الهجومُ الإجرامي على حلب: مرحلةٌ جديدةٌ من العدوان الأمريكي الإسرائيلي
متابعات..| تقرير*
بدأت مرحلة جديدة من العدوان الأمريكي الإسرائيلي على المنطقة، الأربعاء بعد هزائمهما الاستراتيجية خلال معركة طوفان الأقصى، عبر استهداف ساحة جديدة من محور المقاومة وهي سوريا، ولما تشكّله هذه الدولة من داعم أساسي لحركات المقاومة في فلسطين ولبنان، وبيدق هذا العدوان هي الميليشيات الإرهابية في الشمال السوري، بقيادة هيئة تحرير الشام الإرهابية (جبهة النصرة سابقاً) ومتزعمها أبو محمد الجولاني. فهذا الأخير أنشأ إدارة “عمليات عسكرية”، وأطلق على العملية اسم “ردع العدوان”، في تماه واضح مع المصالح الأمريكية والإسرائيلية والتركية وبطبيعة الحال الغربية، علّهم من خلال ذلك يستطيعون تغيير المعادلات الجيوستراتيجية في منطقتنا، في هذا التوقيت الحساس من تاريخها.
فعملية الجماعات الإرهابية هذه، تأتي في توقيت مشبوه بعد ساعات من وقف إطلاق النار في لبنان، وبعد انكشاف قدرات جيش الاحتلال الحقيقية في الميدانين اللبناني والفلسطيني، في سياق تحقيق هدف أمريكي وإسرائيلي وبمباركتهما ودعمهما، لقطع طريق تسليح المقاومة الإسلامية في لبنان، الناصر الأول للقضية الفلسطينية ولغزة تحديدًا.
ومن اللافت، أن هذه العملية بدأت بعد يوم واحد فقط من التهديدات الاسرائيلية على لسان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو للرئيس بشار الأسد بأنه يلعب بالنار. حيث قال خلال مقابلة مع قناة 14 الإسرائيلية، بأن “إسرائيل قادرة على منع الأسلحة من دخول لبنان عبر سوريا وذلك من خلال قصف سوريا ومعابرها الحدودية مع لبنان، وفي سوريا قلت للرئيس بشار الأسد أنت تلعب بالنار”، مضيفاً لأنه يعتبر الحدود السورية اللبنانية هي محور “فيلادلفيا الشمال بالنسبة لنا”.
وعلى صعيد المعطيات الميدانية، سيطرت الميليشيات الإرهابية على بلدة خان العسل الإستراتيجية لتنضم بذلك إلى أكثر من 32 قرية ونقطة سيطرت عليها في ريف حلب الغربي، وأكثر من 5 قرى أخرى شرق مدينة إدلب، بما يعادل مساحة حوالي 245 كيلومترا، بعد اشتباكات كبيرة خاضتها ضد الجيش السوري، ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والضحايا والشهداء في صفوف القوات المسحة السورية.
وقد تمكن الجيش السوري بعدما شن هجوماً معاكساً باتجاه مواقع الميلشيات الإرهابية، التي سيطرت عليها جنوب شرق إدلب، من ضرب خطوط إمدادها في ريفي حلب وإدلب، وقتل حوالي 400 ارهابي من هيئة تحرير الشام.
الدور التركي
ولا يخفى على أحد حجم دور تركيا، في هذا العدوان الجديد على منطقتنا، بعد تخليها عن نصرة فلسطين ومقاومتها خلال العدوان على قطاع غزة، من خلال المشاركة العملياتية وقيادة ميليشياتها الوظيفية في العدوان الذي يخدم إسرائيل.
فقد تأكّد بحسب مصادر إعلامية، قيام طائرات مسيرة تركية بقصف مواقع تابعة للجيش السوري ولحلفائه، في مدينة تل رفعت شمالي حلب، بالإضافة الى استهداف مدفعية الجيش التركي لمواقع ميليشيا قسد في المدينة. وفي شق متصل، أوعزت القوات التركية إلى قيادة الميليشيات التابعة لها، لإرسال تعزيزات عسكرية إلى ريف منبج ونقاط التماس مع مجلس منبج العسكري.
وهذا ما اضطر القوات الروسية المتواجدة هناك، على إخلاء مواقعها في تل رفعت بريف حلب ومعصران بريف إدلب.
وفي هذه النقطة بالتحديد أيضاً، يتجلى الدعم الغربي العسكري للميليشيات الإرهابية، وذلك بغرض قطع خط إمداد سلاح المقاومة من جهة، وفتح جبهة جديدة ضد روسيا بعد عمليات التصعيد الروسية الأوكرانية من جهة أخرى.
مسؤولية العالم الإسلامي
أمام هذا التطور الخطير، تقع مسؤولية كبيرة على القوى والفاعليات في العالم الإسلامي، من أجل نبذ الفتنة وتنديد الاقتتال الإرهابي، في الوقت الذي يعاني فيه الشعب الفلسطيني من الإبادة والقتل الوحشي والتهجير والاستيطان، منذ أكثر من عام. فلا يجب على هذه القوى الإسلامية أن تتغاضى بأن القضية الفلسطينية ستكون الخاسر الأكبر من هذا الأمر، عبر استهداف الركن السوري المقاوم والداعم الأساسي لها.
وهذا ما عبّرت عنه وزارة الخارجية في الجمهورية الإيرانية حينما حذرت من عودة الجماعات التكفيرية مجددًا في سوريا، داعيةً لاتخاذ إجراءات حاسمة لمنع نشر الإرهاب في المنطقة. ومعتبرة بأن تحرك الجماعات الإجرامية هو جزء من خطة أمريكية صهيونية لزعزعة استقرار سوريا.
* الخنادق