السعوديّة تلقي بثقلِها في حضرموت: استعداداتٌ لـ«شفط» النفط
متابعات| رصد:
في أعقاب اتّفاق التهدئة الاقتصادي بين صنعاء والرياض، ومع استمرار المفاوضات بينهما بشكل غير معلن من دون مشاركة حكومة عدن، عاد إلى الواجهة صراع الأجندات بين السعوديّة والإمارات في حضرموت، المحافظة الآمنة التي لم تطاولها الحرب على مدى السنوات الماضية، وحوّلها الطرفان إلى ساحة صراع ألقى كُـلّ منهما بثقله العسكري فيها.
وبعد أَيَّـام من إفشال قبائل الحموم الحضرمية المقرّبة من السعوديّة محاولة إماراتية لإنشاء معسكرات جديدة لها في محمية شرمة على ساحل منطقة الديس الشرقية على البحر العربي، دفعت الرياض برئيس «المجلس الرئاسي»، رشاد العليمي، لاستكمال ترتيبات سيطرتها على المحافظة، وكذلك التهيئة لإعادة تصدير النفط من ميناء الضبة النفطي الواقع في سواحل المكلا، بالاتّفاق مع صنعاء، وهو ما يضعه «المجلس الانتقالي الجنوبي» في إطار استهداف حضرموت وتقليص دوره فيها.
وتحت ذريعة حماية النفط، تدفع السعوديّة بـ«قوات درع الوطن» التابعة لها إلى تعزيز حضورها العسكري في أهم المحافظات اليمنية، وإزاحة الفصائل الموالية للإمارات من المشهد، علماً أن الرياض عملت على مدى السنوات الماضية على إحياء فكرة «دولة حضرموت» المستقلة، ودعمت إيجاد نشيد وطني وعلم خاص بالدولة المفترضة، كردّ على المسعى الإماراتي عبر «الانتقالي» لإعلان انفصال الجنوب. وتزامنت تلك التحَرّكات مع استمرار المفاوضات بين صنعاء والرياض حول تقاسم عائدات النفط، والتي اعتبرها «الانتقالي» استفزازاً كَبيراً له وتوعّد بإفشالها، ولا سيما أنه يرى أن استحواذ السعوديّة على حضرموت يمسّ بالقضية الجنوبية بشكل مباشر.
وقال مصدر في «الانتقالي»، لـ«الأخبار»، إن «زيارة العليمي لمحافظة حضرموت سياسية وهدفها الاستعراض فقط، كون المجلس الرئاسي لم يقدّم شيئاً لأبناء المحافظة وزيارته غير مرحّب بها»، مُشيراً إلى أن «الزيارة تأتي في إطار مؤامرة للزج بحضرموت في مشاريع مرفوضة»، ومُضيفاً أن «العليمي يهدف إلى تقويض جهود أبناء حضرموت في إدارة شؤونهم بأنفسهم».
وكان «حلف قبائل حضرموت» اعتبر وصول العليمي إلى المحافظة على متن طائرة سعوديّة بمرافقة ضباط سعوديّين، رسالة واضحة من الرياض هدفها السيطرة على المحافظة عن طريق «المجلس الرئاسي»، كما حصل حين فرضت تواجدها العسكري في محافظة المهرة جنوبي اليمن عام 2018، بذريعة حماية المحافظة الآمنة أصلاً.
وتم تسليم المحافظة وقتذاك للقوات السعوديّة، من قبل رئيس الحكومة السابق، معين عبد الملك.
نفط حضرموت يشعل مواجهة بين الرياض وأبو ظبي
وعلى خلفية التوتر المُستمرّ بين الفصائل الموالية للإمارات وتلك الموالية للسعوديّة في حضرموت، قالت مصادر مقرّبة من حكومة عدن، لـ«الأخبار»، إن أبو ظبي عرضت، الخميس، مقايضة الرياض بشأن وضع الفصائل الموالية للأولى جنوبي اليمن وغربيه.
وأفَادت المصادر بأن رئيس الإمارات، محمد بن زايد، أوفد مبعوثاً إلى السعوديّة، حَيثُ التقى ولي العهد، محمد بن سلمان، وطرح عليه رؤية بلاده بشأن الوضع في الجنوب.
ومن بين المقترحات الإماراتية، وفق المصادر، تشكيل حكومة جنوبية تخضع لإدارة أبو ظبي، مقابل دعم الأخيرة لاتّفاق التهدئة الاقتصادية.
وأشَارَت المصادر إلى أن «مطالب المكوّنات الحضرمية تتمثّل في أن نفط حضرموت لحضرموت، بينما تجري مفاوضات على أن تتم إعادة تصدير النفط من ميناء الضبة النفطي مقابل منح حضرموت نصيب 20 % من عائدات ذلك النفط، بشرط أن تسخّر تلك العائدات في التنمية وتحسين الخدمات في المحافظة».
وفي حين تداولت مصادر مقرّبة من حكومة عدن روايات إحداها تشير إلى أن هناك حسماً قريباً لملف استئناف تصدير النفط من محافظتي شبوة ومأرب عبر ميناء الحديدة الخاضع لصنعاء، ومن حضرموت عبر ميناء الضبة، أكّـدت مصادر أُخرى أن هناك اتّفاقاً مبدئياً يقضي بتصدير النفط عبر ميناءَي الضبة في حضرموت والنشمة في شبوة، على أن تورّد عائداته إلى حساب مستقل لمدة عام كامل، تتولّى خلاله السعوديّة صرف المرتّبات قبل بدء السحب من الحساب رسميًّا.
وتفيد تلك التقارير بأن السعوديّة تسعى لاتّفاق يقضي بتخصيص 60 % من عائدات النفط لحكومة الإنقاذ و40 % للفصائل الموالية لها جنوبي اليمن، إلا أن مصادر اقتصادية في صنعاء تستبعد حسم الملف عما قريب.
وتشترط «أنصار الله» تخصيص عائدات النفط لصرف المرتّبات واعتماد الموازنات التشغيلية للهيئات والوزارات الحكومية، كما كان معتاداً قبل الحرب، وهو ما ترفضه السعوديّة التي تسعى لإبقاء عائدات النفط مجهولة عبر توزيعها كحصص على القوى اليمنية وتحت إشرافها.
وفي خضمّ ذلك، هدّد «حلف قبائل حضرموت»، أمس، بوقف أي محاولات لتصدير النفط من ميناء الضبة، كما انسحب من مفاوضات يقودها مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، بشأن عائدات المحافظة النفطية منذ أَيَّـام.
وطالبت قيادات في «مجلس حضرموت الجامع» و«حلف القبائل»، بدورها، بإعلان المديريات الشرقية من حضرموت، التي تضم الحقول النفطية الأهم، إقليماً خاصاً.
وجاء ذلك بالتزامن مع مغادرة رئيس «حضرموت الجامع»، عمرو بن حبريش، المكلا بعد انسحابه من اجتماع ترأّسه العليمي في مقر السلطة المحلية في المحافظة.
ووفقاً لمصدر في «حلف القبائل»، فإن ابن حبريش الذي يشغل أَيْـضاً منصب وكيل أول حضرموت، أبلغ العليمي بضرورة إدارة حضرموت من قبل أبنائها وإعطائها ما تستحقه من مكانة، وإلا فإن «حضرموت لن تعترف بشرعيته».
* الأخبار البيروتية