عبواتُ المقاومة أكثرُ تطوُّراً.. جنين تضرِبُ العدوَّ وتُوجِعُه بهذه الطريقة
متابعات| تقرير*:
مرة أخرى، تنجح المقاومة في مدينة جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة، في توجيه ضربة قاتلة تحت الحزام إلى جيش الاحتلال، عبر عملية نوعية أسفرت عن مقتل قائد فرقة وإصابة 16 جندياً وضابطاً، بعضهم بجروح خطيرة. ووصفت وسائل الإعلام الإسرائيلية ما حدث في جنين ليل الأربعاء – الخميس، بالكمين المركّب والمعقد، والذي نُفذ عبر تفجير عبوة ناسفة بمركبة عسكرية إسرائيلية محصنة من نوع «النمر»، ثم تفجير عبوة أخرى بمركبة عسكرية جاءت للإنقاذ. وكان قد رصد المواطنون، بهواتفهم، تفجير عبوات عدّة على أحد الطرق المؤدية إلى جنين، والتي تقتحم عبرها قوات الاحتلال المدينة، كما رصدوا وصول مركبات إسعاف وهبوط 3 مروحيات لنقل الجرحى من المكان. وفي التفاصيل، فإن قوة إسرائيلية كانت في صدد اعتقال نشطاء من حركة «حماس»، داست على عبوة مدفونة تحت الأرض على عمق حوالى متر ونصف متر، وهو ما لاقته أيضاً القوة التالية التي جاءت لإنقاذها، رغم أنه تم تفعيل الجرافات لتمهيد الطريق قبل دخول الجنود، في ما أدى بمجمله إلى تلك الحصيلة الثقيلة. وبحسب ما أفادت به إذاعة جيش العدو، نقلاً عن التحقيقات الأولية التي أجراها الأخير، فإن العبوتين انفجرتا واحدة تلو الأخرى، وقد كانتا كبيرتين بشكل خاص، فيما لا يُعرف حتى الآن كيف جرى تفجيرهما.وتحمل هذه العملية دلالات عدة على تطور إمكانات المقاومة، رغم كل عمليات الاستهداف والملاحقة والتدمير التي يقوم بها جيش الاحتلال ضدها وحاضنتها، والتي يتخلّلها نشاط دائم لطائرات الاستطلاع والمراقبة في سماء جنين. وتُسجّل، في هذا الإطار، قدرة المقاومين على رصد الاقتحامات الإسرائيلية، وتوقع مسار دخول الآليات، وبالتالي النجاح في زرع العبوات بطريقة استثنائية، ومنع الجرافات العسكرية العملاقة من كشفها، ثم تفجيرها من بعد وبشكل دقيق، ما يشير إلى استقاء المقاومة العِبر جيداً. كما أن استهداف مدرعة «النمر» التي تعدّ الأكثر تحصيناً لدى جيش الاحتلال، وفخر الصناعة العسكرية الإسرائيلية – علماً أنه ليس الأول من نوعه في جنين – يحمل رسالة تحدّ إلى العدو بأن أكثر الآليات المحصنة لن تكون بعيدة عن أيدي المقاومين. ويُضاف إلى ما تقدّم، أن عملية جنين شكلت صفعة لجيش الاحتلال جراء العدد الكبير من الإصابات وهوية القتيل فيها؛ إذ ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الأخير هو الضابط ألون ساكجيو من «سيريت ميتكال» التابعة للواء «كفير»، وقد رُفّع إلى رتبة نقيب إثر مقتله، بعد أن كان قائد فرقة القناصة في الوحدة المذكورة.
