كل ما يجري من حولك

«منتدى اليمن الدولي» يعترِفُ: هشاشةٌ في «عدن»… مقابل صلابة «صنعاء»

58

متابعات..| تقرير*

لا يخفى أن الاختلالات التي تواجه حكومة عدن، لها جوانب داخلية، وخصوصاً الصراعات المناطقية التي تفتك بالبلد منذ عقود، وتشكّل أزمة بحد ذاتها، وفتيلاً يذكي الصراع، فشل قادة اليمن السابقون والحاليون في نزعه، ويولّد دوماً دوافع للحروب البينية والاقتتال الداخلي. كما لا يخفى أن انشغال تلك الحكومة بمعارك داخلية وصراع على النفوذ، يعمّق من أزمتها ويجعلها أكثر ضعفاً، الأمر الذي يصرفها عن معالجة الانهيار الاقتصادي والخدماتي في البلد.

إلا أن الأكيد أيضاً أن التدخّل الخارجي، وخصوصاً الوصاية السعودية والأميركية على البلد، والتحكّم في تلابيب التركيبة الداخلية للهيكل السياسي القائم، له الدور الرئيسي في حالة الانقسام والتشرذم. لا بل إن المراقبين وبعض السياسيين في حكومة عدن يؤكدون أن القوى الخارجية لها مصلحة في إبقاء اليمن في دوامة الصراع الداخلي، من ضمن مخطّط شامل لتسهيل السيطرة الكاملة على المحافظات الجنوبية، من أجل استغلال ثرواتها من جهة، وتوظيفها لتشكّل تهديداً لحركة «أنصار الله» في صنعاء من جهة أخرى.
والاعتراف بهذه الوقائع لم يعد محصوراً بشخصيات محلية، خصوصاً أن التدخّل الخارجي بات علنياً وفيه عدد من الشواهد وكثير من الاعترافات، وآخرها ما قاله سفير الاتحاد الأوروبي لدى اليمن، غابرييل فينيالس، من أن الأزمة اليمنية أصبحت الآن مرتبطة بصراعات إقليمية أخرى، ما يعقّد جهود السلام. ورأى فينيالس، في ختام «منتدى اليمن الدولي الثالث» في عمان، أن الاستقرار في اليمن يعني استقرار دول مجلس الخليج وباب المندب والبحر الأحمر والملاحة الدولية في قناة السويس.

وبالعودة إلى البُعد الداخلي للأزمة، يجمع مراقبون على أن هذه الأخيرة وصلت إلى حالة الاستعصاء بعد أن فشل رئيس «المجلس الرئاسي»، رشاد العليمي، في الإطاحة برئيس الوزراء، أحمد بن مبارك، رغم بذله جهوداً كبيرة في ذلك، حيث اصطدم بالواقع المعقّد للهيكل السياسي المنبثق عن انقلاب الرياض في نيسان 2022 على الرئيس عبد ربه منصور هادي. على أن الفشل الحكومي ليس جديداً أو طارئاً في الواقع، بل إن المؤسسات الحكومية عاجزة منذ زمن عن القيام بواجباتها، خصوصاً في السنوات الثلاث الماضية، بسبب تركيبة المحاصصة التي تحكم «المجلس الرئاسي»، المكوّن من ثمانية أعضاء يمثّلون الأطراف المكوّنة للحكومات السابقة والحكومة الحالية.
وأجمع الحاضرون في «منتدى اليمن الدولي»، بمن فيهم ممثلون لـ«المجلس الرئاسي» على تعذّر عملية الإصلاح الحكومي، عازين ذلك إلى فشل المجلس في تحقيق عدد من أهدافه منذ إنشائه قبل ثلاث سنوات.

وتوزعت الآراء على الشكل الآتي:
– حصْر العطب بالصراع على الصلاحيات والقصور في العلاقات المتبادلة بين مختلف هيئات السلطة، وتعقيدات في عملية اتخاذ القرار من جانب السلطات.
– الخلل في النظام الداخلي وتجاهل وثيقة «المجلس الرئاسي» المنظمة لعمله، باعتبارها الفيصل في ضبط المسار. وهنا، تمّت المطالبة بالعودة إلى الوثيقة التي لم تنجز المهمات المنصوص عليها فيها.

– رأى ممثلو «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي للإمارات، أن «المجلس الرئاسي» عاجز وفاشل ولم يقدم أي شيء، وأشاروا إلى أنه «لا توجد لدى المجلس أي رؤية للتعامل مع الحوثيين لا سياسياً ولا عسكرياً ولا اقتصادياً». وفي إشارة واضحة إلى التحكم السعودي في إدارة البلد، اعتبر ممثلو «الانتقالي» أن «المجلس» أتى وفقاً لإرادة إقليمية، وأن هذا التدخّل الخارجي تسبّب بفشله وفشل الحكومة. وبرر هؤلاء السيطرة الأمنية لـ«الانتقالي» على بعض محافظات الجنوب بأن أعضاء «الرئاسي» والحكومة لا يريدون العودة إلى عدن.

– ومن جهته، أعرب ممثل حزب «الإصلاح» عن اعتقاده بأن الإشكالية تكمن في عدم استكمال بعض بنود اتفاق الرياض لعام 2019، لافتاً إلى أن الحكومة أكثر حضوراً من غيرها من حيث التواجد على الأرض، بينما «المجلس الرئاسي» شبه متنقل، ومجلس النواب لم يُسمح له بأن يعود ليمارس دوره من داخل اليمن، لا في عدن ولا في غيرها.

– أما حكومة صنعاء، وكما في كل النقاشات المحلية والإقليمية والدولية حول حكومة عدن ومستقبلها، فموجودة دائماً على جدول الأعمال، إن من ناحية استفادتها من الوضع المأزوم للمكوّنات المحلية الموالية للخارج الغربي والخليجي مقابل استقرارها هي السياسي والأمني ونسبياً الاقتصادي، أو من ناحية العجز عن توحيد المكوّنات المناوئة لها في هيكل عسكري يكون قادراً على تنفيذ الإملاءات الخارجية بالتحرّك العسكري ضدها. وفي هذا الإطار، أقر الحاضرون بأن صنعاء تتمتع بقيادة مركزية موحدة، وهو ما يمنحها أفضلية على حكومة عدن.

وفي الخلاصة، ورغم إقرار الحاضرين بفشل كل المحاولات السابقة في توحيد القوى العسكرية، وأن النتائج الإيجابية في هذا الإطار، إن وجدت، فلا ترقى إلى المطلوب، فقد شددوا على ضرورة توحيد القرار العسكري تحت إدارة القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزارة الدفاع ووزارة الداخلية، لمواجهة حكومة صنعاء، باعتبار ذلك أحد الحلول لإخراج «المجلس الرئاسي» من وضعه الحالي.

* الأخبار
You might also like