مراهناً على «قوةِ دفع» ترامب.. نتنياهو يتنصّلُ من المرحلة الثانية
متابعات..| تقرير*
باتت مؤشرات تعثُّر اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة واضحة، في ظلّ استمرار رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في تأجيل بدء المفاوضات المتعلقة بالمرحلة الثانية من الاتفاق، والتي كان يفترض أن تنطلق قبل أكثر من أسبوعين، لولا أن نتنياهو قرر تأخير إرسال الوفد الإسرائيلي إلى الدوحة، وعدم منحه تفويضاً بالتوصّل إلى تسويات أو اتّخاذ قرارات حاسمة. ووفقاً لمصادر إسرائيلية، اقتصرت مهمّة الوفد، الذي عاد إلى تل أبيب أمس، على «مناقشة أمور فنية» مرتبطة بالمرحلة الأولى من الاتفاق، وليس التقدُّم نحو مناقشة المرحلة الثانية، كما كان مخطّطاً، وهو ما يثير تساؤلات حول نيّة نتنياهو الحقيقية. وإذ يُرتقب أن تعقد الحكومة الإسرائيلية جلسة خاصة لمناقشة المرحلة الثانية، فمن المتوقع أن يتحدَّد بناءً على نتائج تلك الجلسة المسار الإسرائيلي المقبل والأهداف المبتغاة من وراء عملية التسويف التفاوضية.
وفي هذا الجانب، تشير تسريبات مصادر إسرائيلية مطّلعة، وفق ما يصفها به الإعلام العبري، إلى أن نتنياهو يعمل على «نسف العملية التفاوضية»، وإلقاء اللوم على حركة «حماس». وفي مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز» الأميركية، قال نتنياهو إن الحركة تطالب بشروط «غير مقبولة لأيّ حكومة إسرائيلية»، من مثل الإفراج عن 12 محتجزاً إسرائيليّاً في مقابل فتح معبر رفح، معتبراً أن هناك «عدم تناسب» بين المطالب الفلسطينية والمقابل المعروض على إسرائيل. يأتي ذلك فيما يواجه رئيس الحكومة الإسرائيلية ضغوطاً داخلية كبيرة من أعضاء ائتلافه الحكومي، وآخرها من وزير ماليّته، بتسلئيل سموتريتش، الذي هدّد بالانسحاب من الحكومة، إذا تم التوصّل إلى اتفاق في شأن المرحلة الثانية. ولذا، فإن التسويف، وتظهير إرادة نسف المفاوضات، يمنعان الأخير من المسارعة إلى اتّخاذ مواقف متطرفة، ويمنحان نتنياهو وقتاً لاستيعاب الضغوط وتثبيت استقرار حكومته.
يعتقد بعض المراقبين أن نتنياهو يستغلّ التأخير لدفع «رؤية ترامب» المتعلّقة بتهجير الفلسطينيين من غزة قُدماً
في المقابل، يضع رئيس وزراء العدو، من خلال سلوكه ذاك، «حماس» في موقف دفاعي، مراقباً ردود فعلها، ومتحيّناً الفرصة لإلقاء اللوم عليها والقول إنها هي التي تسبَّبت بإفشال المفاوضات، وهو ما قد يسير لمصلحته. إذ في حال شعور «حماس» بأن إسرائيل لا تنوي الالتزام بمتطلبات المرحلة الثانية، فقد تعيد النظر في التزاماتها المتعلّقة ليس بالمفاوضات الجارية حالياً، بل أيضاً بالتزامات المرحلة الأولى، ما قد يؤدّي تالياً إلى انهيار الاتفاق بالكامل. وبالفعل، حذّرت قطر، أمس، من فرضية كهذه، قائلةً إنه «إذا لم تكن هناك نيّة لدى إسرائيل للمضيّ قُدماً في المرحلة الأولى، فمن الطبيعي أن تعيد حماس النظر في التزاماتها».
وعلى أي حال، يعتقد بعض المراقبين أن نتنياهو يستغلّ التأخير لدفع «رؤية ترامب» المتعلّقة بتهجير الفلسطينيين من غزة قُدماً. ولتحقيق الهدف المتقدّم، سيكون «بيبي» معنيّاً باتّخاذ مواقف وخطوات من شأنها التسبّب بعودة القتال، وبالتالي دفع الفلسطينيين إلى النزوح مجدّداً، في خطوة تراها إسرائيل ضرورية وعملية لتحقيق خطة التهجير، وإلّا فإنها تخاطر بتضييع فرصة مواتية جدّاً، قد يؤدي تصاعد الرفض لها، إقليميّاً ودوليّاً، إلى التراجع عنها. ومع أن هذا التقدير قد يبدو متطرّفاً، إلا أنه ليس مستبعداً في ظلّ السياسات الإسرائيلية الحالية.