كل ما يجري من حولك

خطّةُ تقسيم سوريّة وُضِعَتْ بالعام 1968.. أُمنيةُ “إسرائيل” تقسيمها إلى هذه الدويلات

37

متابعات..|

كشف الكاتب والمحلل السياسيّ الأبرز في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، ناحوم برنياع، أنّ أمنية إسرائيل هي رؤية سوريّة مقسمة إلى بضعة جيوب، الأكراد في الشمال الشرقي، والدروز في الجنوب، والعلويين في الشمال الغربي.

وأضاف برنياع أنّ الجنرال يغئال ألون اقترح بعد حرب 1967 تشجيع الدروز في جبل الدروز على إقامة دولةٍ خاصّةٍ بهم، ترتبط بالجيب الدرزيّ.

ويبدو أنّ الدروز هم المرشحون الأقوى للانقسام، بحسب برنياع، الذي يزعم أنّ الدروز دومًا منقسمون فيما بينهم، يوجد دروز يتطلعون للمساعدة والحماية من إسرائيل، ويوجد من يبتعدون عنها كالنار.

بالنسبة للأكراد، فإنّهم يتطلعون بحسب زعم برنياع إلى مساعدةٍ إسرائيليّةٍ في وجه تركيّا.

ورأى برنياع أنّه “يوجد شرق أوسط جديد، لكن أحدًا لا يعرف ماذا ستكون عليه طبيعته، وماذا سيكون مكان إسرائيل فيه وماذا ستكون احتياجاتها الأمنية“، على حدّ تعبيره.

وأقّر برنياع أنّ دولة الاحتلال راضية عن انهيار النظام في سوريّة ومن تداعياته على لبنان وعلى المنطقة كلها، لكنها قلقة من تثبيت النظام الجديد.

ومضى المُحلِّل الإسرائيليّ قائلاً إنّ “مغازلات الجولاني، رئيس النظام الجديد، لحكوماتٍ غربيّةٍ، وتصريحاته المعتدلة تجاه إسرائيل لا تهدئ روع أحد. تعلمنا في 7 أكتوبر أنّ النوايا ليست مهمة، المهم هو القدرات. وقال لي مصدرٌ عسكريٌّ: تصور أنّه مثلما نزل نحو 60 ألف جهادي من إدلب إلى حمص ومن هناك إلى دمشق سينزل 60 ألف جهادي من دمشق ومن هناك إلى هضبة الجولان”.

يُشار في هذا السياق إلى أنّ كتابًا إسرائيليًّا جديدًا يحمل عنوان سدر النحاس (تس نحوشت) للمؤرخ الإسرائيليّ د. شمعون افيفي ألقى الضوء بالوثائق والصور عن خطة إسرائيل في أواخر سنوات الستينيات لإقامة (دويلةٍ درزيّةٍ) عازلةٍ بين سوريّة وإسرائيل، ومحاولة الكيان بثّ الفتن والمؤامرات في جبل العرب الذي تسكنه الغالبية من طائفة الموحّدين (الدروز) من اجل تهيئة الأجواء لإسرائيل بإعلان الدولة المقترحة.

واستذكر المؤلف مراسلات وزير العمل الإسرائيليّ يغال ألون مع رئيس الوزراء الإسرائيليّ، ليفي اشكول بعد شهريْن من عدوان 67، حيث تلخصّت فكرة ألون في استغلال قرب جبل العرب الجغرافيّ من الجولان المحتل الذي يبعد حوالي 40 كلم، وحث الـ “شعب الدرزيّ” هناك على رفض الحكم السوريّ وإعلان التمرد عليه.

اشكول اقتنع بفكرة ألون، وبحسب مؤلف الكتاب، تبلورت بشكلٍ نهائيٍّ بعد أجواء التوتر التي سادت إعدام الضابط السوري سليم حاطوم واتهامه بالخيانة العظمى ومحاولة قلب نظام الحكم، إضافة إلى إقصاء عدد من الضباط الدروز عن مهامهم العسكرية واعتقال آخرين كجزءٍ من الصراع السياسيّ على السلطة الذي شهدته سوريّة في زمن الانقلابات العسكرية قبل الـ 1970، عندما وصل حافظ الأسد إلى الحكم.

