كل ما يجري من حولك

مهمّةُ حَـلِّ التناقضات: أمريكا ترسُمُ آمالاً «في الهواء»

77

متابعات| تقرير*:

رغم أن «الوسطاء» يستمرون في الإيحاء بأن الباب لا يزال «مفتوحاً» أمام إحداث «خرق» ما عبر المساعي الديبلوماسية؛ بهَدفِ التوصل إلى اتّفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، «يلجمُ» رد المقاومة المنتظر على “إسرائيل”، فَــإنَّ أُولئك الوسطاء أنفسهم يتحدثون، في تصريحات إلى وسائل الإعلام، مرة جديدة، عن أنّ الرد المشار إليه قد يكون على بُعد «أيام فقط». وطبقاً لمراقبين غربيين، وفي حين تتعامل واشنطن مع الجولة الحالية على أنها «فرصة أخيرة» لمنع اندلاع حرب أوسع في المنطقة، إلا أنّها، وعلى عكس ما تظهره للعلن، لا تبدو «متفاءلة» إزاء إمْكَانية إفضاء هذه الجهود، والتي تترافق مع ضغوط على قوى المقاومة، إلى أي نتيجة في المدى المنظور أقله. ومع ذلك، تتواجد مجموعة من كبار مسؤولي إدارة جو بايدن في الشرق الأوسط، حَيثُ سيمضون أسبوعاً «دراماتيكياً» لمنع «اندلاع حرب في المنطقة»، وتحقيق تقدّم على طريق هدنة غزة. لكن «حماس» بدا أنها خيّبت آمالهم المفرطة، في أعقاب إعلانها رفض المشاركة في المفاوضات المرتقبة اليوم.

ورغم ما تقدّم، فَــإنَّ الوسطاء العرب أكّـدوا أن تلك المحادثات ستستمر رغم تغيب «حماس»، على أن يسلموا الحركة، في وقت لاحق، «المقترحات» الجديدة. وعلى خط موازٍ، تضغط الولايات المتحدة وحلفاؤها على إيران و«حزب الله» لدفعهما إلى عدم الرد على الاغتيالين الأخيرين في طهران وبيروت، بينما أفاد موقع «أكسيوس» بأنّ الولايات المتحدة و”إسرائيل” والمملكة المتحدة وفرنسا، جنباً إلى جنب عدد من الدول العربية، تضع «اللمسات الأخيرة» على استعداداتها للدفاع عن “إسرائيل” والتصدي للهجمات المتوقعة، «في حال فشلت المساعي الديبلوماسية». وإذ يستمر «التضارب» في التقييمات الإسرائيلية والأمريكية حول الردّ الإيراني، نقلت «وول ستريت جورنال» عن مصدر مطلع قوله إن «الجيش الإسرائيلي يعتقد أن إيران تخطط لشن هجوم، ولكنه لا يتوقع بعد الآن أنه سيكون وشيكاً»، فيما قال البيت الأبيض، الاثنين، إن تقييم المخابرات الأمريكية يشير إلى إمْكَانية أن تهاجم إيران “إسرائيل” «هذا الأسبوع»، وهو ما يتطابق مع أحدث تقييم استخباراتي إسرائيلي أَيْـضاً.

وفي خضمّ كُـلّ ذلك، كان لافتاً إعلان إدارة بايدن، الثلاثاء، موافقتها على مبيعات أسلحة كبرى لـ “إسرائيل”، بقيمة أكثر من 20 مليار دولار، بما يشمل طائرات مقاتلة جديدة من طراز «F-15»، وعشرات الآلاف من قذائف الدبابات وقذائف الهاون. وفي السياق، أفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» بأنّه من المتوقع المضي قدماً في المبيعات العسكرية لـ “إسرائيل” في غضون 15 يوماً، في حال عدم اعتراض الكونغرس عليها. على أن توقيع عقود لإنتاج الأنظمة العسكرية والأسلحة قد يستغرق أشهراً، فيما قد يتطلب تسليمها «سنوات»، وهو ما أشَارَت إليه وزارة الخارجية الأمريكية بإعلانها أنه لن يتم تسليم الذخائر حتى عام 2026 كحد أدنى. وفي سياق تفسيرها لتلك الخطوة، نقلت الصحيفة عن جوش بول، المسؤول في وزارة الخارجية، الذي استقال في تشرين الأول احتجاجاً على تعامل إدارة بايدن مع الحرب في غزة، إن قرار الإدارة بالإعلان عن تسليم الأسلحة الآن، «تعود جذوره إلى السياسة الداخلية للولايات المتحدة، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، وطبيعة العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل».

