غزة نحو هدنة مؤقتة جديدة.. مفاوضاتٌ تحت ظلال التصعيد
متابعات..| تقرير*
تواصل إسرائيل وحركة «حماس» مفاوضاتهما غير المباشرة حول «تسوية محتملة»، لا تزال معالمها غامضة، وذلك في ظلّ تضارب واضح في الشروط والأهداف والمصالح بين الجانبَين. فمن جهتها، تصرّ إسرائيل على فرض شروط صارمة تشمل نزع سلاح الحركة وإنهاء سيطرتها على قطاع غزة وترحيل قادتها، بينما تتمسّك «حماس»، في المقابل، بمطلب إنهاء الحرب وانسحاب جيش الاحتلال من القطاع، مقابل الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين. ويبرز، في الموازاة، دور الوسيط الأميركي الذي يسعى إلى التوصّل إلى هدنة طويلة الأمد، يسبقها اتفاق سريع لتبادل الأسرى.
مع ذلك، يبقى نجاح المهمّة رهناً بالتوجهات النهائية للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي يبدو جادًّا في تحقيق اختراق سريع، وإنْ كانت سمة المواقف المتقلبة تلازمه. إذ رغم تهديداته المتكرّرة، إلا أن الرئيس الأميركي يدير مفاوضات مباشرة مع «حماس» بعيداً من إسرائيل، في محاولة للتوصّل إلى حلول مؤقتة تحدّ من انفلاش التصعيد. على أن الجهود التي تُبذل في هذا الإطار، لا تبدو كافية لرسم مسار واضح، ما يبقي فرضية العودة إلى الحرب قائمة، خاصة وسط التعقيدات المرافقة للعملية التفاوضية.
ولعلّ الأهمّ ممّا تقدّم، غياب رؤية واضحة لدى ترامب في شأن الحلّ النهائي، وبحثه بدلاً من ذلك عن تسويات مؤقّتة تؤجّل الاستحقاقات ولا تنهي التهديدات. وعلى هذه الخلفية، تستمرّ استعدادات الجانبَين العسكرية، للعودة إلى القتال في حال فشل المسار التفاوضي؛ فبينما تتجهّز إسرائيل لشنّ عملية عسكرية جديدة «غير مسبوقة» بشدّتها، تعمل الحركة على إعادة تنظيم صفوفها وانتشارها العسكري خلال مدة وقف إطلاق النار، استعداداً لمواجهة أيّ تصعيد.
يُتوقع وصول المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، مساء اليوم، إلى المنطقة
وفي هذه الأجواء، يُتوقع وصول المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، مساء اليوم، إلى المنطقة، علماً أن هذا هو الموعد الثالث الذي يتم تحديده له، بعد تأجيلَين سابقَين. وستمثّل الزيارة، في حال حصولها، مؤشراً إلى وجود اختراق في المفاوضات التي تديرها الولايات المتحدة مع «حماس»، ولكن يبقى من الضروري انتظار ما يحمله ويتكوف من رؤى ومسارات يريد أن يعمل عليها، سواء أكانت النتيجة فشل المفاوضات أو نجاحها.
وفي الانتظار، يتم التركيز في إسرائيل على استعدادات الجيش لحرب محتملة، بما يشمل انتشاراً مكثّفاً على طول حدود غزة، واستدعاء الاحتياط، وهجمات متعدّدة الفرق بهدف «القضاء نهائيًّا» على «حماس». كذلك، يجري الحديث عن مراحل الهجوم، ومن بينها: قطع الكهرباء والمياه عن القطاع، وشنّ غارات جوية متصاعدة، وأيضاً إخلاء المناطق الشمالية من غزة، وصولاً إلى عملية برّية جديدة ومكثّفة، أكثر شدّة ممّا شهده القطاع في الجولات السابقة.
وفي المقابل، وإذ لا تزال «حماس» تصرّ على إنهاء الحرب مقابل الإفراج عن الأسرى، فهي تبدي مرونة لجهة إمكانية التنازل عن السلطة في غزة، عبر تشكيل لجنة مدنية لإدارة القطاع حتى إجراء الانتخابات الفلسطينية، والتي سيتحدّد بناءً عليها الترتيب السياسي النهائي. كذلك، تستعد «حماس» لليوم الذي يلي فشل العملية التفاوضية؛ إذ وفقاً للأنباء المتدوالة، تعمل الحركة على نشر آلاف المسلحين في مختلف المناطق، وزرع مئات العبوات الناسفة، وإعداد كمائن مسبقة، وغيرها من الوسائل الدفاعية والتكتيكية.
على أن العملية التفاوضية، بتعدُّد مساراتها، لا تزال هي العنوان البارز في المشهد الحالي، وإنْ كانت مشبعة بالتهديدات المتبادلة، في وقت تبدو فيه الهوة بين المواقف المعلنة غير قابلة للجسر. وعليه، تشير التقديرات إلى احتمال التوصُّل إلى تسوية مؤقتة في المدى المنظور، ترحّل الأزمة من دون إيجاد حلول دائمة لها.