كل ما يجري من حولك

أمريكا و”إسرائيل”: فلْنعدّل «اتفاق غزة»: نحو مساعٍ لتجريد «حماس» من ورقة قوتها

46

متابعات..| تقرير*

نجحت حركة «حماس» في التأثير على صنّاع القرار في تل أبيب، من خلال اللعب، بشكل مدروس، على الوعي العام الجمعي الإسرائيلي، بعدما كشفت المشاهد الاستعراضية، التي رافقت كل عملية إطلاق للأسرى الإسرائيليين، أنّ الحركة لا تزال تحافظ على قدراتها التنظيمية والعسكرية، على رغم أشهر الحرب الطويلة. وعليه، أصبح الإسرائيليون يرون في مشاهد كل سبت إذلالاً لـ»دولتهم»، ما دفع بحكومة تل أبيب إلى محاولة البحث عن حلول لذلك، وإن من خلال إحداث تعديلات على مراحل الاتفاق، مع السعي للحدّ من الأثمان التي قد تفرضها المقاومة مقابل اختصار المراحل.

وبعدما حوّلت استراتيجية «حماس» الأولويّات الإسرائيلية، ومن خلفها الأميركية، من تحقيق «المزيد من المكاسب»، إلى إيقاف «مشاهد الإذلال وسيطرة (حماس) على قطاع غزة»، حلّت مسألة تعديل الاتفاق، وضرورة الإبقاء، على رأس جدول أعمال وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، خلال زيارته التي بدأت، أول أمس، ابتداءً من تل أبيب، إلى المنطقة. وبعد لقائهما أمس، قال نتنياهو، في مؤتمر صحافي مشترك مع روبيو، إنه ناقش مع زائره «رؤية ترامب الجريئة لمستقبل غزة»، مؤكداً «أننا سنعمل على ضمان تحقيقها». وجدّد القول إن «إسرائيل عازمة على تحقيق أهدافها في حرب غزة»، مكرّراً عزم الكيان على «القضاء على القدرة العسكرية لحماس».

كما كرّر تهديد ترامب بشأن «فتح أبواب الجحيم على غزة إذا لم تطلق حماس جميع المحتجزين»، في حين شدّد روبيو على أنه «لا يمكن أن تستمرّ حماس قوةً عسكريةً أو حكومية، ويجب القضاء عليها». لكن ما لم يقله الرجلان في المؤتمر الصحافي، تكفّلت بكشفه وسائل الإعلام العبرية، إذ قالت «القناة 12» إن «روبيو أوضح لنتنياهو وكبار المسؤولين أن عدم التفاوض ليس خياراً مطروحاً على الإطلاق». وأشارت القناة إلى أن «واشنطن تسعى خلف الكواليس إلى تحقيق تسوية أوسع»، وأن «نتنياهو تراجع تحت الضغط، وقرّر إرسال وفد بصلاحيات محدودة لا تشمل المرحلة الثانية»، إلى القاهرة.

دفعت مشاهد تسليم الأسرى بتل أبيب إلى إعادة النظر في سياسة استعادتهم بـ «التقسيط»

ومما يتضح من تصريحات الرجلين، ومن مجمل المعطيات المرافقة للزيارة، أن إسرائيل قرّرت إعادة النظر في سياسة استعادة أسراها بالتقسيط، والضغط، بمعية أميركية، في اتجاه إطلاق سراح المقرّر الإفراج عنهم في المرحلة الأولى، دفعةً واحدة. ولذا، بعدما كان الجدول الزمني المتّفق عليه يقضي بإطلاق سراح ستة أسرى إسرائيليين لا يزالون على قيد الحياة، على امتداد 14 يوماً، أصبح الضغط الإسرائيلي – الأميركي ينصبّ على ضرورة الإفراج عنهم جميعاً، خلال الأسبوع المقبل. على أنّ السؤال الذي يطرح نفسه حالياً، هو ما إذا كانت «حماس» ستستجيب لتلك الضغوط، وطبيعة الأثمان التي قد تطلبها في المقابل، إلى جانب مدى قدرة إسرائيل على دفع هذه الأثمان، من دون أن تظهر بمظهر الراضخ لإملاءات المقاومة.