يثير الرد الإيراني المنتظر، بشكل متزايد، «تضارباً» في التقييمات الإسرائيلية والأمريكية حول موعده

وبالحديث عن «رافضي» سياسة واشنطن إزاء ممارسات حكومة بنيامين نتنياهو، ترى هالة راريت، الديبلوماسية الأمريكية السابقة، التي خدمت لمدة 18 عاماً في وزارة الخارجية الأمريكية، قبل أن تستقيل في نيسان الماضي احتجاجاً على تلك السياسة، في مقال على صحيفة «فورين بوليسي»، أن نتنياهو يريد حرباً مع إيران، ويرفض «حل الدولتين»، ساعياً بدلاً من ذلك إلى إشعال الشرق الأوسط بشكل دائم؛ بهَدفِ الانتهاء «من التطهير العرقي في غزة وضم الضفة الغربية»، فيما تترك الحكومة الأمريكية النيران «تنتشر». ويتابع أصحاب هذا الرأي، أنه ورغم أن «إدارة بايدن تدرك جيِّدًا المخاطر التي يشكلها نتنياهو، وبدلاً من اتِّخاذ موقف حازم، عبر استخدام النفوذ الديبلوماسي، مثل ورقة المساعدات العسكرية، لكبح هذا التصعيد، فهي تستمر في التصرف بجبن»، ما يسمح لـ«زعيم أجنبي متطرف بتحديد ما إذَا كان سيتم جر واشنطن إلى حرب كارثية أُخرى». كما تشير الكاتبة إلى استئناف استهداف القوات الأمريكية في المنطقة، رغم أن مسؤولي المخابرات الأمريكية «سلطوا الضوء على مثل هذه الهجمات منذ أشهر».

وطبقاً للتقرير، وبعدما ادعت إدارة بايدن أن حقوق الإنسان ستكون «محور» سياستها الخارجية، فقد وجهت الوقائع الأخيرة ضربة مدمّـرة إلى قدرة الديبلوماسيين الأمريكيين «على الدفاع عن حقوق الإنسان» في الشرق الأوسط، وسائر أنحاء العالم. وقد أقرت وزارة الخارجية، نفسها، بهذه النقطة تحديداً؛ إذ يتحدث التقرير عن «وثيقة داخلية تم تسريبها أخيراً»، جاء فيها أن كبار القادة في الوزارة يدركون أن سياسة الولايات المتحدة تضر بشكل لا رجعة فيه بمصداقيتها في الشرق الأوسط. ومع ذلك، ورغم أن كبار مسؤولي وزارة الخارجية تلقوا تقارير يومية حول غزة، واعترفوا بالضرر الذي يلحقه الدعم الأمريكي غير المشروط لـ “إسرائيل” بمكانة واشنطن في المنطقة، إلا أن استجابتهم «لم تكن التراجع عن تلك السياسة بل تمكينها». وينصح أصحاب هذا الرأي، المرشحة الديموقراطية المحتملة للرئاسة، كامالا هاريس، بالسعي إلى إنهاء المذبحة وإرسال إشارة واضحة حول أن الولايات المتحدة «لن تقدم دعماً غير مشروط لحرب إسرائيلية ضد حزب الله وإيران»، واستغلال الفرصة لتصحيح المسار عبر «تطبيق قوانين الولايات المتحدة المتعلقة بنقل الأسلحة»، من مثل «قوانين ليهي» وقانون مراقبة تصدير الأسلحة وقانون المساعدة الخارجية، والتي تنتهكها الإدارة الحالية، في وقت لم تعد فيه “إسرائيل” «مؤهلة» لتسلم تلك الأسلحة، على ضوء «انتهاكاتها الجسيمة والمتكرّرة والممنهجة لحقوق الإنسان وعرقلة المساعدة الإنسانية الأمريكية».

* الأخبار اللبنانية

You might also like