَكْسَلة)، مثلما هو الحال في نظرتنا إلى مساجدنا الآن (مَكَاسِل). كان مسجده قاعدة ينطلق منها للجهاد، قاعدة يحرك فيها روح الجهاد يزرع فيها روح الجهاد والتضحية في نفوس المسلمين. كان مسجده قلعة عسكرية]..
وأضاف قائلاً: [أما نحن فإننا من يقول بعضنا لبعض من العُـبَّاد [بطِّل.. مالك حاجه، والهَمَ الله بين شغلك وعملك وأموالك، ومن بيتك إلى مسجدك، الباري قد انعم عليك ذا معك مسجد قريب، ومعك بَرْكَة فيها ماء خيرات واتوضأ وصلي ومالك حاجة، ما عادك أحسن من سيدي فلان]. أَصْبَحت مساجدنا مكاسل، وأَصْبَحت الصلاة لا تحرك فينا شيئاً، لا تشدنا إلى الله ولا تلفتنا إلى شيء، مع أن الصلاة هامة جداً ولها إيماءاتها الكثيرة ومعانيها الكثيرة وإشاراتها الكثيرة، والمساجد لها قيمتها العظيمة في الإسلام لكن إذا كانت مساجد متفرعة من مسجد رسول الله وليس من مسجد الضرار الذي أحرقه رسول الله إذا كانت المساجد متفرعة، من مسجد رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) فهي مساجد بما تعنيه الكلمة، والصلاة فيها لها فضلها ولها عظمتها.أما إذا كانت المساجد هكذا ونضع فيها المصاحف، فلا الصلاة، ولا المصحف، ولا المسجد، بقي له معناه الحقيقي في نفوسنا، فنحن إذاً نصنع للإسلام مخزناً نضع القرآن فيه ونقول له: اجلس هنا، لا تزعجنا، نقول للمصحف ابقَ هنا في المسجد في الخزانة إجلس لا تزعجنا.