كل ما يجري من حولك

رام الله تواصلُ تعنُّتَها: وحدَنا مَن يديرُ القطاعَ

28

متابعات..| تقرير*:

التزمت السلطة الفلسطينية الصمت إزاء الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، إذ لم يصدر عنها أيّ موقف أو بيان في هذا الشأن، بخلاف العديد من دول العالم. ومرد ذلك، كما يبدو، إلى حالة الانزعاج التي تعتري رام الله، بسبب استبعادها من عملية التفاوض، وفي ظلّ عدم وضوح ما إذا كانت ستلعب دوراً ما في مستقبل غزة. وفيما يَظهر أن آمالها بدور في «اليوم التالي» قد تبخّرت، فهي لم تشارك أو تطّلع على تفاصيل الاتفاق الذي تمّ التوصّل إليه، كما لم تكن حاضرة في نتائجه.

وعلى مدى العام الماضي، حثّت الإدارة الأميركية، السلطة الفلسطينية، وضغطت عليها لاحتواء أيّ موقف مساند لقطاع غزة، وعدم السماح بتفجّر ساحة الضفة، في مقابل أن تُمنح دوراً في إدارة غزة ما بعد الحرب. لكنّ السلطة تجد نفسها اليوم صفر اليدين، بل إن الامتعاض والغضب إزاءها يتعاظمان شعبيّاً أكثر من أيّ وقت مضى، ليس فقط بسبب موقفها من الحرب في غزة، بل أيضاً على خلفية الوضع في الضفة الغربية، وتحديداً الحملة الأمنية التي تشنّها في جنين، منذ ما يزيد على شهر.

وكان رئيس الحكومة الفلسطينية، محمد مصطفى، المقرّب من محمود عباس، استبق الإعلان عن الصفقة، بالقول إن «السلطة الفلسطينية هي الجهة الشرعية الوحيدة التي يجب أن تدير قطاع غزة بعد انتهاء الحرب»، مضيفاً: «بينما ننتظر وقف إطلاق النار، من المهمّ التأكيد أنه لن يكون مقبولاً لأيّ كيان آخر أن يحكم قطاع غزة غير القيادة الفلسطينية الشرعية وحكومة دولة فلسطين». وشدّد مصطفى على ضرورة ألّا تكون هناك محاولة لفصل غزة عن الضفة، مؤكداً أن السلطة مستعدّة لتحمُّل مسؤولياتها في القطاع، بما في ذلك تقديم الخدمات العامة وإعادة الإعمار وتنشيط الاقتصاد.

والموقف الذي أطلقه مصطفى في مؤتمر دولي في النرويج، بدا موجّهاً إلى المجتمع الدولي للوقوف على التزاماته في شأن تفعيل العملية السياسية، والسير بحل الدولتين والذي يتطلّب سيطرة السلطة على قطاع غزة والضفة الغربية. لكن ما صرّح به مستشار عباس للشؤون الدينية، محمود الهباش، قبل أيام، كان أقرب إلى الموقف الحقيقي للسلطة من الاتفاق، إذ هاجم، في مقابلة مع قناة «الحدث»، الصفقة التي وصفها بـ»السخيفة» حتى قبل الإعلان عن ماهيتها، معتبراً أن السلطة هي الجهة الوحيدة المخوّلة بإدارة قطاع غزة، «لكنّ حماس وإسرائيل اتّفقتا على إبعادها عنه».

لا تبدو الضفة بعيدة من حسابات نتنياهو في اتفاق صفقة التبادل

ويبدو أن طموحات السلطة إلى حكم قطاع غزة قد اصطدمت بجدار الفشل الإسرائيلي في إنجاز القضاء على «حماس»، ورغبة الإدارة الأميركية الجديدة في التوصّل إلى اتفاق ينهي الحرب بشكل عاجل قبل وصول دونالد ترامب إلى الحكم، وأيضاً رفض السلطة نفسها تشكيل لجنة مشتركة مع «حماس» لإدارة القطاع بعد انتهاء الحرب، و»إصرارها على إدارته بمفردها». وهكذا، حدّ اتفاق وقف إطلاق النار من خيارات رام الله، بعدما فشلت المحادثات التي أجرتها مع إدارة ترامب، حول الموضوع، وفق ما كشفت عنه قناة «كان» العبرية، نقلاً عن مصادر مصرية مطّلعة.

وعلى رغم استنفار أجهزة السلطة الأمنية في مراكز مدن الضفة الغربية، فقد شهدت مدن وبلدات عدة احتفالات عارمة عقب الإعلان عن التوصّل إلى الاتفاق، وسط هتافات تؤيّد خيار المقاومة. وعمّت الفرحة أرجاء نابلس، حيث انطلقت الاحتفالات في وسط المدينة، بالإضافة إلى مسيرة مركبات في بلدة عقربا جنوبها، واحتفالات في بلدة حوارة. كما خرج الفلسطينيون في وسط رام الله وهم يرددون شعارات مثل: «يرحم روحك يا سنوار»، و»كل بلادي مع حماس»، بينما شهدت قرى دير جرير وبلدة سلواد مسيرات عبّرت عن التضامن مع غزة وصمودها. وشهدت مدينة يطا جنوب الخليل، هي الأخرى، مسيرات عقب الإعلان عن الاتفاق، على رغم انتشار قوات أمن السلطة في المدينة ومنعها الاحتفال. وفي القدس، علت أصوات التكبير من مساجد مخيم شعفاط، في حين شهدت بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى احتفالات واسعة، عبّر فيها الأهالي عن دعمهم لصمود غزة وانتصار مقاومتها. أمّا في مخيم جنين، الذي تحاصره السلطة منذ 43 يوماً، واستشهد 6 أشخاص في قصف جوي أول أمس، فقد ارتفعت التكبيرات من المساجد والشوارع المظلمة، بينما خرجت للاحتفاء بوقف إطلاق النار.

ولا تبدو الضفة بعيدة من حسابات نتنياهو في اتفاق صفقة التبادل، حيث كشفت المصادر العبرية أن رئيس الحكومة عرض على وزيرَي المالية بتسلئيل سموتريتش، والأمن القومي إيتمار بن غفير، توسيع الاستيطان في الضفة، في مقابل عدم الانسحاب من الائتلاف الحاكم في حال أُبرمت صفقة التبادل. ويدرك الفلسطينيون أن إسرائيل ستتفرّغ بعد غزة، للضفة الغربية، حيث يرتقب تكثيف المخطّطات الاستيطانية ومصادرة الأراضي، إرضاءً لليمين المتطرّف. وممّا يعزّز مخاوف الفلسطينيين إزاء سيناريوات ضمّ الضفة، وصول ترامب إلى البيت الأبيض، واحتمال موافقته على خطط إسرائيل، علماً أنه كان قد صرّح في السابق بضرورة أن توسّع إسرائيل مساحتها الجغرافية.

* الأخبار اللبنانية.

شهدت مدن وبلدات عدة احتفالات عارمة عقب الإعلان عن التوصّل إلى الاتفاق (أ ف ب)

You might also like