اعتراضاتٌ عراقية على استقبال الشيباني: تريُّثُ الحكومة لا يرضي «التنسيقي»
متابعات..| تقرير*
ما تزال تداعيات زيارة وزير الخارجية في الحكومة الانتقالية السورية، أسعد الشيباني، إلى العراق، يوم الجمعة الماضي، ولقائه كبار المسؤولين العراقيين، تتفاعل. وفي حين رحّب البعض بهذه الزيارة باعتبارها خطوة لتعزيز العلاقات الثنائية بين بغداد ودمشق، أعرب آخرون عن استيائهم منها، معتبرين أن تطبيع العلاقات مع الإدارة السورية الجديدة هو استخفاف بعائلات الشهداء، في إشارة إلى تورّط «جبهة النصرة» التي كان يقودها الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، في قتل آلاف العراقيين. ورغم تحفّظ الحكومة العراقية على تلك الإدارة، إلا أنها عدّت، في بيان، استقبال الشيباني توطيداً للعلاقات الثنائية وفقاً للمصالح المشتركة، مؤكدة أن اللقاءات ركّزت على القضايا ذات الأولوية، لا سيما في ظل التحديات الإقليمية التي تواجه البلدين.
وفي المقابل، أثارت الزيارة انتقادات حادة داخل الأوساط السياسية، خاصة من قبل قوى «الإطار التنسيقي»، والتي رفضت لقاء الشيباني أيّاً من قيادييها، رغم نفوذها السياسي وتأثيرها في صناعة القرار داخل العراق. وفي هذا السياق، يقول النائب عن «الإطار»، مختار الموسوي، إن «الذين التقوا الشيباني لا يمثلون العراق». ويضيف، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «هؤلاء المسؤولين تناسوا دور جبهة النصرة والجولاني في دعم الإرهاب وقتل العراقيين، وإرسال المتفجّرات التي دمّرت عدداً من المناطق»، مشيراً إلى أن «إرادة الشعب العراقي ترفض مثل هذه اللقاءات ومصافحة المجرمين». ويرى الموسوي أن «الزيارة جاءت بضغوط تركية – أميركية على الجانب العراقي، ليكون النظام السوري الجديد مرحَّباً به من قبل جيرانه، ولا سيما العراق».
نواب الوسط والجنوب يطالبون باستجواب وزير الخارجية بسبب إدارته للديبلوماسية
على أن أوساطاً عراقية ترى أن هناك بُعداً سياسياً جديداً وراء حفاوة استقبال وزير خارجية سوريا، قد يتعلّق بتحوّلات شاملة تشهدها المنطقة، لا سيما أن رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، لمّح إلى وجود مبادرة تجمع بغداد ودمشق قريباً، من دون أن يعلن تفاصيلها. وفي الاتجاه نفسه، كشف حسين، أول من أمس، عن اقتراح عراقي بتشكيل مجلس لإدارة العلاقات مع سوريا، مؤكداً أن «هناك إجماعاً سياسياً عراقياً على عدم التدخل في الشأن السوري الجديد»، محذراً من أن «داعش حصلت على أسلحة كثيرة بعد انهيار الجيش السوري وهي تشكل خطراً على العراق وسوريا».
وفي هذا الإطار، يرى مدير «مركز القمة للدراسات الإستراتجية»، حيدر الموسوي، أن «هناك ضغوطاً كبيرة إقليمية ودولية على العراق للتطبيع مع نظام سوريا الجديد. ولذا، تعاملت الحكومة من باب دفع الخطر والتوازن في العلاقات لحماية البلاد من داعش وغيره من المخاطر». وإذ يشدد، في تصريح إلى «الأخبار»، على أن «التفاهمات مع سوريا مهمة، لا سيما في ملفات تأمين الحدود وعودة النازحين، فهي ضرورية ولا غنى عنها»، فهو يعتقد أن «القوى السياسية من حقّها أن تعترض وتبدي رأيها تجاه نظام تراه إرهابياً ومتهماً بقتل مئات العراقيين». معتبراً أن «الجدل حول زيارة الشيباني هو نتاج الويلات التي عاشها العراقيون من جراء ممارسات القاعدة والنصرة وداعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية التي دمّرت البلد وقتلت أبناءه».
وكانت دفعت زيارة الشيباني نواباً من الوسط والجنوب، إلى التحشيد لاستجواب وزير الخارجية العراقية، فؤاد حسين، وذلك حفاظاً على سمعة البلاد وأمنها، كما قالوا. وجاء في بيان لجبهة نواب الوسط والجنوب، أن «جرائم عصابات الجولاني تجاوزت كل القيم الإنسانية والأخلاقية والإبادة الجماعية التي تعرض لها أبناء شعبنا وأبناء الشعب السوري الشقيق. فمن الهوان أن يدار السلك الديبلوماسي العراقي بهذه الطريقة عبر استقبال المجرمين». ودعا البيان الكتل السياسية التي تمثّل عائلات الشهداء والمضحّين إلى «إدانة هذا الفعل الخاطئ، ومساندة مطلبنا الذي سنقدمه في مجلس النواب لاستجواب وزير الخارجية».