متابعات..|

منذ انطلاق معركة «طوفان الأقصى»، لا يوفّر النظام البحريني جهداً في محاصرة الفعاليات التضامنية مع الشعب الفلسطيني، وأخيراً اللبناني، عقب توسّع المعركة لتشمل لبنان. وفي آخر حلقات مسلسل التضييق والقمع ذاك، حاصرت الشرطة البحرينية، في الـ25 من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أكبر صلاة جمعة في البلاد، تُقام في جامع الإمام الصادق في الدراز غربي المنامة، وذلك على خلفية المواقف المناهضة للعدوان الإسرائيلي والدعم الأميركي له، والتي تطلَق خلالها، سواءً عبر هتافات المصلين، أم خطبة الجمعة، أم الحراك الذي تحتضنه المنطقة بشكل أسبوعي عقب الصلاة.

وفيما لا يزال هذا الحصار مستمراً حتى الآن، طالب أكثر من 300 رجل دين في البلاد، في بيان في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر الفائت، باسترداد صلاة الجمعة، «لأنّه لا يمكن القبول بأيّ حال من الأحوال بتوقيفها بكل شرائطها وحيثياتها الشرعية أو مضايقتها، ونرى أن ذلك يمثل مصادرة للحرية الدينية، ويتنافى مع حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية». وفي الإطار نفسه، يضع رئيس المكتب السياسي في «ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير» في البحرين، إبراهيم العرادي، التضييق الرسمي على منبر الجمعة في سياق «خدمة مسار التطبيع مع العدو الصهيوني». ويوضح العرادي، في حديث إلى دالأخبار»، أن «هناك رابطاً كبيراً بين استهداف صلاة الجمعة وبخاصة منبر الدراز كونه يحتضن أكبر صلاة مركزية للطائفة الشيعية، وبين التمسك بالتطبيع وخدمة الاحتلال، لأن الصلاة منطلق لرفض التطبيع من داخل الجامع، وبعدها تخرج في كل جمعة مسيرة ترفض التطبيع، وهذا المشهد لا يريده حكام آل خليفة». ويتابع: «هم لا يريدون أي مظهر مناهض للتطبيع، ويحاولون إرضاء الأميركيين بأي شكل، خاصة بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية (وهو الذي كان عرّاب اتفاقيات آبراهام التي انخرطت فيها البحرين قبل أعوام)».

احتلت السلطات البحرينية المرتبة الثانية في مؤشر التطبيع

وإلى جانب ما تَقدّم، يأتي اعتقال المتضامنين أو المعربين عن آرائهم في دعم أهالي غزة ورفض الإبادة الجماعية المرتكَبة بحقهم. وفي هذا السياق، وثقّت جمعية «الوفاق الوطني الإسلامية»، في تقرير في أكتوبر الماضي، ما يقرب من الـ350 انتهاكاً، بينها نحو 200 ما بين حالات اعتقال تعسفي واستدعاءات؛ إذ اعتُقل 106 مواطنين واستُدعي 92 آخرون على خلفية المشاركة في تظاهرات سلمية أو كتابة منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي أو غير ذلك من أشكال التضامن مع فلسطين ولبنان. ولم يميز الاستدعاء والاعتقال بين مواطنين عاديين أو نشطاء أو رجال دين أو حتى أطفال، علماً أنه طال من هؤلاء الأخيرين ستة، من بينهم الطفل محمد الصولة (17 سنة) الذي حُكم عليه بالسجن لمدّة 6 أشهر على خلفية المشاركة في تظاهرة تضامنية مع الشعب الفلسطيني. وبالتوازي مع ذلك، يستمرّ، للمفارقة، معدّل التبادل التجاري بين الجانبين في الارتفاع؛ إذ احتلت السلطات البحرينية المرتبة الثانية في مؤشر التطبيع الصادر عن «المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق». وبحسب المركز، يتألّف هذا المؤشّر من ثمانية أقسام، سبعة منها تتعلّق بالتطبيع في مجالات مختلفة (التطبيع الاقتصادي والتجاري، التطبيع الديبلوماسي والعلاقات الخارجية، التطبيع الأمني والعسكري، التطبيع السياسي، التطبيع التربوي والثقافي، التطبيع الرياضي والعلمي والتكنولوجي، إضافة إلى التطبيع السياحي)، والثامن يتعلّق باتفاقيات التطبيع الشاملة. وإذ حصلت البحرين على 7.5 من أصل 10 من معدل المؤشر، فقد تَبيّن أنها تنشط في 46 مجالاً، 22 منها على المستوى الاقتصادي، و14 في الجانب الديبلوماسي، و10 على الصعيد الأمني والعسكري. وفي الإطار نفسه، يكشف معهد «أبحاث اتفاقات إبراهيم» عن ارتفاع معدل التبادل التجاري بين تل أبيب والمنامة بنسبة 988 في المئة، وذلك في دراسة حول حجم التبادل بين إسرائيل وعدد من الدول العربية المطبّعة، في الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، مقارنة بالمدة نفسها من العام الماضي. وبحسب الدراسة، فقد توزعت نسب الارتفاع على النحو الآتي: 53 في المئة مع المغرب، 4% مع الإمارات، و51% مع مصر.
وعلى المستوى الديبلوماسي، لم يكلّف ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، نفسه عناء حضور «قمة الرياض العربية والإسلامية» غير العادية، والتي انعقدت أخيراً، بالرغم من أن بلاده تترأس الجامعة العربية في دورتها الـ33. لا بل لم يوفد حتى إلى القمة، التي خُصصت لبحث الموقفين العربي والإسلامي من العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان، ولي عهده، سلمان بن حمد، بل اكتفى بإرسال نائب رئيس الحكومة، خالد بن عبد الله، ممثلاً عنه، في وقت كان فيه هو وابنه وأفراد عائلته في بريطانيا، لعقد لقاءات مع الملك تشارلز، في زيارة أثارت انتقادات كثيرة من جانب معارضين بحرينيين.

* الأخبار