كل ما يجري من حولك

الكاظمي يعود إلى العراق: ما شأنُ أمريكا؟

32

متابعات..| تقرير*

طرحت عودة رئيس الوزراء العراقي السابق، مصطفى الكاظمي، إلى بغداد، بعد غياب دام أكثر من عامين منذ انتهاء ولايته عام 2022، ووسط مشهد سياسي متوتّر، تساؤلات حول الأهداف السياسية لهذه العودة، ولا سيما مع اقتراب الانتخابات البرلمانية المقبلة. ويكشف سياسي عراقي بارز أن الكاظمي جاء بناءً على طلب رسمي من قبل الحكومة الحالية وقوى “الإطار التنسيقي”، موضحاً، في حديث إلى “الأخبار”، أن “هذا الطلب مردّه إلى مخاوف الحكومة من إدارة (الرئيس الأميركي، دونالد) ترامب، والتي تنظر إليها على أنها حليفة إيران ولا تستطيع نزع سلاح الفصائل، فيما الكاظمي يمكن أن يكون وسيطاً بينها وبين الولايات المتحدة”.

ويضيف السياسي أن “حكومة محمد شياع السوداني بدأت تتحسّس الخطر القادم إلى العراق وهو لا محالة، لكنها أيضاً تسعى إلى فهم طبيعة هذا التهديد من خلال السياسيين المقرّبين من أميركا، خاصة بعد فقدانها الاتصال بكل المسؤولين الأميركيين”. ويبيّن أن “اقتراح عودة الكاظمي خرج من الإطار التنسيقي، لكن من دون تبنٍّ مباشر، على رغم أن استقباله تمّ بطريقة استغربها الجميع ولم يسبق أن حصلت لأي سياسي سابق”.

ووفقاً لقراءات مختلفة، فإن هذه العودة ليست مجرد زيارة، بل تأتي ضمن سياقات سياسية محلية وإقليمية معقّدة، وقد يكون من بين أسبابها الرئيسية، التحضير للانتخابات التشريعية. وبحسب مصادر عراقية، فإن الكاظمي يعتزم تشكيل قوة انتخابية جديدة تضم شخصيات مدنية وسياسية متعدّدة، ما قد يمهّد لعودته إلى الساحة السياسية بدعم من زعيم “التيار الوطني الشيعي”، مقتدى الصدر.

وكان الكاظمي خرج من العراق بعد نهاية ولايته التي امتدت من 7 أيار 2020 إلى 27 تشرين الأول 2022. وتعرّض لاتهامات من جانب فصائل المقاومة بالتواطؤ في اغتيال قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري الإيراني”، الجنرال قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة “الحشد الشعبي”، أبي مهدي المهندس، في مطلع كانون الثاني 2020. وعلى رغم أن الكاظمي لم تصدر بحقه أيّ مذكّرات اعتقال، فإن بعض المقرّبين منه ملاحقون قضائياً بتهم في قضية “سرقة القرن”، والتي تتعلّق باختلاس 2.5 مليار دولار من الأمانات الضريبية. وعلى رغم كلّ ما تقدّم، يبدو أن الحكومة الحالية تسعى لاستثمار علاقة رئيس الوزراء السابق الوطيدة بواشنطن من أجل حل المشكلات الاقتصادية التي تواجه العراق، ولا سيما في ظل التهديدات الأميركية بفرض عقوبات على النظام المصرفي العراقي.

لكنّ القيادي في “الإطار التنسيقي”، علي حسين، يستبعد أن يكون الكاظمي قد عاد بطلب حكومي، مشيراً إلى أن “بغداد تتمتع بعلاقات إيجابية واتفاقيات مع واشنطن على كل المستويات؛ وبالتالي، فلا حاجة لها إلى وساطة من قبل شخص ربما لا يمثّل شيئاً أمام دولة مثل أميركا”. ويرى حسين، في تصريح إلى “الأخبار”، أن “عودة الكاظمي طبيعية ولا توجد أسباب قضائية أو سياسية تمنعه من الرجوع إلى بلده، وربما جاء للمشاركة في الانتخابات”، مرجّحاً أن يكون هدف العودة تأسيس مشروع سياسي جديد أو التحالف مع قوى قريبة منه.