وتلوّح إسرائيل، بمباركة وتنسيق أميركييْن كامليْن، انعكسا في إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أنّ بلاده ستدعم أي قرار تتخذه إسرائيل، بإمكانية «العودة إلى القتال»، في حال لم توافق المقاومة على مطالبها، في وقت يرى فيه مراقبون أن تلك التهديدات، شأنها شأن الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة والوسطاء العرب في القاهرة والدوحة، تندرج في إطار ترهيب «حماس» لدفعها إلى التراجع عن مواقفها. ومع ذلك، يبدو أن إسرائيل تحاول الموازنة بين العقوبات والحوافز، لدفع «حماس» إلى الموافقة على مطالبها.

وهي تبحث إمكانية تحقيق أحد السيناريوين التاليين:
– إما تمديد المرحلة الأولى من الصفقة لإطلاق سراح جميع الأسرى الأحياء.
– أو التوصّل إلى مرحلة وسطية تضمن إطلاق سراحهم، على أن يجري الاتفاق عليها قبل البدء في مفاوضات المرحلة الثانية، والتي تفرض على إسرائيل تنفيذ أحد أهمّ التزاماتها، أي الانسحاب شبه الكامل من قطاع غزة.

وعلى أي حال، تطرح الطموحات الإسرائيلية أكثر من علامة استفهام حول مدى جدّية حكومة الاحتلال في الوصول، فعلياً، إلى المرحلة الثانية، ولا سيما أنّه في حال تحقّق أي من السيناريوين المشار إليهما، فإنّ «حماس» ستدخل المرحلة التالية من المفاوضات من دون أي أوراق ضغط وازنة.


مبعوث ترامب: الاتفاق «صامد»

قال المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيفن ويتكوف، أمس، إن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، «ما زال صامداً»، مؤكداً أن «المرحلة الثانية من الاتفاق ستنطلق قريباً». وأعلن ويتكوف، في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز»، أنه أجرى، صباح أمس، اتصالات مع نتنياهو، ورئيس الوزراء القطري، ورئيس المخابرات المصرية، بالإضافة إلى مسؤولين آخرين في المنطقة. وأشار إلى أن هذه الاتصالات كانت «بنّاءة للغاية في ما يتعلّق بترتيبات المرحلة الثانية من اتفاق غزة»، مستدركاً بأن «هذه المرحلة ستكون أكثر تعقيداً نظراً إلى تضمّنها إنهاء الحرب، واستبعاد مشاركة حماس في الحكومة، وخروجها من غزة». وأضاف أن «المحادثات تناولت تسلسل تنفيذ المرحلة الثانية، وتحديد مواقف الأطراف المعنية، بهدف الوصول إلى فهم مشترك للوضع الحالي، ومواصلة المفاوضات هذا الأسبوع في مكان سيتم تحديده، لضمان نجاح هذه المرحلة».
في المقابل، أعلن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلي، أن الأخير أبلغ المبعوث الأميركي، بأن «الكابينت» سيعقد اجتماعاً (اليوم) لبحث المرحلة الثانية من الاتفاق. كما أوعز نتنياهو إلى وفد المفاوضات بالتوجّه إلى القاهرة، لمناقشة استكمال تنفيذ المرحلة الأولى، على أن يتلقّى توجيهاته بشأن المرحلة الثانية بعد اجتماع المجلس الوزاري. وفي هذا الإطار، أشارت التقارير الإعلامية العبرية إلى أن «صلاحيات الوفد المتّجه إلى القاهرة محدودة، حيث سيبحث استمرار المرحلة الأولى للصفقة فقط»، على رغم أن «رؤساء الأجهزة الأمنية طلبوا إرسال وفد لبحث المرحلة الثانية لكنّ نتنياهو رفض». ومع ذلك، قدّرت مصادر سياسية في الكيان أن يُعقد اجتماع رفيع المستوى في قطر خلال الأيام المقبلة لبدء نقاش المرحلة الثانية، فيما ذكرت قناة «i24NEWS» أن «ويتكوف سوف يطرح أفكاراً جديدة للتقدّم بالصفقة، خلال المحادثات مع نتنياهو والوسطاء»، مستدركة بأن «الوسطاء متشائمون، بالنظر إلى أن احتمالات أن توافق حماس على تغيير الاتفاق، ضئيلة».

* الأخبار البيروتية

You might also like