كل ما يجري من حولك

أسواق غزة.. بضاعة نادرة تُعرَض على الركام

34

متابعات..| تقرير*

بعد 471 يوماً واجه خلالها الغزيون الجوع والحرمان، الذي دفع البعض منهم إلى التضحية بأنفسهم من أجل سدّ جوع أبنائهم، باتت الأسواق الفلسطينية تعجّ بالبضائع الغذائية المختلفة، من دون أن تضع حداً نهائياً لمعاناة أهالي القطاع. وعلى جانبَي الطريق من آخر شارع الجلاء، تتراص بسطات صغيرة تحوي الأجبان والألبان والسكاكر والشوكولاتة، بينما تتربع الخضار والفواكه على العربات، معلنة وجودها بأسعار مخفّضة مقارنة بما كانت عليه خلال أيام الحرب. وبملامح تملؤها السعادة، يتناول محمد أبو ريا (35 عاماً) بعضاً من الخضار والفواكه في يده، ويحمل في يده الأخرى الشوكولاتة والمكسرات، قائلاً في حديثه إلى «الأخبار»: «شيء كنّا نحلم به طوال سنة كاملة من الجوع والحرمان، ما شفنا فيه غير الحشائش في الشتاء، والمعلبات والعدس والمعكرونة في الصيف». ويشير أبو ريا، الأب لستة من الأطفال، إلى أن أسعار الفواكه والخضروات «أصبحت في متناول اليد مقارنة بما كانت عليه خلال الحرب»، آملاً أن تعود الأسعار إلى «وضعها الطبيعي لتناسب الوضع الاقتصادي الذي نعيشه».
أما شيماء الكحلوت (27 عاماً) التي تعيش في خيمة بعدما دمّر الاحتلال الإسرائيلي منزلها وقتل زوجها، فتقول: «الحمد لله، بات الآن في استطاعتي توفير ما لذّ وطاب من الطعام لأطفالي الأيتام، بعدما امتلأت الأسواق بأصناف مختلفة من الأغذية وبأسعار مناسبة نوعاً ما»، مستدركة، في حديثها إلى «الأخبار»، بأنه «رغم انخفاض أسعار الأغذية، إلا أن أسعار الأدوات المنزلية والملابس لا تزال مرتفعة»، معربةً عن أملها في استمرار دخول البضائع بأنواعها المختلفة.
وعلى بعد أمتار من آخر الجلاء، يشهد سوق الشيخ رضوان ازدحاماً كبيراً مقارنة بما كان عليه في أيام حرب الإبادة. ومن أمام أحد الباعة، تصف الطفلة رهف البايض (13 عاماً) حالة السوق بـ«الرائعة والمفرحة». وتقول، في حديثها إلى «الأخبار»، إنها «تجد كل ما اشتهته نفسها خلال الحرب من أندومي وشيبس وشوكولاتة». وتضيف: «كمان اشتريت شبشب بسعر 20 شيكلاً، بعد ما كنا محرومين منهم، واللي كان يباع في وقت الحرب بسعر 70 شيكلاً، بينما الحذاء بـ150 شيكلاً».
ويلفت شريف السعدي، بدوره، إلى أن عدداً من البضائع التي كان يفتقدها خلال الحرب أصبحت متوافرة في الأسواق، «ما ساعده في إدخال البهجة والسرور على أطفاله حينما أحضر لهم الوجبات التي كانوا يتمنونها كالدجاج والأسماك». ويضيف الرجل ذو الـ41 عاماً، في حديثه إلى «الأخبار»، أنه «رغم توافر البضائع، إلا أن أسعارها لا تزال مرتفعة قليلاً. لكنها ليست كما كانت عليه أيام الحرب؛ إذ كانت الأسعار خيالية حينذاك، فمثلاً، سعر البيضة الواحدة وصل إلى 15 شيكلاً، أي إن سعر الكرتونة 450 شيكلاً (ما يعادل 130$)، بينما وصل سعرها قبل أيام إلى 25 شيكلاً وهو ما يعادل 8$». ولا يخفي الرجل تخوفه من عودة الأسعار إلى السابق في حال تجدد القتال مرة أخرى، معرباً عن أمله في استمرار دخول البضائع وعودة أسعارها إلى الوضع الطبيعي.
وفي تعليقه على ذلك، يوضح الخبير الاقتصادي الفلسطيني، محمد أبو قمر، في حديثه إلى «الأخبار»، أن «أساس ارتفاع الأسعار هو الطلب والعرض، وفي حال زاد العرض، بديهياً تنخفض الأسعار، كما هو الوضع في الوقت الحالي». ويوضح أبو قمر أن ما كان يدخل قطاع غزة خلال الحرب، يشكّل ما بين 10 و13% من الشاحنات مقارنة بما كان يدخل قبل الحرب، مضيفاً أن «عدد الشاحنات التي وصلت إلى القطاع خلال الحرب، وصل إلى 40 شاحنة في اليوم، بينما كانت تدخل قبل الحرب 400 شاحنة في اليوم، وهو ما أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير». ويرجع الخبير الاقتصادي الانخفاض الملحوظ في أسعار مواد غذائية معينة، من مثل المقرمشات و«الآندومي»، إلى تدفق كميات كبيرة منها إلى غزة، وكذلك إلى «توقف التجار عن دفع الأموال لمؤسسات التأمين ورجال تنسيق البضائع».
ويلفت، في الوقت نفسه، إلى وجود «نقص كبير في الكثير من السلع، بسبب تعنّت الاحتلال الإسرائيلي في منعها من الدخول إلى القطاع، وعلى رأسها الخيام والأدوات المنزلية والملابس والأحذية، وغيرها من المواد الأساسية التي يحتاجها المواطن»، مبيناً أن عدم تنوع ما يدخل من بضائع «يؤدي إلى عدم التوازن في الأسواق وبقاء أسعار بعض السلع مرتفعة»، مشدداً على ضرورة إدخال السلع الأساسية من أجل تيسير حياة الغزيين. وكان المكتب الإعلامي الحكومي قد أعلن أن ما وصل إلى قطاع غزة، منذ بدء سريان وقف إطلاق النار في التاسع عشر من كانون الثاني الماضي، بلغ 8,500 شاحنة، بينما وصل إلى شمال غزة 2,916 شاحنة بدلاً من 6,000 شاحنة كان مقرراً وصولها، وفقاً للاتفاق.
—–
إنسرت:
ثمة نقص كبير في الكثير من السلع، بسبب منع الاحتلال الإسرائيلي دخولها إلى القطاع

 

* الأخبار البيروتية
You might also like