كل ما يجري من حولك

هُويَّـةُ مثقف!

444

 

أسامة الموشكي

في مقهى الوطن.. على طاولة مثقف.!

بصورة إنْسَـان لكن غريب الهيئة، يحتسي كوباً من القهوة.، يشعل سيجاره البني..

قاعد على الشرفة ، يدعي العقل والحكمة.

يمسح على صلعته ويقول: اشتعل الشيب في شعري.!

خلع نظارته السوداء نظر إِلَـى الوضع بازدراء قائلاً:

–        إلى متى ستستمر هذه الضوضاء؟.

مقاطعاً له:

  • تسمح لي بالجلوس معك سيدي المثقف؟.

مجيباً لي:

–        لا بأس صغيري تفضل.

  • سيدي المثقف سمعتك تقول وتشتكي من ضوضاء هل من الممكن أن تفسر لي.!

–        لا تحتاج إِلَـى تفسير فقد سئمنا الحرب.

  • لكنن سيدي نحن مجني علينا ولسنا جناةً.!

–        لا يهم صغيري نحن نريد السلام.

  • كلنا نريده وقد جنحنا له لكنهم يريدون الاستسلام.

–        لا بأس به أن كان من أجل الوطن.

  • من أجل الوطن.! لكن سيدي هذه تسمى خيانة للوطن.

–        يبدو أنك من دعاة الحرب هل تهون عليك تلك الدماء التي سالت وتسيل.

  • لا بأس أن كانت فداء للوطن.

–        ربما بل أكيد أنت عديم الإنْسَـانية.

  • أعذرني سيدي لكن يبدوا أنك انت لا تعرف ما هي الإنْسَـانية، الإنْسَـانية أن لا تصمت بحق طفل حرم من تعليمه بقصف مدرسته وحرم من علاجه بقصف مستشفياته وحرم من طفولته حين قصفت حدائقه وحرم من حياته حين قصف منزله قد يطول شرح الإنْسَـانية اكتفيت بهذا فقط لعلك تعود لصوابك.

ضاحكاً:

–        من عجائب الازمان أن الجهلة هم من يعلمون المثقفين.!

  • سيدي الجهل أن نضعَ الجاني والمجني عليه في خانة واحده دون محاسبة الجاني.

مقهقهاً مستهزئاً:

–        أنظر إِلَـى هذه المكتبة لقد قرأتها كاملة وأكثر منها.. إذن قل لي كم قرأت أنت أيها الجاهل؟.

  • لا يهم كم قرأت الذي يهم ماذا قرأت: قرأت كتابَ الوطنية الذي قال لي إن وطني هُويتي إن فقدته سأصبح بلا وطن بلا هُوية، وصرت متمسكاً بها وقرأت الشعر الذي تغزل في جمال وخضرة وأصالة وصلابة وطني، وجعلني أحبها وقرأت التأريخ الذي قال إن وطني ‘مقبرة للغزاة’ وجعلني فخوراً بها، وأخيراً بدأت أقرأ وصايا الشهداء التي دماؤهم توصيني بالحفاظ على الوطن وأعاهد نفسي بأن ﻻ أخونَها.

متلعثماً مرتبكاً:

–        أنت لا تفقه شيئاً وتقرأ بسطحية تعلم أن تقرأ بعمق.

  • العمق.. أن ترى عمقَ جرح الوطن ترى عمق جرح ابن زوجة وَأم الشهيد.. السطحية.. أن ترى الوطن فقط في كتبك المرصوصة وبين طيات صفحاته المغشوشة ومن خلف نظاراتك السوداء المكذوبة..

نهض ممتعضاً..

  • سيدي المثقف.. ماذا بك.. اجلس لنكمل حديثنا لم ستذهب.!. عُد عد لتأخذ هُويتك فقد نسيتها.، تفضّل نظارتك وسيجارك.. كدت تفقد هُويتك.. لماذا أنت صامت؟
  • حسنا كما تحب.. اما انا فسأذهب للجبهة لكي لا أفقد هُويتي..
You might also like