الشعب والقبائل الـيَـمَـنية الدور الأساسي في ثورة الــ 21 من سبتمر ومواجهة العُـدْوَان
متابعات – تقرير – علي الحمزي
أثبتت الأحداثُ خلال الأعوامِ الماضية أن ثورةَ الشعب الـيَـمَـني 21 سبتمبر 2014م هي أعظمُ حَدَثٍ على مستوى العالم، وأنها ثورةٌ تجاوزت في تأثيراتها البُعدَين المحلي والإقليمي.. فهذا العُـدْوَان السعودي الأَمريكي الإسْرَائيْلي على الـيَـمَـن – الذي أعقبها بستة أشهر فقط – يُثبِتُ أنه لم يقم إلا لمواجهتها، وأنها ثورةٌ شعبية يمنية خالصة، نشدت حرية الـيَـمَـن واستقلاله، والأمان للشعب الـيَـمَـني وتنعمه بخيرات وطنه.
الدلائلُ كثيرةٌ على كونها أعظمَ حَدَثٍ في العالم خلال الأعوام الماضية، ليس أبرزها الحرص على إعلان بدء العُـدْوَان من واشنطن، أَوْ تصريح بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسْرَائيْل على أن سيطرة الثوار الـيَـمَـنيين على باب المندب أكثر خطورة من السلاح النووي الإيْـرَاني.. وليس أبرزها أنها لم تكتفِ بفضح مسرحية حرب النظام الأَمريكي على ما يسمى الإرهاب في الـيَـمَـن، بل وأسقطت المؤامرة الأَمريكية بهذا الصدد تماما.. وليس أبرزها أنها أوقعت النظام الأَمريكي وأذنابه الخليجيين في تناقض الادعاء الزائف بمساندة الإرَادَة الثورية الشعبية في سوريا، والوقوف ضدها في الـيَـمَـن.. وليس أبرزها مسارعة النظام السعودي للتحالف الصريح مع النظام الإسْرَائيْلي.. وليس أبرزها اتحاد المارينز الأَمريكي والخبراء العسكريين الإسْرَائيْليين ومرتزقة بلاك ووتر وعناصر القاعدة وداعش والجنجويد وأَبْنَاء أمراء الإمَارَات وقطر والبحرين وغيرهم في العُـدْوَان على الـيَـمَـن.. وليس أبرزها خسارة الأُمَـم المتحدة والمنظمات التابعة لها للكثير من احترامها في التعاطي مع مظلومية الشعب الـيَـمَـني..
فالدليلُ الأهمُّ من كُلّ ذلك هو هذا الإصرار الكبير من قِبل قوى السلاح والمال العالمية العظمى على القضاء على هذه الثورة مهما كانت الخسائر وفي شتى الأصعدة، وإن طال الزمن؛ لِأَن تلك القوى تدرك جيداً ماذا تعنيه ثورة 21 سبتمبر 2014م وتأثيراتها اللاحقة، ربما أكثر منا.
ومضة: قدمت إرهاصات وأحداث ثورة 21 سبتمبر 2014م نموذجاً عملياً للشعب الـيَـمَـني ولأجياله المتعاقبة في كيفيات التوحد، والتخطيط، والترتيب، والتنسيق، ووضع الأهداف، واختيار الأساليب، وتحدّيد الوسائل، واعتماد التنظيم، والبذل، والتضحية، والصبر، ووضع السيناريوهات، والاحتمالات، والبدائل، والاحتياطات، والتحرك المسئول الواعي الفردي والجمعي، والعمل الشعبي ضمن خلية واحدة.. فالالتفاف الجماهيري والقبلي حول الثورة في مواجهة العُـدْوَان كانت ولا زالت من أهم عوام تثبيت السلم الاجتماعي داخل الوطن الواحد..
وفوق هذا وذاك قدمت مصاديق عملية للانتصار الذي يهيؤه الارتباطُ الصادقُ بالله تعالى.. فالانتصار لله يتبعه نصرُ الله.. ومتى نحن التزمنا نموذج ثورتنا هذه سنحافظ عليها، وسنحرز النصر التام على هذا العُـدْوَان إن شاء الله تعالى.. لنقدر ثورتنا كما ينبغي ونفخر.. ولنحيها في أنفسنا لننتصر.. فالثورة صمود على طريق الانتصار، فمنذ ليلة 21 سبتمبر الذي سنحتفل به في الذكرى الثانية لانتصار الثورة الشعبية القبلية العسكرية الأكاديمية ثورة الاشراف والمستضعفين لا شي يشبه الماضي لا في الخارطة السياسية ولا في الرضوخ الجماعي لقوى النفوذ ولا لعباءة التدخل الخارجي السافر والمهين، قطار كبير من العملاء سافروا بخيباتهم وخياناتهم وأفكارهم وأحلامهم المسمومة سافروا إلى منبع الخيانة العربية ومستقر المؤامرة منذ عقود واستراحوا قسريا في فنادق الرياض ودبي واسطنبول استراحة من يشعر أنه لن يعود.
