كل ما يجري من حولك

نموذجٌ إسلامي متشدّد بلا اعتدال: النشاط «الدعوي» في سوريا

31

متابعات..| تقرير*:

رغم تأكيدات الإدارة السورية الجديدة على إقامة نظام حكم يشمل شرائح المجتمع السوري على اختلافها، ويحترم تنوعها المذهبي، ويراعي عاداتها وتقاليدها، إلا أنّ بعض الممارسات التي لم تألفها الشوارع السورية من قبل، باتت توحي بأنّ ما قالته الإدارة لن يخرج من إطار الوعود، وما سيجري على الأرض هو محاولة فرضٍ لنموذج إسلامي متشدد، لا اعتدال فيه!.

ما يدفع السوريين إلى هذا الظن هو مشاهداتهم اليومية الموثقة بالصور والمقاطع المصورة، فمن شاب يقوم بتوزيع كتب في منطقة الحلبوني في مدينة دمشق، بهدف نشر القيم الإسلامية الأخلاقية، إلى إلصاق أوراق دعوية تحث على الحجاب الشرعي في حي القصاع الدمشقي، وصولاً إلى توزيع كتيبات لتوضيح طريقة ارتداء الحجاب الصحيحة في حلب، على السنّة والمسيحيين الذي يشكلون الفئات الرئيسية في المحافظة، كل ذلك يوحي بأنّ هناك حملة على امتداد سوريا الجديدة تهدف إلى تغيير شكل المجتمع.

  • (من الويب)

في حي باب توما، قلب دمشق القديمة، ذو الأغلبية المسيحية، أثار فيديو مصوّر لرجل يحمل القرآن الكريم، ويدعو الناس إلى الهداية والإسلام الصحيح، جدلاً واسعاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لتنقسم آراء السوريين بين مستهجن لهذا التصرف علّق بالقول: «في أي زمن يظنون أنفسهم»، وبين مَن لم ير في سلوكه أي إساءة فقال: «الرجل لا يزعج ولا يؤذي أحداً».

لا زالت هذه التصرفات تندرج في إطار «السلوك الفردي»، وليست توجهاً عاماً للإدارة السورية الجديدة المتمثلة بأحمد الشرع المعروف بـ(الجولاني)، الذي يحاول ضبط الأنفس عبر الاستماع إلى شكاوى المسيحيين في دمشق مثلاً، الذين طلبوا محاسبة بعض (الدعاة) المسلحين الذين وزعوا بعض المناشير للدعوة الدينية والالتزام باللباس المحتشم.

الطرق السلمية في نشر الدعوة الإسلامية لا تروق لبعض كبار «الجهاديين» في هيئة تحرير الشام

يندرج اعتراض فئات من المجتمع السوري على أشكال النشاط الدعوي في سوريا الجديدة في إطار «الاستغراب» و«الاستهجان» وليس في إطار كره الإسلام والمسلمين كما يروج البعض، لتعميق الفتنة بين السوريين، بحسب ملحم سركيس، ابن مدينة دمشق، الذي قال لـ«الأخبار» إنّه «في العقود الماضية، لم يكن مسموحاً نشر الدعوة الدينية بهذه الطريقة، فلم يعتد السوريون على هذه التصرفات، كما لا يمكن أن يدخلوا حياً لنشر الدعوة الإسلامية بصحبة السلاح، فلا أحد يستطيع أن يناقشهم أو يحاججهم والبارودة على أكتافهم، ثم يقولون لك: يا أخي دعوتنا سلمية!».

  • (من الويب)

ويبدو أنّ الطرق السلمية في نشر الدعوة الإسلامية لا تروق لبعض كبار «الجهاديين» في هيئة تحرير الشام، بحسب تقرير لمجلة «إيكونوميست» كشفت فيه إحباطهم بسبب الوضع الجديد في سوريا، وفي استعراضهم للأمثلة قالوا إنّ الحانات لا تزال مفتوحة، ونادلات المطاعم والفنادق لم يرتدن الحجاب بعد، كما أنّ الصلبان لا تزال فوق الكنائس، مطالبين بفرض قوانين صارمة على ما يعتبرونه «سلوكيات غير أخلاقية»، بحسب وصفهم.

رغم ما سبق، لا زال السوريون متفائلون بأنّ ما يجري سببه الفوضى التي تتبع سقوط الأنظمة في أيّ دولة، وقد تعم الفوضى في سوريا أكثر من غيرها، لأن البلد كان يرزح تحت حرب دامت 14 عاماً، سمتها الأساسية كانت الانقسام، المذهبي والسياسي، آملين بأن تتنبه الإدارة الجديدة لتبعات مثل هذه السلوكيات في الشوارع العامة، وضبطها احتراماً لتباين المذاهب والثقافات

* الأخبار اللبنانية

مقاتلون في الإدارة السورية الجديدة يرفعون راية التوحيد فوق آلية عسكرية (أ ف ب)ر

You might also like