كل ما يجري من حولك

مفتي الوهابية وبنو أمية

615

محمد محمود مرتضى *

خلالَ استقباله مجموعة من الدعاة و”المفكرين” المشاركين في مهرجان “الجنادرية” في دورته الـ30، قال مفتي عام المملكة السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ إنَّ الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أطلق “عاصفة الحزم” بتحالف “عربي إسْلَامي للدفاع عن العقيدة الإسْلَامية التي تعرضت لهجوم خبيث من المد الصفوي الذي أراد الشر بالإسْلَام والمسلمين، وحاول دعاته زرع المكائد بين أَبْنَـاء الأمة، والإفساد في الأرض بمختلف الوسائل ومنها التشكيك في العقيدة ومنهج السلف الصالح، والعلماء”.

ودعا آل الشيخ إلَـى “توحيد صف الأُمَّـة الإسْلَامية والتصدي لمثلِ هذه المحاولات البغيضة من خلال الحفاظ على العقيدة والدفاع عنها، وتوضيح زيف ما يدعي الحاقدون وباطل ما يتبعون، ونشر قيم الإسْلَام وتعاليمه السمحة والتحذير من ذرائع الزيغ والانحراف التي يروجون لها”.

إن ربْطَ المصالح السياسية بعناوينَ دينيةٍ لإثارة الحقد والضغينة ليست بالجديدة على مفتي المملكة الوهابي، فالتلميذُ ابن استاذه محمد بن عبدالوهاب، الذي أعطى الغطاء الشرعي الديني لحليفه محمد بن سعود في التحالف الذي عمد بالدم والهدم، حيث قام ابن عبدالوهاب باستغلال الدين لإضفاء الشرعية على حركة سياسية من جهة، ولتحويل غارات السلب والنهب إلَـى “جهاد” مقدس، هدف إلَـى تجييش جماعة نجد من جهة، واستقطاب جميع قطاع الطرق آنذاك للقتال إلَـى جانب التحالف الجديد.

على أن إضفاء “المقدس” على السياسي لم تبدأ من ابن عبدالوهاب أَيْضاً بل هي وليدة سياسة ابتدأها الأُمَويون مع سياسات معاوية، حيث التركيز على عقيدة الجبرية من جهة، وضرورة اطاعة السلطان الجائر والفاجر، وجواز الجهاد تحت رايته. وهكذا تحولت راية الجهاد التي شرعت بالأَسَـاس للدفاع عن بيضة الإسْلَام وأعراض ومال المسلمين، إلَـى “جهاد” يهدف لتكديس ثروات الامراء والسلاطين وتوسيع ملكهم، وزيادة نسائهم وجواريهم.

ولذلك، فإن ما يقوله مفتي المملكة من مدح لولي أمره الملك سلمان لا يخرج عن إطار هذه السياسة التي سنها حكام بني أمية، فولي الامر عنده واجب الطاعة حتى لو كان فاجراً، شارباً للخمر، قاتلاً للنفس المحترمة. فلا عجب أننا لم نرَ يوماً موقفاً واحداً من المفتي تجاه هذا البذخ الشيطاني لأمراء المملكة في كازينوهات وصالات القمار في أُورُوبا وأَميركا فيما يعيش أَكثر من نصف الشعب السعودي تحت خط الفقر.

ومن جهة أُخْـرَى يصف المفتي السعودي الجمهورية الإسْلَامية في إيران بالصفوية، ويدعو لإقامة وحدة إسْلَامية، وهذا تصريح مباشر بتكفير إيران والشعب الإيراني، وتكفير الشيعة بشكل صريح، ثم هو يستنكر التفجيرات التي تضرب الاحساء ويعتبرها عملاً إجْرَامياً. هل هذا نوع من الازودواجية؟ بالطبع لا. فما هو المستنكر عند المفتي وفق العقيدة التي يعتنقها هو القتل داخل المملكة لا خارجها، فلو قُتل اهالي الاحساء في مكان آخر خارج أَرَاضِي المملكة لما سمعنا أي استنكار. على أن الدعوة للوحدة الإسْلَامية امر غير مفهوم ابدا والسبب هو: أي من المسلمين يقصد المفتي الشيخ؟ فانه وفق مذهب الوهابية لا يبقى مذهب من المذاهب الإسْلَامية ينجو من سيف التكفير، فالعقيدة الاشعرية والماتريدية التي تدين بها معظم المذاهب السنية هي عقيدة فاسدة وفق الرؤية الوهابية، هذا عدا عن تكفير الشيعة والصوفية وغيرهما.

يمارس المفتي هذا النوع من الخطاب التحريضي، ثم يأتي بعد ذلك هو ومن معه يتساءلون من أين أتى كُلّ هذا الحقد وكل هذه الكراهية وكل هذا التكفير والقتل واراقة الدماء.

 يتكلم المفتي عن تعاليم الإسْلَام السمحة فيما كتبهم تطفح بالقول إن النبي محمد (ص) قد جاء بالذبح.

بالطبع هو يعلم أن التكفير تكفيرهم، وان البضاعة بضاعتهم، وان علامة “الحق الحصري” لكل هذه الجماعات ممهورة بختم وهابيتهم البغيضة.

وباختصار، إذا أراد أيُّ باحث أن يفهم طبيعة هذا الخطاب للمفتي الوهابي فما عليه الا أن يعود إلَـى التأريخ الأُمَوي حيث يقتل البغي الصالح، ويقطع الدعي رأس ابن بيت النبوة، ويشن ابن الطلقاء الحرب على رأس الايمان فيما يحشو رأس جنده أن أمير المؤمنين الذي كرم الله وجهه بأنه لم يسجد لصنم لم يكن يصلي.

* موقع العهد الإخباري

You might also like