كل ما يجري من حولك

أمريكا تستبقُ “الردَّ الصاعِــقَ” بتنفيذ هجمات «غامضة» (تفاصيل)

371

متابعات| تقرير*:

في أعقابِ الهجوم الصاروخي الذي استهدف قاعدةَ «عين الأسد» الجوية في العراق، والتي تضم قواتٍ أمريكيةً وأُخرى حليفةً لها، أقرت مصادرُ أمريكية عدة بإصابة أفراد أمريكيين، لا يقلّ عددُهم عن خمسة، فيما أفاد مصدران أمنيان عراقيان، في حديث إلى وكالة «رويترز»، بأنه تم استهداف القاعدة الواقعة غربي العراق بصاروخين من طراز «كاتيوشا»، سقطا داخلها.

وطبقاً للمصدر نفسه، فإنّ بعض الجنود «خطيرة».

ورغم أنّ القوات الأمريكية قد تعرضت لأكثر من 150 هجوماً، منذ تشرين الأول حتى كانون الثاني، بلغت ذروتها باستهداف موقع أمريكي في الأردن، في ضربة أسفرت عن مقتل ثلاثة جنود أمريكيين، فإنّ الهجوم الأخير يكتسب أهميّة خَاصَّة، نظراً إلى أنّه يأتي في وقت «تتأهّب» فيه الولايات المتحدة وإسرائيل للتصدي لرد إيراني محتمل على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، ووسط تكهّنات بأن الرد المشار إليه قد يشمل هجمات إضافية على القوات والأصول الأمريكية في المنطقة. على أنّه من غير الواضح بعد ما إذَا كان الهجوم الأخير على صلة مباشرة بالردّ الإيراني المنتظر، ولا سيّما أنّه يأتي بعد نحو أسبوع على الضربة الجوية التي شنّها الجيش الأمريكي، ضدّ من زعم أنّهم «مقاتلون» في العراق، «يحاولون إطلاق مُسيّرات تهدّد القوات الأمريكية والقوات المتحالفة معها في المنطقة».

ونقلت صحيفة «واشنطن بوست»، الاثنين، أن إحدى ضحايا تلك الضربة، وهي الأولى التي تشنّها القوات الأمريكية في العراق منذ شباط، هو أخصائي المسيرات والقيادي في حركة «أنصار الله» اليمنية، حسين عبد الله مستور الشعبل، الذي «سافر إلى العراق لتدريب مقاتلين آخرين».

ورغم أن «الحشد الشعبي» كان قد أعلن، في بيان، مقتل أربعة عناصر جراء «استهداف الدوريتَين التابعتَين للّواء 47 في (الحشد)، شمالي محافظة بابل، بواسطة صواريخ أطلقتها طائرات»، إلا أن المسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية لم يكونوا على «علم بهوية القيادي الحوثي»، حتى تم الانتهاء من «تقييم نتائج العملية».

الحشد الأمريكي في المنطقة تقويضٌ لقوة واشنطن في منطقة الهندي – الهادئ

والواقع أن هذه الأخيرة جاءت في أعقاب سلسلة من الهجمات على المواقع الأمريكية في العراق وسوريا في الأيّام السابقة، والتي وضعت حداً لـ«الهدوء النسبي» الذي استمر أشهراً بين القوات الأمريكية وفصائل المقاومة هناك.

وتزامنت عودة هذا التصعيد مع وصول المباحثات الجارية بين مسؤولين أمريكيين وعراقيين، إلى سحب ما لا يقل عن ألفين و500 جندي أمريكي من العراق، إلى طريق مسدود، وسط تزايد حدة الانتقادات للوجود العسكري الأمريكي في أوساط عدد من المراقبين الغربيين، الذين باتوا يرون في ذلك الوجود مُجَـرّد «هدر» للمزيد من الأرواح الأمريكية في المنطقة، وفي التدفّق الأخير للطائرات والسفن الأمريكية إلى الشرق الأوسط، «تقويضاً» لمصالح واشنطن وقوتها في المحيط الهندي – الهادئ، حَيثُ يكمن «الخطر الأكبر» المتمثل في الصين.

وفي هذا الإطار، جاء في تقرير نشرته مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، الاثنين، أنه في الوقت الذي من المفترض فيه أن يعطي الجيش الأمريكي الأولوية لوضع «الأقدام والسفن» في المحيطين الهندي والهادئ، فإن الحاجة إلى الدفاع عن إسرائيل قد تدفع بالجيش الأمريكي مرة أُخرى إلى الشرق الأوسط، وتجعل «أطقم السفن والأسراب المقاتلة، والدفاعات الجوية الأمريكية، والممتدة أصلاً، عالقة هناك، ومضطرة إلى تغطية المزيد من المساحة».

وينقل التقرير عن مارك مونتغمري، العضو البارز في مؤسّسة «الدفاع عن الديمقراطيات»، قوله إن واشنطن لا تبني «جيشاً يمكنه التعامل مع ثلاثة مسارح قتال في وقت واحد».

وطبقاً لأصحاب هذا الرأي، فإن الجيش الأمريكي ينقل بالتالي أصولاً، لا يقدر على تحمّل كلفتها إلى حَــدّ كبير، «من منطقة حرجة» لإرسالها إلى منطقة أُخرى، وهو ما حصل، مثلاً، مع حاملة الطائرات «أبراهام لينكولن»، التي نُقلت من منطقة «الهندي -الهادئ» إلى الخليج.

كما عادت حاملة الطائرات «يو إس إس دوايت دي أيزنهاور» لتوّها إلى نورفولك في ولاية فيرجينيا، بعدما تم نشرها لمدة طويلة لـ«قتال الحوثيين في البحر الأحمر».

وطبقاً لما أقر به الأميرال المتقاعد في البحرية الأمريكية، جون ميلر، فإن مثل تلك الممارسات قد تستمر في تحدّي قدرة واشنطن على «إشراك عدد الأصول التي نريدها في ذلك الجزء من العالم بشكل كامل».

ورغم أنه أشار إلى أن الجيش الأمريكي لا يزال قادراً على نقل أصوله بسرعة «بين المحيط الهادئ والشرق الأوسط»، ومن دون صعوبة كبيرة، لـ«وقت قصير»، إلا أنه حذّر، في المقابل، من أن هذه العملية «صعبة ومكلفة، فيما قد يتطلب استبدال الأصول التي تم استخدامها وقتاً طويلاً»، مُشيراً إلى أنه لا يمكن للولايات المتحدة أن تستمر في لعب «لعبة الدفاع هذه»، من دون أن تكون قادرة أبداً على «المبادرة بالهجوم».

* الأخبار البيروتية

You might also like