كل ما يجري من حولك

نازحو «حميميم» ينتظرون مصيرَهم: وعود الحماية لا تجدي

29

متابعات..| تقرير*

هرباً من المجازر الوحشية التي طاولت المدنيين في الساحل السوري على مدى 4 أيام، تجمّع نحو 8 آلاف سوري من أهالي بلدة حميميم التابعة لمدينة جبلة، داخل القاعدة العسكرية الروسية القائمة في القرية، حيث ينتظرون مصيرهم وسط حالة خوف من المجهول. وتعيش تلك العائلات ظروفاً معيشية صعبة في ظل البرد والجوع، بعدما قامت القوات الروسية، خلال اليوم الثاني لدخول الأهالي إلى «حميميم»، بنصب خيام للمتواجدين هناك، مع تقديم الحد الأدنى من الطعام والماء.

وترى فتون (33 عاماً) التي فرّت إلى القاعدة أن «الوضع مهما كان صعباً هنا، فهو أفضل من انتظار الموت». وتقول لـ»الأخبار»: «عشنا رعباً حقيقياً، لا يمكننا التحمّل أكثر من ذلك، ولا خيار لدينا اليوم سوى البقاء في القاعدة الروسية ريثما تؤمّن روسيا أو أي دولة أخرى الحماية لنا».

وتضيف أن «الأهالي الموجودين في القاعدة لم يعد يهمهم سوى الحفاظ على حياتهم»، مشيرة إلى أن «الحكومة الروسية فعلت كل ما بوسعها: نصبت خياماً للرجال في مدرّجات المطار، فيما النساء والأطفال ينامون في بهو الصالة، مع تأمين أساسيات الطعام وخاصة للأطفال». وتأمل أن يتغيّر الوضع إلى الأفضل، في ظل أنباء عن دخول «جمعية الهلال الأحمر السوري» لتقديم الرعاية الطبية والخدمات الصحية للنازحين.

يبدو الخوف هو السبب
الرئيسي لمطالبات بعض
الأهالي بـ«الحماية الدولية»

ويأتي ذلك في وقت فشلت فيه زيارة وفد من إدارة منطقة جبلة، ضم المحافظ والمسؤول الأمني عن المنطقة وعدداً من الوجهاء والشيوخ، في إقناع الأهالي بالعودة إلى بيوتهم، على رغم كل الوعود والتطمينات بالعمل على تأمين مناطقهم من أجل منع تعرّضهم لأي أذى. ويقول محمد (45 عاماً)، لـ»الأخبار»: «لن نتفاوض مع حكومة (الرئيس الانتقالي، أحمد) الشرع التي أرسلت من يبيدنا. دماء شهدائنا غالية وجثثهم لم تُدفن بعد. عن أي تفاوض يتحدثون؟ من يغدر بنا مرة، سيغدر ألف مرة، فمن الوارد جداً تصفيتنا عند خروجنا من هنا، كما حصل مع 4 شباب خرجوا على مسؤوليتهم، بعد تأكيد العناصر الروس عدم قدرتهم على حماية من يخرج، ولا حتى السماح له بالعودة»، مؤكداً «أننا لن نذهب إلى أي مكان في انتظار قرار دولي بحماية أو وصاية العلويين في سوريا».

وعلى وقع خبر وصول وفد من الأمم المتحدة إلى الساحل السوري لتقصّي الحقائق حول الجرائم المرتكبة بحق السوريين، وإعلان الرئاسة السورية تشكيل «لجنة وطنية مستقلة» للتحقيق في أحداث الساحل، تنتظر ديمة (اسم مستعار) دخول الوفد الأممي إلى القاعدة الروسية وإخراج النازحين منها بسلام. وتقول لـ»الأخبار»: «بالنسبة إلي، لا أريد أي تدخل دولي في بلادي، إلا أن صوتي ضعيف مع وجود المئات الذين ينادون بالحماية الدولية وكأنها مفتاح الحل. وفي الوقت ذاته، لست قادرة على الخروج من هنا خوفاً على حياتي وحياة ابني. ولا أعرف ما هي الضمانات التي تضمن حياتنا فعلاً. نحن اليوم في دوامةٍ، الخروج منها أشبه بالمستحيل».

وإذ يبدو الخوف هو السبب الرئيسي لمطالبات بعض الأهالي بـ»الحماية الدولية»، يرى الصحافي والناشط المجتمعي، كمال شاهين، في حديث إلى «الأخبار»، أن «المشكلة هي أن معظم الأهالي الذين يطالبون بالحماية الدولية لا يعرفون أبعاد هذا المطلب، ومتطلّبات تحقيقه الفعلية، وماذا ينتج عنه. لكن أسوأ ما قد يحصل هو اتهام العلويين بأنهم انسلخوا عن سوريا بعد كل المعاناة من الاستبداد في زمن الأسد الأب والابن».

* الأخبار
You might also like