كل ما يجري من حولك

«المصارعةُ الحرة» لا تنتج حلولاً: قراءاتٌ على هامش زيارة ويتكوف

28

متابعات..| تقرير*

يعتزم مبعوث البيت الأبيض إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، زيارة الشرق الأوسط، الأحد، في أعقاب إرسال إسرائيل وفداً إلى القاهرة لبحث الخطوات التالية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وذلك «على أساس المبادئ التي توافقت عليها واشنطن مع تل أبيب والوسطاء القطريين والمصريين». وخلال حدثٍ أقامته «اللجنة اليهودية – الأميركية» في واشنطن، قال ويتكوف، الثلاثاء، إنّه «في حال سارت تلك المحادثات بشكل جيد، فقد أسافر إلى المنطقة الأحد»، في حين نقل موقع «أكسيوس» عن مصدر أميركي قوله إنّ ويتكوف كان قد أرجأ، لبضعة أيام، رحلته إلى الشرق الأوسط، والهادفة إلى بحث إمكانية تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق، بسبب انشغال الإدارة الأميركية بـ«الجهود الديبلوماسية في شأن روسيا وأوكرانيا».

وأعادت زيارة ويتكوف المرتقبة إلى الشرق الأوسط، إلى الأذهان، زيارة أخرى مماثلة أجراها وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، إلى إسرائيل والسعودية والإمارات، في وقت سابق من الشهر الجاري، وحاول خلالها «تجميل» خطة إدارة دونالد ترامب، والتي تقضي بتهجير سكان غزة، متبنياً، في الوقت عينه، لهجة متشددة ضدّ إيران.

واعتبر الكثير من المراقبين، آنذاك، أنّ روبيو عاد إلى واشنطن بـ«سلة خالية»، على غرار سلفه أنتوني بلينكن، متسائلين عما إذا كانت مثل تلك المناورة الديبلوماسية «الافتتاحية» عبارة عن «إعادة صياغة ذكية» لقواعد اللعبة الديبلوماسية التقليدية، أو مجرد انعكاس لفريق جديد يتولى السياسة الخارجية وهو مرهق من كثرة المهمات، ويعتمد ببساطة على «الارتجال»، وغير مستعد، على الأرجح، لتولي وظيفته في الوقت الحالي. ودفع ذلك بعدد من المحللين إلى التحذير من أنّ ممارسات الإدارة الأميركية الجديدة تخاطر، جدياً، بتفكيك القدرة الأميركية على تشكيل الأحداث والتأثير عليها في الشرق الأوسط، وتوحي بأنّ واشنطن تتبنى خططاً غير واقعية أو صفقات «سيئة»، والأهم، أنها تخاطر بتجدد الحروب «التي هدأت» أخيراً في المنطقة.

تبدو فكرة انضمام سوريا ولبنان إلى «اتفاقيات أبراهام» غير واقعية

وفي هذا السياق، يرد في تقرير نشره «معهد الشرق الأوسط» أنّ بعض المحللين يجادلون بأنّ مواقف ترامب هي، على الأرجح، بمنزلة محاولة لبدء نوع جديد من المحادثات، وكسر النمط المعتمد سابقاً، حتى عندما يكون كل من ترامب وفريقه غير قادرين على تطبيقها بحرفيتها. وعادةً ما يلجأ الرئيس الأميركي إلى الإستراتيجية المشار إليها كمحاولة لكسب النفوذ بوجه الأعداء والأصدقاء، أو تسليط الضوء على ذلك النفوذ، فيما يبدو سجل النتائج التي توصل إليها «مختلطاً»؛ ففي ولايته الأولى، قال ترامب عدداً من الأشياء التي لم تطبق في السياسة الخارجية. وعلى سبيل المثال، لم تدفع المكسيك ثمن الجدار الذي لم يُستكمل على الحدود الجنوبية، ولم تمول السعودية إعادة إعمار أجزاء من سوريا، ولم تأخذ واشنطن نفط العراق أو سوريا.

وطبقاً للمصدر نفسه، يعمد مؤيدو ترامب وموظفوه والمتحدثون في الغرف الإعلامية والفكرية إلى التظاهر بـ«شرح» تصريحات رئيسهم غير الواقعية، كمحاولة لدفع الآخرين «إلى التصرف». ويشبّه أصحاب هذا الرأي النموذج المعتمد داخل فريق ترامب بذاك السائد في برامج «المصارعة الحرة» الترفيهية، أي عندما يكون هناك اتفاق ضمني بين المصارعين المحترفين ومعجبيهم بالتظاهر بأن أحداث المصارعة والقصص والشخصيات، هي حقيقية؛ ومن هنا، يمكن، طبقاً للتقرير، شرح السبب خلف نشر ترامب مقطع الفيديو حول غزة أخيراً، وتصريحاته «المختلطة بشكل مربك» حول الشرق الأوسط، والتي لا تتماشى، غالباً، مع تصرفات فريقه خلف الكواليس.

وإذ نجحت مناورات ترامب، غالباً، في خلق مناقشة جديدة تتيح للآخرين «الخروج من طرق التفكير القديمة»، إلا أنّ المصدر نفسه يتابع أنّه وعلى غرار ما كتب المحلل توماس فريدمان، في مقال رأي في «نيويورك تايمز»، فإنّ خيطاً يكمن ما بين «التفكير من دون صندوق، والتفكير من دون عقل». ومن الأمثلة على ذلك، طبقاً للرأي المتقدم، هو إعلان ويتكوف، هذا الأسبوع، أنه من المحتمل أن تنضم سوريا ولبنان إلى «اتفاقيات أبراهام»؛ ففي حين أن الفكرة المشار إليها تبدو «رائعة» من الناحية النظرية، إلا أنها لا تَظهر أكثر واقعية بأي شكل من الفكرة التي طرحها ترامب، العام الماضي، حول إمكانية انضمام إيران إلى الاتفاقيات المشار إليها، وإقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل.

وإذ يؤيد أصحاب هذا الرأي الحاجة إلى وجود «تفكير إبداعي» وجديد لحل قضايا الشرق الأوسط، إلا أنّه من الضروري «إبقاء أقدامنا على الأرض، فيما نرنو إلى النجوم» بحسب ما يرون، مشيرين إلى أنّه لا يمكن للولايات المتحدة وشركائها التظاهر بأنّه يمكن إصلاح المنطقة عبر «عصف ذهني فضفاض»، على غرار من يلعب «ألعاباً ورقية» كـ«المونوبولي». وفي ما هو أشبه بدعوة إلى «العودة إلى الواقع»، يذكّر معدّو التقرير بأنّ النبأ السيئ في خضم الهدوء النسبي والذي لا يزال قائماً في الشرق الأوسط، هو أنّ الأخير هش وقد ينتهي قريباً، لا سيما في وقت تحاول إسرائيل فيه تغيير شروط اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، بينما تستعد «حماس» لـ«جولة أخرى من الصراع»، حتى لو كانت لا تزال ملتزمة بالاتفاق. كما إن الهجمات التي تشنها إسرائيل على الجنوب السوري توحي بأنّ إمكانية تطبيع العلاقات بين الطرفين «مستبعدة»، فيما لا تزال التوترات بين إسرائيل وحزب الله مرتفعة، «ويمكن أن تتصاعد إلى صراع أكبر».

* الأخبار
You might also like