متابعات..|

في تحدٍّ واضح لمذكّرة الاعتقال الصادرة عن «المحكمة الجنائية الدولية» بحقّ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن المقال يوآف غالانت، صعّد جيش الاحتلال، خلال اليومين الماضيين، جرائمه في شمال قطاع غزة، حيث ارتكب سبع مجازر راح ضحيتها 120 شهيداً، و205 مصابين. ووفقاً لمصادر طبية تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن عدداً من الشهداء لا يزالون تحت الركام وفي الطرق، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.

وفي بيت لاهيا، والصفطاوي، شمال القطاع، أقدم الاحتلال على نسف منازل المواطنين، وسط تكثيف طلعات المُسيّرات من طراز «كواد كابتر»، والتي أطلقت قنابل في محيط مدرسة «عوني الحرثاني» في منطقة الرباط في مشروع بيت لاهيا، وأيضاً في شارع أحمد ياسين، والصفطاوي، ونهاية شارع الجلاء في مدينة غزة، مستهدفةً المواطنين.
وفي هذا الوقت، لا يزال مستشفى «كمال عدوان» شمال القطاع، تحت النار، إذ وبعدما أُخرج تماماً من الخدمة، قصفت المُسيّرات الإسرائيلية مولّد الكهرباء فيه، ما تسبّب بانقطاع الكهرباء عنه. وقال مدير المستشفى، حسام أبو صفية: «تعرّض مدخل المستشفى لعدوان إسرائيلي من دون سابق إنذار، ما أدى إلى إصابة طبيب وعدد من المرضى»، مؤكداً أن طائرات الاحتلال تتعمّد استهداف المنظومة الصحية في قطاع غزة. أيضاً، استشهد ستة مواطنين جراء استهداف الاحتلال منزلاً لعائلة عويضة في حي الزيتون جنوب مدينة غزة، ومواطنان آخران في استهداف طاول تجمّعاً للأهالي أثناء تعبئة المياه عند البوابة الشمالية لمستشفى «كمال عدوان».
ورداً على تصاعد العدوان، قالت حركة «حماس»، في بيان، إن استمرار الإبادة في شمال القطاع، وهجمات جيش الاحتلال على مستشفى «كمال عدوان»، «استخفافٌ مُهين بالإنسانية والأعراف والقوانين، وعلى المجتمع الدولي فرض عقوبات رادعة على كيان الاحتلال»، مطالبةً الحكومات العربية والإسلامية ودول العالم الحرّ والأمم المتحدة ومؤسساتها، «بتنظيم حِزَم عقوبات رادعة على دولة الاحتلال، تُلزِمها بوقف عدوانها الهمجي وانتهاكاتها الفاضحة للقوانين وللقيم الإنسانية، والعمل لإنهاء الحصار الإجرامي والتطهير العرقي في شمال غزة».
وفي الموازاة، قال الناطق العسكري باسم «القسام»، «أبو عبيدة، أمس، إنه «بعد عودة الاتصال مع مكلّفين بحماية أسرى، تبيّن مقتل إحدى أسيرات العدو في منطقة تتعرّض لعدوان شمال غزة»، مبيّناً أن «الخطر لا يزال محدقاً بحياة أسيرة أخرى كانت مع الأسيرة التي قُتلت». وإذ حمّل «أبو عبيدة»، بنيامين نتنياهو وحكومته وقادة جيشه المسؤولية الكاملة عن حياة أسراهم، لفت إلى أنه «على العدو الاستعداد للتعامل مع اختفاء جثث أسراه القتلى بسبب التدمير الواسع واستشهاد بعض الآسرين».

شهد اليومان الماضيان تصاعداً في عمليات المقاومة في شمال قطاع غزة

في المقابل، شهد اليومان الماضيان تصاعداً في عمليات المقاومة في شمال قطاع غزة؛ إذ أعلنت «كتائب القسام» عن قصف قاعدة رعيم العسكرية بعدد من صواريخ «رجوم» القصيرة المدى، فيما أفادت «سرايا القدس» بأنها قصفت، بالاشتراك مع «ألوية الناصر صلاح الدين»، مركزاً للقيادة والسيطرة لجيش العدو في منطقة جحر الديك وسط القطاع. وقالت «كتائب المجاهدين»، بدورها، إن مقاتليها قصفوا، بالاشتراك مع «السرايا»، مقراً لقيادة العدو في محور «نتساريم»، برشقة صاروخية. وتمكّن مقاومو «القسام» أيضاً من استهداف قوة إسرائيلية تحصّنت داخل منزل في شارع الصفطاوي غرب مدينة جباليا، بقذيفة «TBG»، وإيقاع أفرادها بين قتيل وجريح.
وفي جنوب قطاع غزة، لا يزال الجيش الإسرائيلي يفرض، منذ تشرين الأول الماضي، سياسة تجويع قاسية، مستهدفاً نحو مليونَي فلسطيني يعيش معظمهم كنازحين في مئات مخيمات الإيواء. ويمنع الاحتلال إدخال المساعدات والبضائع، وخاصة الدقيق، بشكل كاف إلى جنوب القطاع، بذريعة «محاربة مصادر دخل حركة حماس»، الأمر الذي تسبّب بمعاناة شديدة في أوساط النازحين، خاصة في ظلّ استمرار إغلاق معظم المخابز أبوابها.
ولتجنّب الضغط الدولي الذي يطالب بإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع غزة، بشكل منتظم وبكميات وفيرة، تسمح إسرائيل، بين الفينة والأخرى، بإدخال شاحنات الدقيق إلى جنوب القطاع، ولكنها، في ذات الوقت، تدفع عصابات من قطاع الطرق الذين يتعاونون معها، إلى سرقتها أثناء مرورها بمسارات معينة داخل القطاع.
ووفق ما قاله مدير المكتب الإعلامي الحكومي، إسماعيل الثوابتة، لـ»الأخبار»، فإن الأزمة الإنسانية في قطاع غزة «تفاقمت بسبب إغلاق المعابر، بينما تدّعي إسرائيل كذباً أنها تدخل إلى القطاع يومياً نحو 250 شاحنة». ولفت الثوابتة إلى أن «ما يدخل إلى القطاع من شاحنات لا يتجاوز الـ30 شاحنة في اليوم الواحد، نصفها تتمّ سرقتها على أيدي عصابات يحميها جيش الاحتلال». وعلى هذه الخلفية، أوضح أن شحّ البضائع تسبّب بارتفاع الأسعار بشكل جنوني، مشيراً إلى أن الجهات الحكومية في غزة بذلت جهوداً كبيرة من أجل منع السرقة وملاحقة المجرمين، إلا أن الاحتلال يمنح العصابات غطاءً كاملاً.

* الأخبار