قطارٌ كبيرٌ من قوى النفوذ التي كانت تستحوذ على مربعات واسعة في خارطة بلانا السياسية والاجتماعية أخلوها منذ 21 سبتمبر للإرَادَة الشعبية الوطنية التي لا تعرف الطريق إلى السفارات ولم تتسلم يَوماً ظروفاً خَاصَّـة ولم تتسخ بمصافحة مندوبين عن دول مهووسة بالتدخل والسيطرة والاستكبار نتذكر تَمَاماً في أوج النشاط الثوري والسياسي في 2011 كيف كنا ننتظر موقفاً مؤيداً من هذه الدول باسم الإنْسَانية وباسم الحرية!!! كم كنا مخدوعين!! هذه الدول هي نفسها التي كانت تقتل الشعب الفلسطيني وهي نفسها التي قتلت الشعب الأفغاني وهي نفسها التي قتلت الشعب العراقي وهي ذاتها التي قتلت الشعب الإيْـرَاني وهي اليوم نفسها التي تقتل الشعوب في سوريا والـيَـمَـن وليبيا إنه الشعور بالحاجة لان نكون تحت الهيمنة وكرسته فينا قوى النفوذ التي سقطت والإصلاح تحديداً..
فرق جوهري وكبير وعميق أن تخرج للمطالبة بالتغيير وأن لا ترى إلا ذاتك أنت وإرادتك أنت كفرد كجماعة كحزب كشعب كأمة ولا تعترف إلا بإرادتك وهويتك ومطالبك وقدرتك وأن تخرج لكي يراك العالم الخارجي وقوى النفوذ الدولية لكي تسجل موقفا لصالحك.. في الـ 21 سبتمبر خرج الناس وتظاهروا وحملوا السلاح وهم يدركون تَمَاماً أن العدو الأول لحرية الشعوب وإرَادَة الشعوب هي قوى النفوذ الدولية ولهذا كان سقف الثورة هي إسقاط قوى النفوذ الداخلية بسبب أنها أرضخت الشعب لقوى النفوذ الدولية وسلطته عليه ومن ثم إسقاط النفوذ الدولي على الـيَـمَـن وتلك هي الثورة بمعناها الحقيقي والحرية بمعناها الصحيح.. ربما القليل أدركوا أن سقوط قوى النفوذ هو الخطوة الأولى للمواجه مع قوى النفوذ الدولية، نعم كان ذلك سقف الثورة ومن أجل ذلك أعلن العُـدْوَان على الـيَـمَـن الذي تحول، الـيَـمَـن الجديد بهويته الشامخة القبائل القوى السياسية والنخب الاجتماعية والمستضعفون أَيْضاً مفتاح التحول والانتصار.. اليوم وبعد هذا الصمود الأسطوري في مواجهة عُـدْوَان دولي سافر كثير من القوى الدولية والمحلية تنتظر أن تعود ولكن هذه العودة مرهونة بان ينتصر العُـدْوَان، هل هناك متسع لحزب الإصلاح لكي يكون فاعل في المشهد السياسي الـيَـمَـني مستقبلاً دون أن يكون هناك انجاز للعُـدْوَان؟ هل ستعود مشيخات آل الأحمر وفساد قوى النفوذ وشبكات الفساد المرتبطة بعلي محسن؟ هل سيعود النفوذ السعودي والقطري والإمَارَاتي وتصبح الطريق إلى سفاراتهم مزدحمة؟ هل سيعود النفوذ الأَمريكي والبريطاني ونتسمر ساعات أمام نشرات الأخبار المحلية وهي تسرد اللقاءات الأَمريكية بالأحزاب بالمشائخ بالوزراء و… إلخ؟
لا.. والثورة مستمرة.
إنجازاتُ ثورة 21 سبتمبر
أولاً إسقاط مشروع التفتيت والتدمير والتمزيق أَوْ ما يسمى بالفوضى الخلاقة التي للأسف جاءت محمولة على ثورة الشباب التي اندلعت في 11 فبراير 2011م واتضح لاحقاً أن الخارج عبر ركوبه موجةَ هذه الثورة عازم على تقسيم الـيَـمَـن إلى عدة أجزاء بوسائل عديدة أبرزها:
تغذيةُ الكراهية واستحضار الورقة المذهبية والطائفية والحديث عن سنة وشيعية في محاولة لنقل المشهد العراقي إلى الـيَـمَـن.
إعتمادُ الستة أقاليم بشكل غير شرعي ومحاولة إلصاقها بالحوار الوطني وهي معروفة أنها مقترح أَمريكي سعودي سيتطور لاحقا بعد افتعال فتن وحروب ومشاكل إلى دويلات بأسس جهوية ومذهبية تضمن استمرارية الصراع وتغذيته.
