كل ما يجري من حولك

الأوامرُ التنفيذية لترامب: حروبٌ من نوع آخر

22

متابعات..| تقرير*:

دخل الرئيس الاميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض للمرة الثانية بعد 4 سنوات شهد العالم خلالها تحولات دراماتيكية كبيرة، فرضت تداعياتها على الساحة الدولية وأثرت بشكل رئيسي على اعادة ترتيب أولويات سياسته الخارجية.  وتطبيقاً لبرنامجه الانتخابي الذي رفع شعار “أميركا أولاً”، وقع ترامب فور وصوله عدداً من الأوامر التنفيذية، التي ستحدث تحولاً واضحاً في سياسة واشنطن، والتي ينسف فيها أخرى، كان قد اتخذها سلفه جو بايدن.

 والأوامر التنفيذية هي توجيهات يصدرها الرئيس دون الحاجة إلى استشارة الكونغرس، المسؤول عن تمرير القوانين العادية. يمكن للرئيس التحايل على مجلسي النواب والشيوخ من خلال إصدار تعليماته الخاصة مباشرة إلى المسؤولين الفيدراليين. في حين، وكما هي العادة، قد لا تصل كل قراراته التنفيذية إلى نقطة التطبيق. سيتم الطعن في بعض الأوامر التي سيوقعها في المحكمة وسيكون البعض الآخر رمزيّاً، أو قد يسقطها الرئيس القادم كما سيفعل ترامب نفسه ببعض القرارات التي اتخذها سلفه. ومما لا شك فيه، أن ترامب ومن خلال الاسراع إلى المضي قدماً في توقيع هذا الكم الهائل من القرارات، يحاول البدء في الوفاء بوعوده الانتخابية والخطوات الأولية نحو كسر ما يعتبره هو ومساعدوه جهداً “للدولة العميقة لاحباط أجندته”.

وكان أول أمر تنفيذي وقعه ترامب هو إلغاء 78 لائحة وضعها سلفه جو بايدن. فيما تضمنت التوجيهات الأخرى الموقعة في Capitol One Arena أمراً لجميع الإدارات والوكالات الفيدرالية لمعالجة أزمة تكلفة المعيشة بالإضافة إلى أمر بوقف الرقابة الحكومية.

من ناحية أخرى، لا تنذر كل تلك الأوامر التنفيذية الصادرة، أن تحولاً سريعاً سيبدأ بالظهور خلال الساعات القادمة، فالانسحاب من منظمة الصحة العالمية، على سبيل المثال، سيستغرق عاماً واحداً حتى يدخل حيز التنفيذ. فيما قد تحدث بعض الأشياء في اليوم الأول، لكن الكثير من الأوامر التنفيذية، ستمر بفترة من الدراسة والمراجعة والإجراءات الإدارية الأخرى.

وعلى الرغم من تصريحاته المتكررة حول عدم نيته خوض حروب، بل اقفال ملف الحروب ساعياً للحصول على جائزة نوبل للسلام، أثارت مواقفه من ملفات أخرى الجدل، وهي بنفسها يمكن أن تكون اعلان حرب من نوع آخر.

في حديثه في المكتب البيضاوي، استهدف ترامب “الاختلالات التجارية” مع الاتحاد الأوروبي أيضا، قائلاً إنه لا يستورد ما يكفي من المنتجات الأميركية. وأضاف أنه “سيصحح ذلك” باستخدام الرسوم الجمركية أو من خلال الحث على المزيد من مشتريات النفط والغاز من الكتلة.

مفوضة الاقتصاد في الاتحاد الأوروبي ردت بأنها مستعدة للدفاع عن مصالحها، بينما قالت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي من جهتها، إن أوتاوا ستعمل على ضمان استعدادها للرد على أي إجراءات. كما كرر ترامب خطته لإنشاء “دائرة الإيرادات الخارجية” لتحصيل التعريفات والرسوم والإيرادات.

في خطاب تنصيبه، كرر ترامب أيضاً شكواه من أن الصين كانت “تدير” قناة بنما بشكل فعال من خلال وجودها المتزايد حول الممر المائي الحيوي، الذي سلمته الولايات المتحدة في نهاية عام 1999. وقال بعد أداء اليمين داخل مبنى الكابيتول “لم نعطيها للصين، لقد أعطيناها لبنما. ونحن نستعيدها”. ويزيد ترامب الضغط منذ أسابيع بشأن القناة التي تمر عبرها 40% من حركة الحاويات الأمريكية ورفض مراراً استبعاد استخدام القوة العسكرية ضد بنما الصديقة تاريخياً لواشنطن.

روسيا، كما غزة، تأتي في أولويات ترامب، الذي يحاول التوصل لانهاء الحرب فيها. وأكد سيلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقال إن نظيره في موسكو “يدمر روسيا” بعدم إبرام اتفاق لإنهاء الحرب.

هذه الملفات اضافة لفرض عقوبات على إيران والصين وعدد من الدول الأخرى، كما الانسحاب من منظمة الصحة العالمية واتفاقيات المناخ، واطلاق العنان لانتاج النفط، ومحاصرة المهاجرين بقرارات محكمة، تأتي كلها من خلفية أن الرئيس الذي يسكن البيت الابيض ليس اعتيادياً.

وقد سلطت الصحف الاميركية الضوء مشهد من شأنه أن يعطي صورة لما قد تكون عليه المرحلة المقبلة، أي بطريقة يصعب التنبؤ بها، من خلال القول بأن رؤية رئيس أميركي يوقع على أعداد كبيرة من العفو في أول يوم له في منصبه هو مشهد نادر. لأنه عادة ما ينظر إلى العفو على أنه شيء يحدث في نهاية الإدارة… لكن بالنسبة للرئيس ترامب، إذا كنت تهتم بالحملة ولكل ما قيل منذ الانتخابات، فليس من المستغرب أن يكون العفو جزءاً من جدول أعمال اليوم الأول. لأنه كان جزءاً كبيراً من الأساس المنطقي لسبب ترشحه للمنصب مرة أخرى”.

* الخنادق

You might also like