العملة المشفّرة الأبرز ’’بيتكوين’’ تزاحم اقتصادات كبرى (تفاصيل)

متابعات/

العملة المشفّرة الأبرز “بيتكوين” التي كانت منبوذة ولا يتعدّى سعرها دولاراً واحداً عام 2011، باتت اليوم تزاحم اقتصادات كبرى، وبلغت مستوى 99 ألف دولار للوحدة في تعاملات اليوم.

كسرت العملة المشفّرة الأبرز “بيتكوين” Bitcoin، مستوى 99 ألف دولار للوحدة في تعاملات الجمعة المبكرة، وهو مستوى غير مسبوق في عمرها الذي لم يتجاوز 16 عاماً، وسط توقّعات منصات تداول بتجاوزها 100 ألف قبل نهاية تشرين الثاني/نوفمبر/ الجاري.

في بداية جلسة اليوم الجمعة، استقرّت القيمة السوقية لمجمل عملات “بيتكوين” المتداولة والبالغ عددها قرابة 19.78 مليون وحدة، نحو 1.97 تريليون دولار أميركي.

ولو كانت “بيتكوين” دولة، لكانت في المرتبة الثانية عشرة كأكبر اقتصاد في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي، متفوّقة على بلدان مثل أستراليا وإسبانيا وكوريا الجنوبية والسعودية وهولندا وإندونيسيا وغيرها.

 تسلسل زمني
عملة “بيتكوين” التي أطلقها شخص أو مجموعة تحت الاسم المستعار ساتوشي ناكاموتو، مثّلت ثورة في عالم المال والتكنولوجيا منذ عام 2008، وبلغ سعرها في أول يوم إطلاق لها 0.000001 دولار.

تعتمد “بيتكوين” على تقنية البلوكشين Blockchain، وهي سجل رقمي غير قابل للتلاعب، يدير المعاملات بشكل لا مركزي، مما يجعلها بعيدة عن السيطرة الحكومية أو تدخّل البنوك المركزية حول العالم.

وبتاريخ 31 تشرين الأول/أكتوبر 2008 نشر ساتوشي ناكاموتو الورقة البيضاء لـ”البيتكوين”، معلناً عن رؤيته لإنشاء نظام نقدي إلكتروني يعمل بين الأفراد ويتجاوز أنظمة الرقابة المصرفية العالمية.

بينما في 3 كانون الثاني/يناير 2009، تمّ تعدين أول كتلة في سلسلة “البيتكوين”، والتي عُرفت باسم Genesis Block، ما شكّل انطلاقة الشبكة، وبعدها بأيام، تمّ تنفيذ أول معاملة بيتكوين بين ساتوشي ناكاموتو وهال فيني، وهو مبرمج أميركي استلم 10 “بيتكوين”.

عملة شراء وبيع
في عام 2010، شهدت “بيتكوين” أول استخدام فعلي لها عندما دفع أحد المبرمجين 10000 وحدة “بيتكوين” مقابل شراء قطعتي بيتزا، وهو اليوم الذي يحتفل به “مجتمع البيتكوين” سنوياً باسم “يوم البيتزا”.

ومع كل صعود لعملة “بيتكوين”، يبدأ مجتمع العملات المشفّرة يحسب قيمة قطعتي البيتزا اللتين اشتراهما المبرمج ويدعى لازلو هانييتش، إذ يبلغ سعرهما وفق قيمة بيتكوين في تعاملات الجمعة، نحو 990 مليون دولار.

بينما في تموز/يوليو 2010 أعلن رسمياً عن إطلاق أول بورصة “بيتكوين” (Mt. Gox)، مما فتح الباب لتداول العملة على نطاق أوسع، ليغلق سعرها عام 2010 عند مستوى 30 سنتاً.

دولار واحد
واعتباراً من شباط/فبراير 2011، ارتفعت قيمة “البيتكوين” إلى دولار واحد للمرة الأولى، ما جعلها تجذب الأنظار كعملة رقمية ذات قيمة حقيقية.