هيكلة الجيش والتي كانت تعني إضعافه بطريقتين الأولى عبر استبعاد كُلّ العناصر الوطنية واستبدالهم بعناصر طائفية وعنصرية أَوْ قريبة من السفارات بالإضافة إلى بروز عامل الاستهداف المنظم للجيش من قبل ما يسمى تنظيم القاعدة بطريقة مريبة فهم منها الشارع الـيَـمَـني أنها منظمة ومدروسة هدفها تدمير معنويات الجيش وتصفيته وإفقاده الثقة في نفسه وبالتالي ثقة الشعب فيه بمقابل إفساح المجال أمام القاعدة وتضخيمها وإظهار قوتها وبشاعتها تمهيدا بكل تأكيد لإفساح المجال أمامها للقيام بذات الدور الذي تمارسه في سوريا والعراق وليبيا.
أيضا أَمريكا كانت تنظر للـيَـمَـن من زاوية أُخْـرَى تنظر إليه كبلد ذا كثافة سكانية يمكن تحويله عبر الاستثمار المدروس في الفقر والجهل وتحويل الـيَـمَـن إلى خزان بشري لإنتاج واستيراد وتصدير العناصر المتطرفة فعمد الخارج.
الثورةُ الـيَـمَـنية وصراعُ المحاور
الـيَـمَـن ليست مضيقاً فقط.. الـيَـمَـن شعب عريق إذَا استعاد إرادته سيمثل كتلة بشرية وثروة طبيعية ومساحة جغرافية كبيرة ومهمة تضيف الشيء الكثير إلى قضايا الأُمَّـة ونضالات شعوبها..
غير أن هناك من يقرأ الحدَثَ الـيَـمَـني من زاوية صراع المحاور في المنطقة فتحدث البعض عن صنعاء مقابل بغداد أَوْ دمشق وعمران مقابل الموصل وهذه قراءة تفتقد للدقة والمصداقية فالحدث الـيَـمَـني يمثل إرَادَة شعبية ثورية مستقلة، ولا يعني أن الشعب الـيَـمَـني وثورته الشعبية تؤكد انحيازها المطلق لقضايا الأُمَّـة الحيوية وعلى رأسها فلسطين ودعم حركات المقاومة لا يعني ذلك أن هذه الثورة والإرَادَة مرتهنة لأحد على الإطلاق.
والحديثُ عن أجندة إيْـرَانية من قبل البعض أَوْ حضور إيْـرَاني في الـيَـمَـن عبر أنصار الله هي الشائعات والاتهامات التي تصدر من ذات الأطراف الخارجية والداخلية المتضررة من ثورة الشعب الـيَـمَـني في سياق محاولاتها تشويه الثورة وإفقادها أبعادها الوطنية الحقيقية.
بعد انتصار الثورة لعبت بعض الأطراف المتضررة من سقوط أركان الفساد الحاكمة في صنعاء على محورين بغية مواجهة الثورة وخلق المزيد من التحدّيات أمامها:
الأول: تخويف السعودية وهي الخائفة أصلاً من تحرر إرَادَة الشعب الـيَـمَـني..
الثاني: الحديث عن باب المندب وتخويف الخارج من تبعات السكوت على سقوط الفاسدين في صنعاء باعتباره تهديدا لطرق الملاحظة البحرية في البحر الأحمر لاسيما باب المندب والحديث أن أنصار الله يريدون إغلاق هذه المضيق والسيطرة عليه ليس أكثر من رسالة تستهدف جر مصر إلى التورط في الساحة الـيَـمَـنية بمساندة أنظمة النفط الخليجية (أي تحريض العالم العربي على الثورة الـيَـمَـنية من البوابة المصرية عبر تخويفها من إغلاق باب المندب).
الهدف الحقيقي الذي لا تخفيه ثورة 21 سبتمبر وأنصار الله فيما يخص الموانئ البحرية والسواحل الممتدة للـيَـمَـن فالمطلوب إلا تظل هذه المناطق والممرات ساحة مفتوحة للأَمريكان يتآمرون من خلالها على الـيَـمَـن أولا وقضايا الأُمَّـة العربية والإسْـلَامية ثانيا..
أنصار الله والثورة الشعبية حريصون على إقامة علاقات احترام متبادل مع كافة الأشقاء والأصدقاء في أنحاء العالم عدا أَمريكا والصهيونية؛ لأنهم يحملون مشاريعَ القضاء على أمتنا بشكل ليس خافياً ولا يحتاج إلى دليل.
السبيلُ إلى استعادة سيادة الـيَـمَـن على ممراته وشواطئه
أنصارُ الله وثورةُ 21 سبتمبر يريدون إعَادَة الاعتبار للشعب الـيَـمَـني وإقامة نظام سياسي يعبر عن الشعب وليس عن مصالح الخارج وبحدوث التغيير السياسي الإيجابي في البلاد وإقامة دولة عادلة وحرة سيتمكن الـيَـمَـنيون من استعادة سيادة بلدهم والحد من التدخلات الخارجية واستغلال منافذ الـيَـمَـن البحرية والجوية والبرية.