أما مدير مركز “أفق” للدراسات السياسية، أحمد الجبوري، فيرى أن “هناك أكثر من سيناريو لعودة الكاظمي بعد أن اعتكف عن النشاط السياسي، من بينها أن يكون سمع عن تغيير قد يحدث داخل العملية السياسية، أو تلقّى دعوة من قبل قوى عراقية بهدف التحالف والدخول بقائمة واحدة في الانتخابات المقبلة”.

ويشير الجبوري، في تصريح إلى “الأخبار”، إلى أن الكاظمي قدّم خطاباً مختلفاً في تصريحاته وتدويناته الأخيرة، وبدا أنه صار يتناغم مع بعض القوى المؤثّرة المعارضة لـ”الإطار التنسيقي”، ما يعني أن “تحالفه مع الصدر ليس ببعيد، لكن لا نستطيع أن نجزم إلى حد اللحظة، فالموقف ضبابي”. ويعتبر أن “صمت الحكومة والكتل التي كانت مناهضة له عن عودته، ربما يشي بمشروع مشترك معه، فضلاً عن منحه ضمانات للعودة مقابل مشاريع سياسية، قد يكون من بينها استثمار علاقاته الجيدة مع السعودية وأميركا لمعالجة مشاكل إقليمية تخص العراق”. ويتابع الجبوري أن “ما يجري في المنطقة من تحوّلات وتغيّرات كما حصل في لبنان وسوريا، قد يبعث الأمل لدى الكاظمي بأن تصل إلى العراق، ويكون شخصاً محورياً في إدارة المرحلة المقبلة بدعم غربي، ولا سيما أنه استغلّ فترة ولايته في تعزيز علاقاته مع الجميع”.

وكان الكاظمي أطلق سلسلة مواقف في ندوة صحافية أشار فيها إلى أنه “في مرحلة تفكير إزاء ما يمكن أن يقوم به… وأنا لا أؤكد أو أنفي أي دور سياسي قريب، لكنني أنفي أي علاقة لعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بقرار عودتي إلى بغداد. وأنا أراقب العملية السياسية وأعتقد بأن انكفاء السيد مقتدى الصدر وانسحابه كان لهما ضرر على العملية السياسية، هناك مؤشرات إلى عودته وننتظر الأيام أن تثبت ذلك”.

وتحدّث الكاظمي عن أن المنطقة “أصابها زلزال، وهناك انتكاسة كبيرة للقضية الفلسطينية، وانعكاس هذه الانتكاسة على المحيط العربي والإسلامي كان كبيراً. العراق يجب أن يكون حذراً في التعاطي مع المتغيّرات، وأن يضع مصالح الشعب العراقي أولاً قبل مصالح أي طرف آخر. وما حصل في سوريا أصبح أمراً واقعاً. هناك تغيير كبير حصل، يجب أن نتّجه إلى السياسة الواقعية في التعاطي مع الكثير من الملفات ومن ضمنها سوريا، وأن نعترف كذلك بأن التغيير في سوريا هو نتيجة سياسات الرئيس السابق، بشار الأسد”.

وأعرب الكاظمي عن اعتقاده بأنه “لا يوجد توجّه لتغيير النظام في العراق. وهناك وجهة نظر أميركية لشكل المنطقة وحلفاء واشنطن. البعض منهم يعتقد بأن هناك تهديداً لحلفاء أميركا في المنطقة، وأن العراق لا يجب أن يكون منطلقاً لهذا التهديد. نحن نقول إننا خارج المحاور، لكنّ تصرفات بعض العراقيين تُفسَّر عند الآخرين على أنها جزء من سياسة المحاور، كالفصائل التي أتمنى أن تترك سلاحها وتنخرط في العمل السياسي. وصحيح ما يقال عن أن الإدارة الأميركية تنظر إلى الفصائل كأطراف خارجة عن القانون، ولا أعرف ما إذا كانت ستتخذ إجراءات بحقها”.

إنسرت:
«لا علاقة لعودتي بترامب… وانكفاء الصدر أضرّ بالعملية السياسية وثمة مؤشرات إلى عودته»

 

* الأخبار
You might also like