وأصبحت في العام نفسه، عملة معتمدة على نطاق واسع في الأنشطة غير القانونية على الإنترنت المظلم (Dark Web)، ما أثار الجدل حول طبيعتها المجهولة ودورها في الاقتصاد الرقمي.

واعتباراً من 2013، تمّ تنفيذ أول عملية تنصيف “البيتكوين” Bitcoin Halving، وهي العملية التي تتقلّص فيها العوائد التي يتلقّاها معدّنو “بيتكوين” إلى النصف، الأمر الذي يقلل معروضها ويزيد سعرها.

واعتباراً من 2013، بدأت بنوك مركزية في ألمانيا والولايات المتحدة والصين واليابان وعديد الدول الكبرى، تحذّر من العملات المشفّرة، بصدارة “بيتكوين”، مشيرةً إلى المخاطر المحتملة لتبنّي هذا النوع من العملات.

لكن في العام نفسه، وبالتحديد اعتباراً من تشرين الثاني/نوفمبر تجاوز سعر البيتكوين حاجز 1000 دولار للمرة الأولى، مما أثار موجة من الحماس في الأسواق العالمية.

بينما في عام 2017، تمّ تنفيذ التنصيف الثاني للعملة المشفّرة، رافق ذلك إنشاء عملة جديدة هي “بيتكوين كاش” (Bitcoin Cash)، نتيجة خلافات حول كيفية تحسين سرعة الشبكة.

وفي العام نفسه، وبالتحديد في كانون الأول/ديسمبر، وصل سعر “البيتكوين” إلى أعلى سعر له حتى ذلك الحين، حيث بلغ نحو 20000 دولار، مدفوعاً بالاهتمام المتزايد من المستثمرين الأفراد.

في 2018، ارتفعت وتيرة حرب البنوك المركزية على عملة بيتكوين وبقية العملات المشفّرة، وسط عمليات مداهمة تنفّذها أجهزة الأمن في عديد الدول لمزارع “تعدين بيتكوين”، فيما أعلنت الصين تدريجياً عن حظر العملة على أراضيها.

أما في 2020، فحدث التنصيف الثالث للعملة المشفّرة رافق ذلك تراجع معروض العملة المتاح للبيع، وهو العام نفسه الذي تجاوزت فيه “بيتكوين” مرة أخرى حاجز 20 ألف دولار بعد 3 سنوات من التراجعات.

أما عام 2021، فكان حتى ذلك الوقت عام العملات المشفّرة وسط زيادة حادة في الطلب بعد اعتمادها عملة متداولة في بلد مثل السلفادور، تبع ذلك إعلان شركة تسلا للسيارات الكهربائية، أنها ستقبل “بيتكوين” كعملة لشراء مركباتها.

ومع حلول تشرين الثاني/نوفمبر 2021 وصل سعر وحدة “بيتكوين” حاجز 69 ألف دولار، وظلت تتذبذب حتى عام 2024، مع زيادة الطلب عليها، والعمل على تنظيم السوق من جانب عديد الدول، ليقفز سعرها مجدداً قرب 70 ألف دولار.

إلّا أنّ أقوى اعتراف بالعملة، كان في تموز/يوليو الماضي عندما شارك المرشح الجمهوري في ذلك الوقت للانتخابات الأميركية دونالد ترامب، في مؤتمر “معدني بيتكوين”، ليعلن أمام الحضور أنه سيدعم العملة ويشرّعها في حال فاز بالانتخابات.

ومع فوزه بالانتخابات، بدأت العملة تلقى مزيداً من القوة ليستقرّ سعرها في بداية تعاملات اليوم الجمعة، عند 99 ألف دولار، بنسبة نمو بلغت قرابة 47 بالمئة، منذ إعلان ترامب فوزه بالانتخابات الأميركية.