شواهدُ بأسِ المقاومة.. مخلّفاتُ العدو في غزة
متابعات..| تقرير*:
حوّلت المقاومة الفسطينية دبابات «ميركافا» (4MK)، فخر الصناعة الإسرائيلية، إلى مجسّمات للصور التذكارية، مع بدء انسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة. فما إن تصل إلى منطقة الصفطاوي، تستقبلك جرافة عسكرية مدمّرة، وأخرى مقلوبة على وجهها، يقف أمامها أبو المعتصم شتات (29 عاماً)، محدثاً صديقه عن ميزاتها التي انهارت أمام عبوات «كتائب القسام». ويقول، لـ«الأخبار»، بينما يشير إلى آلة معدنية كبيرة: «هذه جرافة دي 9 تزن ما يزيد على 10 أطنان، ومصمّمة من أجل تدمير مبانٍ كبيرة وضخمة، إلّا أن عبوات القسام الأرضية، وبتأييد من الله عز وجل، دمرتها». وتتميّز الـ«ميركافا» – وتعني بالعربية «المركبة الحربية» – بمواصفات تجعلها من الدبابات الأكثر تحصيناً في العالم، والأقوى في أرض الحرب.
ويؤكد أبو المعتصم أن جيش الاحتلال لا يترك خلفه عادةً أيّاً من معداته، ولكن يبدو أن «العدو وصل إلى مرحلة عجز فيها حتى عن سحب الدبابات معه»، معتبراً ذلك «دليلاً على انكساره وانهزامه أمام ضربات مجاهدي القسام». ويضيف: «ها نحن على أرضنا وهم مَن رحلوا عنها لأنهم دخلاء عليها، ورغم أن هذه الأرض دُمّرت وجُرّفت، والممتلكات جلّها ذهبت، إلَّا أن ذلك لن يثنينا عن الثبات عليها». ومن جهته، يعبّر السبعيني، أبو زيد المصري، عن سعادته البالغة إزاء ما وصفها بـ«الإنجازات العظيمة للمقاومة»، معتبراً تدمير الأخيرة لدبابات الاحتلال بمنزلة «ثأر لدماء الشهداء والجرحى الذين أصيبوا بقذائفها وطلقاتها القاتلة». ويقول، في حديث إلى «الأخبار»، إن المقاومة استطاعت، بإمكاناتها البسيطة والمتواضعة، أن تدمّر أعتى مقدّرات العدو بإرادتها القويّة. ويتابع: «صمدنا في وجه الآلة الصهيونية وخطّة جنرالاتها التي فشلت بثباتنا على أرضنا وعدم خروجنا منها، رغم الإبادة التي ارتُكبت بحقّنا، وكذلك بسالة مجاهدينا الذين أثخنوا فيهم قتلاً وتدميراً».
يقف عدد من الأطفال على دبابات الاحتلال رافعين شارة النصر
وفي إحدى المدارس في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، يقف عدد من الأطفال على دبابات الاحتلال رافعين شارة النصر، فيما يقفز آخرون من دبابة إلى أخرى بحركات رياضية مميّزة، وتقوم مجموعة ثالثة باستخراج الزيوت من تلك الدبابات لبيعها لأصحاب المركبات العمومية. ويعبّر الطفل مؤيد سالم عن فرحه «بالخردة الإسرائيلية» التي تركها جيش الاحتلال وراءه، قائلاً لـ«الأخبار»: «أشعر بالعزّة والنصر وأنا ألهو وألعب بما استقوى به العدو الصهيوني علينا، وأجبرنا على الرحيل من بيوتنا به». ويضيف: «قبل أيام، كانت هذه الدبابات تدمّر بيوتنا وتحرق أجساد أبناء شعبنا، وها هم اليوم اندحروا عن أرضنا تاركين إيّاها خلفهم، لتصبح عاراً عليهم وفخراً لنا ولمقاومتنا». وتشير الطفلة ماريا الزين، التي كانت تركض خلف صديقاتها اللواتي يختبئن خلف الدبابات المدمّرة، بدورها، إلى إنها تشعر بالامتنان للمجاهدين الذين يضحّون بأنفسهم «من أجلنا، ولولاهم لما عشنا هذه اللحظة مع دباباتهم المدمّرة».
ومن أمام إحدى جرافات الاحتلال الإسرائيلي، والتي خطّ الفلسطينيون عليها عبارات «كتائب القسام، قاهرو العدو، طوفان الأقصى…»، يقول الحاج أبو عبد الله حجي، لـ«الأخبار»: «نحن شعب لا ذنب لنا كي يصيبنا ما أصابنا، من دمار وخراب وحرمان من الأولاد والمأوى»، مستدركاً: «الحمد لله، تصدّينا للاحتلال بكل المقوّمات التي لدينا، بغض النظر عمّا هو موجود لدى المقاومة مقابل ما يمتلكه العدو من إمكانات عسكرية». ويضيف، مشيراً بيده: «لو نظرت إلى الأمام ستشاهدين جرافة مضروبة، وإحدى دبابات العدو، والتي تعتبر أسطورة صناعة الاحتلال العسكري في حالة دمار كامل». وتعبّر لينا العقيلي، من جهتها، عن الفخر بما تشاهده من دبابات متناثرة في أكثر من منطقة في قطاع غزة، إذ تقول، لـ«الأخبار»، إن «تلك المشاهد تدلّل على أن المقاومة قويّة وتستطيع قهر العدو بأقلّ الإمكانات، كما أنها تؤكد ضعف العدو رغم العتاد الكبير الذي يمتلكه». وتبدي حيرتها إزاء عدم سحب الاحتلال آلياته المعطوبة «فيما كان سابقاً لا يترك أثراً لها في غزة»، مناجيةً الله أن «يثبت المجاهدين ويقوّي شوكتهم حتى يتم تحرير كامل ترابنا والعودة إلى فلسطين والمسجد الأقصى فاتحين إن شاء الله».
* الأخبار البيروتية