كل ما يجري من حولك

نهاية كوابيس الغزيين: شرطةُ في المدن… وتفكيكُ «نتساريم»

22

متابعات..| تقرير*:

يتوسّط شرطي مرور بزيّه الرسمي مفترق السراي في وسط مدينة غزة، في حين يقوم قائد قوى الأمن الداخلي بجولة ميدانية لتفقّد العناصر الأمنيين الذين أعادوا انتشارهم في المدينة، صباح أمس. كانت تلك، الصورة الثانية التي صدّرها قطاع غزة بعد مشهدية تسليم الأسيرات الإسرائيليات الثلاث في اليوم السابق، في ما بدا وكأنه شكل اليوم التالي للحرب. صحيح أن عناصر الشرطة لم يكونوا في أحسن أحوالهم لجهة الإمكانات والمقدّرات، لكنّ هذا الظهور الرسمي الأول منذ 15 شهراً، أشاع أجواء من الطمأنينة بين الأهالي الذين عاشوا طوال الأشهر الماضية كوابيس المخطّطات الإسرائيلية، من مثل مخطط حكم العشائر والفقاعات الإنسانية، ثم توكيل مهمة توزيع المساعدات إلى المرتزقة، وصولاً إلى الحديث عن حكم عسكري ومدني لجيش الاحتلال.

ما تقوله غزة بأن اليوم التالي للحرب كان فلسطينياً كما أرادت المقاومة وقرّرت، علماً أن مسؤول قوى الأمن الداخلي، اللواء محمود أبو وطفة، أكّد أن «مهمة هذا الانتشار هي التأكيد أن القوى الأمنية تؤدي دورها الوطني والأخلاقي في الوقوف إلى جانب أبناء شعبنا وعدم ترك الميدان للفوضى والفراغ»، مضيفاً في حديث إلى «الأخبار»، «أننا خلال الحرب كنا قد شكّلنا خلية أزمة، لمتابعة سير شؤون الناس بما سمح به الوضع الأمني، ودفعنا المئات من الشهداء من كوادرنا أثناء مهمات ضبط الأمن وتأمين المساعدات. واليوم دورنا أن نرد الجميل إلى أبناء شعبنا الذين صبروا وقدّموا كل ما يملكون». وظهر اللواء أبو وطفة وسط المدينة، وهو يوجّه التعليمات إلى ضباط جهاز الشرطة وجنوده بالمحافظة على أملاك الأهالي وفرض القانون والنظام وتنظيم حركة السير وتجهيز الأوضاع لاستقبال النازحين في جنوب القطاع.

بدء تفكيك مواقع جيش الاحتلال في محور «نتساريم» وتنكيس علم الاحتلال

أما الصورة الثانية من المشهد، فكانت في محور «نتساريم»، الشوكة التي وضعها جيش العدو في حلوق الغزيين طوال الحرب، والتي قسمت القطاع، وفرّقت العائلات. لا بل إن المخطط الذي وضعته حكومة الاحتلال منذ بداية الحرب، كان من المفترض أن يفضي إلى تحويل الحاجز الذي يتوسط غزة إلى الحدود الشمالية للقطاع، ما يعني تفريغ الشمال والبلدة القديمة والمدينة وأحيائها من بيت حانون وحتى وادي غزة من سكانها. ومارس إعلام الاحتلال أعلى مستويات الضغط والتنكيل النفسي بالأهالي من خلال نشر المئات من التقارير والأخبار ذات التأثير المعنوي القاسي، بما فيها الحديث عن الوجود الدائم في القطاع، وعدم السماح بعودة أهالي الشمال نهائياً. وحينما تمّ تداول أول صورة لبدء تفكيك مواقع جيش العدو في محور «نتساريم»، ثم تنكيس علم كيانه الكبير، وما ترافق معه من تعليق أحد الجنود الإسرائيليين، بقوله: «يا للعار… نحن نفكّك نتساريم ونُسقط علمنا»، كان المفعول النفسي للحدث الذي يمهّد لعودة النازحين المرتقبة السبت المقبل، يشبه ما يفعله شرب الماء البارد بعد ظمأ المسير في الصحراء لأشهر طويلة. هكذا، تنفّس الغزيون الصعداء أخيراً.

ووسط ذلك كله، بدأت الهموم الكبيرة والأسئلة الصعبة: البحث عن مكان للسكن والمبيت، خصوصاً أن أكثر من مليون نازح سيعودون في غضون سبعة أيام إلى بيوت مدمّرة تماماً، بينما لا تبدو استجابة الإغاثة متناسبة مع حجم الكارثة، حيث لا منازل جاهزة ولا خيام وصلت حتى اللحظة، كما أن عملية إزالة الركام من أحياء شمال غزة مثلاً، بحاجة إلى مقدّرات شركات مقاولات دولية كبرى، تتجاوز كل ما تبقّى في القطاع من إمكانات، ولا سيما أن الاحتلال تعمّد تدمير البنية التحتية بشكل كلي، وكل المقدّرات الخاصة بالبلديات والأجهزة الخدماتية وحتى الشركات الخاصة.

* الأخبار الييروتية
You might also like