كل ما يجري من حولك

حصيلةُ المرحلة الـ 1: المساعداتُ أداةً للابتزاز

26

متابعات..| تقرير*

تعزف تصريحات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، والمتعلّقة بقطاع غزة، على الوتر الإسرائيلي، وتصبّ جميعها في اتجاه التلويح بالعودة إلى القتال كوسيلة ابتزاز لإملاء الشروط وإجبار حركة «حماس» على إبداء المرونة اللازمة في جزئية إطلاق سراح المزيد من الأسرى الإسرائيليين، من دون تحقيق أي مكتسبات حقيقية للفلسطينيين. وكان ترامب قد أبقى على مساحة من الغموض حيال الموقف الأميركي من المرحلة الثانية من صفقة التبادل، مع التذكير بأن إسرائيل تمتلك حرية التصرف بما تراه مناسباً.

وعلى مقاس التفويض الأميركي الممنوح لإسرائيل، جاء تصريح رئيس الأركان الجديد لجيش الاحتلال، إيال زامير، والذي نقلته «القناة الـ14» المقرّبة من رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، عن أن الجيش تلقى توجيهاً من المستوى السياسي بوضع خطة لاستئناف القتال في غزة خلال 4 إلى 6 أسابيع، واحتلال القطاع بالكامل في غضون 6 أشهر. ووفقاً لزامير، تتضمّن الخطة دخول أكثر من 60 ألف جنديّ، أي نحو 5 فرق عسكرية، إلى غزة، حيث ستهاجم في وقت واحد مناطق القطاع كافة، مع تقليص المساعدات وتخصيص توزيعها في «المناطق الإنسانية».

وتزامنت هذه التصريحات مع توجه إسرائيلي لتمديد المرحلة الأولى لـ42 يوماً جديدة، يتم فيها الإفراج عن المزيد من الأسرى الإسرائيليين الأحياء، وهو ما رفضته حركة «حماس»، التي أكدت أنها «مستعدة للانتقال إلى المرحلة الثانية من صفقة التبادل، والتي تتضمّن وقف الحرب». وطالبت «حماس» الوسطاء والضامنين والمجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال للالتزام بدوره بالاتفاق بشكل كامل، والدخول الفوري في المرحلة الثانية من دون أي تلكؤ أو مراوغة. والواقع أن السلوك الإسرائيلي في المرحلة الأولى، أظهر ممارسة أعلى مستويات المراوغة والتنصّل من جوهر ما تم التوافق عليه، وإعاقة دخول المساعدات والبضائع إلى القطاع كواحدة من أبرز أوراق الابتزاز.

ترامب يفوّض إسرائيل بالتصرف بما تراه مناسباً

إذ تلاعب الاحتلال بأعداد الخيام التي سمح بدخولها، وتنصّل بشكل شبه كلي من السماح بإدخال 22 ألف «كرفان» متنقل، كما لم يسمح بعبور الأعداد المتفق عليها من المعدات الثقيلة لإزالة الركام، ومنع إرسال مواد البناء ومعدات صيانة الطرق وشبكات الصرف الصحي، ومعدات الإضاءة وألواح الطاقة الشمسية، وكل متطلّبات الحياة الأساسية، والتي تسمح ببناء حالة من الاستقرار وتوفّر عوامل البقاء، في حين قلّص كميات الوقود، والتي كان من المفترض إدخالها إلى القطاع، من 50 شاحنة يومياً إلى 15 فقط.

ووفقاً لمصدر فصائلي تحدث إلى «الأخبار»، فإن الاحتلال يسمح بدخول البضائع الاستهلاكية، من خضروات وفواكه ولحوم ومواد تموينية، فيما تُخصم شاحنات البضائع التجارية من مجموع شاحنات المساعدات المفترض إدخالها، وتتركز نوعية المساعدات على المواد التموينية والملابس. كما برز أخيراً توجه إسرائيلي لربط كميات المساعدات والبضائع بتقدّم تفاهمات وقف إطلاق النار وصفقة التبادل، ما يعني أن المتطلّبات الحيوية الملزمة إسرائيل بإدخالها بشكل اعتيادي، تخضع للابتزاز والمساومة.

وفي الميدان، تتواصل الخروقات الإسرائيلية، حيث أبلغت وزارة الصحة الفلسطينية، أمس، عن ارتفاع أعداد الشهداء الذين قضوا منذ دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ الشهر الماضي إلى 150، توازياً مع تنصّل إسرائيل من الانسحاب من «محور فلادلفيا»، ما يعني أن تفاهمات المرحلة الأولى أفضت فقط إلى وقف القتل الجماعي، في حين تستمر كل طقوس الحرب وشروطها وأوضاعها المعيشية.

ويُقرأ السلوك الإسرائيلي هذا، على الصعيد المرحلي، على أنه وسيلة للضغط على «حماس» لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين من دون تقديم أي تنازلات جوهرية يمكن للحركة أن تصدّرها كصورة انتصار، ومن دون أن تقدّم حكومة الاحتلال التزاماً حقيقياً بوقف الحرب، يمكن أن يمثّل «القشة» التي تقصم ظهر بعير بقائها. أما في المدى البعيد، فإن ما تقوم به إسرائيل يراد منه أن يؤسس لتحقيق منجزات لم تحقّقها الحرب، من مثل نزع سلاح المقاومة وإبعاد قيادة «حماس» من القطاع، وهو ما ترفض الحركة مجرّد مناقشته.

* الأخبار
You might also like