«الجيش يواجه كل يوم تهديداً متزايداً من الألغام والعبوات الناسفة التي أصبحت أكثر تعقيداً»
وعلى ضوء ذلك، سلطت إذاعة جيش الاحتلال الضوء على الأوضاع الميدانية في الضفة، ومسار المقاومة وآليات عملها هناك، لافتة إلى أن «الجيش يواجه كل يوم تهديداً متزايداً من الألغام والعبوات الناسفة التي أصبحت أكثر تعقيداً»، وهو ما بات ملموساً ليس في جنين فقط، وإنما أيضاً في مناطق متفرقة مثل طولكرم وقلقيلية. وبالتزامن مع ارتفاع وتيرة الحديث في وسائل الإعلام الإسرائيلية عن احتمال انفجار الأوضاع الأمنية برمتها في الضفة، والذي سيكون مصاحباً لانهيار السلطة الفلسطينية، نقل مراسل قناة «كان»، أليئور ليفي، عقب عملية جنين، عن مصادر في الضفة قولها إنه «وفقاً لمستوى التهريب الحالي لوسائل قتالية عبر الحدود الأردنية، فإن حماس والجهاد الإسلامي يمكنهما، خلال عام، مراكمة المعرفة والخبرة لإطلاق صواريخ من الضفة على إسرائيل»، و«(إننا) لا نتحدث عن صواريخ كتلك التي حاولوا إطلاقها من جنين سابقاً، بل شبيهة بتلك الموجودة لدى حماس في قطاع غزة، وتُطلق على منطقة الغلاف». وأشار ليفي إلى أن «الإسرائيليين اكتشفوا، الأسبوع الماضي، أن المال والخبرة يصلان من جهات إيرانية، عبر لبنان ثم الأردن، وقد عمل الجيش في قلقيلية وطولكرم على محاولة مكافحة هذه الظاهرة».
وستلقي عملية جنين بظلالها على المستويين العسكري والسياسي في إسرائيل في الأيام المقبلة؛ كونها تشكل مؤشراً إلى ما قد يكون عليه الوضع إذا ما انفجرت ساحة الضفة، حيث التطور مستمر في إمكانات المقاومة ومواردها المادية والبشرية. وفي هذا السياق، ناقش مجلس الوزراء الإسرائيلي، خلال اجتماع مساء الخميس، ما حدث في جنين، فيما أشارت «القناة الـ14» إلى أن «الجهاز الأمني سيكون مضطراً إلى تقديم تفسيرات كثيرة». وبحسب التقديرات الأمنية الإسرائيلية، فإن ساحة الضفة باتت مرتبطة بجدول أعمال محور المقاومة، وتحديداً إيران، التي تتهمها إسرائيل بأنها تقف خلف ضخ المال والسلاح هناك، وتكثيف عمليات تهريب المتفجرات، عبر الحدود الأردنية، في محاولة لإحداث تغيير نوعي. وكان قد استنفر حدث أمني، قبل أيام، المؤسسة الإسرائيلية، بعد تلقي جيش الاحتلال تحذيراً بشأن اختراق السياج الحدودي مع الأردن، بالقرب من «كيبوتس أشدوت يعقوب»، حيث فشل الجنود في العثور على «مشتبه بهم» دخلوا المنطقة، قبل أن يكتشف قصاصو الأثر آثار ستة أشخاص على الأقل اخترقوا الحدود، ولم يتم العثور عليهم بعد، وفقاً لما نشرته صحيفة «معاريف».
وأشارت الصحيفة إلى أنه «اتضح أنه من أجل اختراق حدود إسرائيل مع الأردن، لا يتعين عليك بذل الكثير من الجهد، حيث يوجد عدد من الثقوب التي لم يتم إصلاحها على طول السياج الحدودي». ونقلت عن أحد المستوطنين قوله في خصوص حدث «شعار الجولان»، إنه «لم يتم إخطار جميع المستوطنين بالحادثة. نشعر أنه يتم إخفاء الوضع الأمني بشكل متعمد، وهذه الفجوات في المعلومات لا تؤدي إلا إلى زيادة القلق الشديد لدى المستوطنين»، و«إنهم يقولون للمستوطنين إن هناك شبهة حادث أمني، وبعد ذلك من الممكن العودة إلى الوضع الطبيعي. هناك شعور بأن هناك أموراً على السياج، ولكنْ أيضاً ثمة غموض كبير. من المستحيل أن نبقى صامتين عندما لا نتلقى تفاصيل عما يحدث، هناك شعور بأنه لا يوجد شيء يتم الاعتناء به».
* الأخبار البيروتية