كل ما يجري من حولك

نحو أول فشل للسياسة الخارجية.. «خبطات» ترامب حول غزة جادَّة

33

متابعات..| تقرير*:

ممّا لا شكّ فيه، أنّ إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن خطته المزعومة لنقل الفلسطينيين من غزة إلى دول مجاورة، مثل مصر والأردن، يزيد من مخاطر انهيار اتفاق وقف إطلاق النار الهش أصلاً بين إسرائيل والمقاومة. ويدفع ذلك بالعديد من المحللين إلى اتهام الرئيس الجمهوري بـ»تجاهل» مخاطر عدم صمود الاتفاق في مرحلة ما بعد تبادل الأسرى، والتأثيرات المحتملة لمثل ذلك السيناريو على ولاية ترامب القادمة، في وقت قد تضغط فيه إسرائيل، غير الراضية عن نتائج «إبادتها»، في اتجاه استكمال عدوانها مستقبلاً.

وحتى اللحظة، بدت حكومة الاحتلال حريصة على تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق؛ إذ أفاد موقع «أكسيوس» نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين، بأنّه مع تصاعد الأزمة، السبت، بين الطرفين حول أحد الأسرى الإسرائيليين، طلبت حكومة نتنياهو من مبعوث ترامب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، التدخل لدى الوسطاء القطريين والمصريين للضغط على «حماس» للالتزام بالاتفاق، قبل أن يتحدث الأخير مع رئيس وزراء قطر ويضغط عليه لحل المشكلة. على أنّ «القلق» لا يزال يحيط بالمراحل المستقبلية من الاتفاق، ومدى نية إسرائيل وترامب استئنافه.

وتستند المخاوف المشار إليها، بشكل رئيسيّ، إلى «وضع حماس» ما بعد الهدنة؛ إذ إنّه طبقاً لتقرير نشرته مجلة «فورين بوليسي» أخيراً، فقد أتاح اتفاق وقف إطلاق النار لـ»حماس» الظهور فوق الأرض بـ»جرأة ووقاحة»، وإرسال شرطتها لحفظ الأمن، والموظفين إلى وزاراتها، وصرف رواتبهم، جنباً إلى جنب استئناف تقديم الخدمات وتوزيع المساعدات الإنسانية. كذلك، تشير التقارير الأخيرة إلى أن «حماس»، ومهما «بلغت من الضعف»، لا تزال «راسخة بعمق» في القطاع، ما يعني أنّ إحكام قبضتها على السلطة سيؤدي إلى «خلق تحديات لأي وقف دائم لإطلاق النار». وطبقاً للمصدر نفسه، وفي حال انهيار وقف إطلاق النار، ستظل المقاومة في غزة قادرة، في الحد الأدنى، على إلحاق إصابات بأي قوات إسرائيلية تعود إل القطاع. أمّا في حال «نجا» الاتفاق، فإن «حماس» تخطط لممارسة نفوذ كبير في «اليوم التالي» الذي كثر الحديث عنه. ونظراً إلى ضعف السلطة الفلسطينية الفاسدة، ورفض الحكومة الإسرائيلية الواضح تحديد خططها لما بعد الحرب في غزة، فمن المرجح، بحسب «فورين بوليسي»، أن تحكم «حماس» القطاع تلقائياً.

مع غياب أيّ خطط لـ «اليوم التالي» في غزة، من المرجّح أن تحكم «حماس» القطاع «تلقائياً»

وفي حين أنّ ترامب أوصل رسالة واضحة إلى إسرائيل وسائر دول العالم، مفادها أنّه لا يريد أن تشكّل الحرب الإسرائيلية مشكلة مبكرة في عهده، إلا أنّ السؤال المطروح حالياً يتمحور حول مدى اهتمام الرئيس الحالي بالاتفاق. إذ إنّه، على عكس عدد من أعضاء فريقه، يبدو غير مستعد لبذل الجهود الكافية للحفاظ عليه، وهو قادر، في أي لحظة، على أن يدير ظهره له ويلقي باللوم على انهياره على «حماس»، وإذا لزم الأمر، على إسرائيل. أضف إلى ذلك، أنّ لدى ترامب أجندة ضخمة، ومن غير المرجح أن تكون قضية غزة على رأسها، على الرغم من أنّ الأخيرة ستكون بمثابة أول «اختبار» لسياسته الخارجية، والتي لا يجب أن «يفشل» فيها.

الضفة مقابل غزة؟
توازياً مع ذلك، يرجح مراقبون أنّ العملية الواسعة النطاق في جنين، والتي قد تتوسع لتشمل مساحة أكبر من شمال الضفة الغربية، ترتبط جزئياً بالحاجة إلى تهدئة أعضاء تحالف نتنياهو اليميني، والذين عارضوا صفقة التبادل، لكنهم رأوا في انتصار ترامب فرصة «لتطبيق السيادة الإسرائيلية» على الضفة الغربية. من هنا، يخاطر أي «انفجار خطير» محتمل في الضفة بعرقلة الاتفاق من الجانبين، فيما من المرجح أن تزيد السياسة الإسرائيلية المتطرفة من ضغوطها في اتجاه استئناف الحرب، خلال المضيّ قدماً في الصفقة. إلى ذلك، تحدثت بعض المصادر عن وجود رسالة أميركية تمنح إسرائيل «حرية استئناف حربها»، في حال عدم التزام «حماس» بالاتفاق حتى النهاية.
من جهته، يشير موقع «ذا كونفرسيشن» الأميركي إلى أنّه فيما يبقى من غير المؤكد ما إذا كانت تصريحات ترامب تعكس الموقف الرسمي للسياسة الأميركية، أو مجرد محطة من المحطات التي يعمد ترامب خلالها إلى «التعبير عن أفكاره»، إلا أنّ من الواضح أنّ تصريحه الأخير سيزيد من تعقيدات اتفاق وقف إطلاق النار.
وفي حين أنّ تطبيع العلاقات مع السعودية سيشكل، بالنسبة إلى إسرائيل، «انتصاراً دبلوماسياً كبيراً»، سيكون لواشنطن دور حاسم فيه، ولا سيما في ما يتعلق بإغراء الرياض بـ»الحوافز»، إلا أنّ الأخيرة تشترط جملة من الخطوات الملموسة للتوصل إلى مثل ذلك الاتفاق. وفي حال اتخاذ «مناورة» ترامب الأخيرة طابعاً رسمياً، فهي ستقضي على أيّ بداية محتملة للمسار المشار إليه.

* الأخبار البيروتية

You might also like