عقيدة الإخوَان في خيانة الأَوْطَان
عرفات الرميمة
صوّرَ قادةُ الإصلاح ومشايخُه لقواعدهم أن الوطنَ عبارةٌ عن كرسي تجلس عليه مؤخراتُ علي محسن وحميد الأحمر وأيضاً معملٌ لتحضير العبوات الناسفة والأدوية والاختراعات الخَاصَّــة بالبرت زندستان، فكل ما تحت تلك المؤخرات وذلك المعمل هو الوطن بالنسبة لهم، وعندما قامت تلك المؤخرات عن كراسي الوطن وغادرت إلى تركيا والسعودية أَصْبَح ولاء حزب الإصلاح للمكان الجديد الذي وطِأته تلك المؤخرات، هذا ما يُفسّر وقوفهم البطولي مع وطنهم السعودية ضد عدوتهم اللدود اليمن.
يمكنني القول بثقة: العدوان السعودي الأمريكي على اليمن لم يبدأ فجر الخميس ٢٦ مارس من العام الماضي، بل كان ذلك العدوان هو الحلقة الأخيرة في مسلسل بدأ قبل ذلك بكثير خُصُوْصاً في العام ١٩٧٥م، عندما شرعت السعودية بإنشاء المعاهد العلمية في معظم محافظات الجمهورية لنشر المذهب الوهابي التكفيري على أيدي إخوَان السوء وتكفلت بمبالغ الإنشاء والنفقات التشغيلية ورواتب المدرسين والطلاب وسكنهم الداخلي وكل ما يلزم لنشر ذلك السرطان الخبيث، وبررت سبب إنشائها للمعاهد – كما ذكر الشيخ عبدالله بن حسين في مذكراته – لمحاربة المد الشيعي في الشمال والمد الشيوعي في الجنوب، فخرّجت من تلك المعاهد أجيالاً بلا هُوية وطنية ولاؤها للريال السعودي – وليس لليمن – وتوجت ذلك العدوان بإنشاء جامعة الإيمان والتي عملت على تقعيد الفكر الوهابي وترجمته حرفيا كسلوك يومي معاش من خلال تفريخ الإرهاب على أيدي خريجي الجامعة الذين قاموا بكل عمليات الاغتيال المبرمجة للشخصيات السياسية من الأحزاب المعارضة للإصلاح – خُصُوْصاً الرفاق وكفَرة الحزب الاشتراكي كما روّجوا سابقاً -وللبعثات الأجنبية والسياح الأجانب وامتد نشاط طلابها الإرهابي لأمريكا وبريطانيا. وتكاملت رسالة جامعة الإيمان مع المعاهد العلمية في نشر المذهب الوهابي التكفيري ورفد الجامعات اليمنية بخريجي جامعة الإيمان من حملة الشهادات العليا – المشكوك في صحة وسلامة إجراءاتها الأكاديمية -الذين عملوا على نشر ذلك الفكر الذي لا ينتمي للوطن، فمعظم خريجي المعاهد الإصلاحية وخريجي جامعة الإيمان تعلموا أن خيانة الوطن من الإيمان هذا ليس افتراء، بل سلوكهم اليومي من يقول ذلك، فكل خونة اليمن تقريباً هم من حزب الإصلاح – مع بعض المؤلفة جيوبهم وبطونهم من القوميين والرفاق – قادة وقواعد وكوادر – وكنادر أَيْــضاً للعدوان – الذين وقفوا مع مرتزقة العدوان السعودي الأمريكي واعتبروهم زوراً وبهتاناً محرّرين ورفعوا السلاح ضد جيشهم الوطني – الذي حاربوه في عام ٢٠١١ بحُجّة أنه جيش عائلي – وقالوا بأنه محتل لأرضه.
وخيانة الأَوْطَان ليست شيئاً غريباً في عُرف الإخوَان، بل لازمة من لوازم وجودهم، فهم أصلاً لا يعترفون بوطن يمتلك حدوداً جغرافية، بل يقدمون العقيدة على الجغرافيا على مر التأريخ خلافاً لكل المبادئ والقيم والأخلاق، التي تجعل حب الوطن جزء من الشخصية السوية وبُعداً من ابعاد إنْسَانية الإنْسَان.
وإذا أردنا أن نفهم لماذا خان الإصلاح اليمن وباعوه للسعودية بثمن بخس، يجب أن نقرأ ما كتبه البنّاء عن مفهوم الوطنية لديه، فهو يقول في رسالة دعوتنا: (إننا نعتبر حدودَ الوطنية بالعقيدة.. فكل بقعة فيها مسلم يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله وطن عندنا له حُرمته وقداسته وحبه والإخلاص له والجهاد في سبيله، وكل المسلمين في هذه الأقطار الجغرافية أهلنا وإخوَاننا نهتم لهم ونشعر بشعورهم ونحس بإحساسهم) هل فهمتم الآن أن الوطن عند الإخوَان ليس رقعة جغرافية محددة وإنما هو كُلّ ما يقع تحت مؤخرات قادته فقط وبالتالي هم لا يعتبرون خيانتهم لليمن خيانة؛ لأن خيانة الأَوْطَان جزءٌ من عقيدة الإخوَان؛ وَلأن مفهوم الوطن غير موجود لديهم، وفاقد الشي لا يعطيه.