وقد قال ألون في حينه لرئيس الوزراء إشكول، كما جاء في كتاب المؤرّخ الإسرائيليّ، إنّ خصوصية الطائفة الدرزيّة وعددها والمكان الجغرافيّ التي تعيش فيه تجعلها قادرة على إعلان التمرد من اجل إقامة دولة درزيّة تضم الجبل والجولان والجليل وأجزاء من جنوب الليطاني في لبنان، واقترح آلون أنْ تقوم إسرائيل بتقديم المساعدة العسكريّة والماليّة والسياسيّة لهم، وهذه الدولة، أضاف آلون، نجعلها تعترف بوجود دولة إسرائيل وشرعيتها.

وتابع المؤلّف قائلاً، استنادًا للوثائق الإسرائيليّة التي كانت سريّة، إنّ رئيس الوزراء ليفي اشكول قد أرسل رسالة جوابيّة إلى ألون بعد ثلاثة أيام جاء فيها أنّ هذا الموضوع قيد الدراسة الجديّة، وأنّ الفكرة تطرح الآن من قبل قادة وضباط الجيش مع بعض الوجهاء المحليين في القرى التي بقيت في الجولان بعد الحرب، على حدّ تعبيره.

وكشف المؤلّف عن أنّ قسم الشرق الأوسط في الخارجية الإسرائيليّة أبدى تخوفات وشكوك في قدرة الجيش الإسرائيليّ الحديث في التغلب على الجيوش العربيّة، ولهذا يجب أنْ نجد شركاء وحلفاء محليين داخل تلك الدول لاستبدال وخلخلة النظم الحاكمة، وتابع: “في رسالة تمّ توجيهها إلى رئيس قسم الشرق الأوسط الياهو ساسون في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 1968 كُتب فيها أنّ تمردًا كهذا سيكون بمثابة سكين سام يُوجَه في ظهر الدول العربية التي تحاربنا”، إضافة إلى أنّ “ضعضعة النظام في سوريّة ستُخفف من الضغط العسكريّ على إسرائيل”.

وكشف المؤرّخ في كتابه أيضًا عن أنّ وزير الخارجية الإسرائيليّ آنذاك موشيه شاريت رفض الفكرة بسبب تكاليف هذه التجهيزات، وقدّم اقتراحًا إلى رئيس الوزراء بن غوريون في أب (أغسطس) 1968 بأنْ تعمل إسرائيل على تدريب سكان محليين داخل إسرائيل قبل البدء بأي تحرك، إلا أنّه رفض الدخول في مغامراتٍ جديدةٍ، وقال إنّ ما يجب أنْ يقوموا به أولئك المحليين هو الهروب من هنا، على حدّ تعبيره.

على صلةٍ بما سلف، تساءل مركز أبحاث الأمن القوميّ، التابع لجامعة تل أبيب هل يسعى الأردن ليكون اللاعب المحوري في مواجهة سوريّة الجديدة؟ وتابع: “إنّ الأردن وإسرائيل سيتقاسمان مصالح مشتركة مماثلة في الساحة السورية: تحقيق الاستقرار الأمني في المثلث الحدودي في جنوب سوريّة، وإحباط النشاط الإرهابيّ من الأراضي السورية، ووقف تهريب المخدرات الذي يرهق الجيش الأردنيّ ويصرفه عن المهام الأمنية الجارية، بما في ذلك على الحدود الإسرائيلية، ووقف تهريب الأسلحة من سوريّة إلى الأردن في طريقها إلى العناصر الإرهابيّة الأردنيّة والفلسطينيّة، ومنع الهيمنة التركيّة أو الإيرانيّة في سوريّة، وتشكيل نظامٍ سياسيٍّ جديدٍ في سوريّة يكون ودودًا تجاه جيرانه، ومتسامحًا مع الأقليات المحمية في ظلّه، وخاصةً الأكراد والدروز، وخاليًا من الهيمنة الإسلاميّة، وتعزيز الاتصال والتكامل الإقليميّ في مجالات الاقتصاد والنقل والطاقة”، على حدّ تعبير ورقة البحث التي أصدرها.

You might also like