كل ما يجري من حولك

مبادراتٌ فردية لإغاثة منكوبي الساحل

29

أطلقت مجموعة من الناشطين والناشطات في دمشق، حملة لجمع التبرعات العينية، حملت عنوان «كن عوناً» (أ ف ب)

يخرج المجتمع المدني في سوريا، شيئاً فشيئاً، من حالة الصدمة التي جعلته يقف «مكتوف الأيدي» أمام المجازر التي شهدها الساحل السوري قبل أيام؛ إذ إنّه عقب انخفاض منسوب الجرائم والانتهاكات في تلك المناطق، بدأ الشعور بالعجز يتلاشى، وبات بإمكان الناشطين والأهالي إطلاق مبادرات لدعم الضحايا والوقوف إلى جانبهم، ولا سيما أنّ بعض هؤلاء لا يزالون في الأحراج من دون أدنى مقوّمات الحياة، فيما تعرّضت ممتلكات البعض الآخر منهم للحرق أو النهب.

وفي إطار المبادرات والحملات التطوعية التي برزت، أخيراً، نتيجة جهود فردية من شمال البلاد إلى جنوبها، اجتمعت مجموعة من الناشطين والناشطات في دمشق، خارج إطار أي جمعية أو مؤسسة مرخّصة رسمية، مطلقةً حملة لجمع التبرعات العينية من مناطق عدة في العاصمة وريفها، حملت عنوان «كن عوناً». وتنسّق المجموعة جهودها مع فريق متطوّع آخر، من محافظة طرطوس، يتولى دراسة الاحتياجات، ويحدد الأولويات طبقاً للمناطق الأكثر حاجة.

وتقول الناشطة تيماء عيسى، وهي من مؤسّسي المبادرة، في حديث إلى «الأخبار»: «حاولنا ألا نقع في الأخطاء ذاتها التي وقعنا فيها أثناء عملنا الإغاثي في فترة ما بعد زلزال شباط 2023، وهو ما دفعنا إلى التنسيق مع الفرق المحلية لدراسة الاحتياجات، مع مراعاة حساسية الحدث الحالي الذي يختلف عن كارثة طبيعية كالزلزال»، مشيرةً إلى أنّ «الأحداث الأخيرة خلّفت تنافراً في الآراء السياسية وحساسية في التعاطي بين الناس، بما في ذلك بين المتبرعين ومستقبلي التبرعات». وعليه، أصبح من الضروري «إبقاء مستوى إدارة المخاطر عالياً»، جنباً إلى جنب «ترسيخ خطاب إنساني جامع»، والالتزام بآلية «دقيقة ومدروسة لجمع المساعدات، تجنباً لزيادة الشرخ المجتمعي الحاصل».

يعاني المتطوعون للوصول إلى المناطق المتضررة التي لا تخضع للسيطرة الأمنية الكاملة

ولتحقيق الأهداف المشار إليها، سيتم الاعتماد على عاملين في المجال الإنساني أو شباب متطوّعين، «يطغى الفكر الإنساني لديهم على أي قضية أخرى»، طبقاً لتيماء، التي تتابع: «مثل هذه المبادرات تحتاج إلى التسهيلات اللازمة من الحكومة الجديدة، والمقصود هنا ليس المساعدة التنظيمية لسير المبادرات، بل التفهم والمرونة والتعاون، وتأمين الحماية اللازمة من قبل الأمن العام».

وبعدما حدّدت «كن عوناً» مناطق عدة في دمشق لجمع التبرعات العينية وفرزها، وفقاً لمنهج «عنقودي» مرتبط بالشبكات المحلية، ستنطلق الدفعة الأولى إلى الساحل اليوم، علماً أنّ المبادرة تتوسّع، حالياً، لتشمل محافظتي السويداء وحمص، بحسب ما يؤكده علاء، أحد المتطوعين في المجموعة. وطبقاً للمصدر نفسه، فإنّ المبادرة «تركّز على احتياجات النظافة الشخصية والمستلزمات الصحية للنساء والأطفال، فيما تأتي المساعدات الغذائية في المرتبة الثانية».

بدورها، أطلقت الصيدلانية ميس محمد، مع عدد من أصدقائها، مبادرة أخرى تهدف إلى إرسال مجموعة من المساعدات إلى منطقة بانياس، بالتنسيق مع أحد الشباب الناجين من المجزرة هناك. وتقول ميس لـ«الأخبار»: «سنرسل مجموعة من الأدوية الأساسية، وسللاً غذائية موحّدة المحتوى، سيكون عددها مرتبطاً مع ما نجمعه من مال، على أن تكون الأولوية للعائلات الموجودة في الأحراج». وتؤكد أنها ستذهب بنفسها لتوزيع المساعدات، لأنها «لم تعد تثق بالجمعيات والجهات التطوعية»، بعدما أظهرته «من فساد خلال أيام العمل التطوعي بعد الزلزال»، مضيفةً: «لا نزال نعاني من العشوائية وعدم التنظيم في تحديد الاحتياجات، إضافة إلى المخاطر التي قد تترتب على محاولة الوصول إلى المناطق المتضررة، نظراً إلى أنّها لا تزال غير خاضعة للسيطرة الأمنية بالكامل».

 

* الأخبار البيروتية
You might also like