أمريكا تعودُ إلى الديبلوماسية: المعركةُ البحرية ارتدادٌ لـ«غزة»
متابعات| تقرير*:
ضاعفت صنعاء جهدها العسكري المساند للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، في الأيام الماضية، ما دفع البحرية الأميركية إلى الاعتراف مجدداً بصعوبة المعركة، وأجبر واشنطن على العودة إلى المسار الديبلوماسي، علّها تحقّق اختراقاً في جدار الأزمة. وهذه المرة، دشّن المبعوث الأميركي إلى اليمن، تيم ليندركينغ، جولة جديدة في المنطقة، بتصريحات خلت من نبرة التحدي السابقة، معترفاً، للمرة الأولى، بأن عمليات البحر الأحمر وخليج عدن هي أحد تداعيات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وآملاً قبول صنعاء بعروض أميركية سبق أن رُفضت لديها. وفي هذا الإطار، كشفت مصادر مطّلعة، لـ«الأخبار»، أن واشنطن تحاول رفع سقف العروض المقدمة، بما يشمل الاعتراف بشرعية حركة «أنصار الله»، والتراجع عن تصنيفها ضمن الكيانات الإرهابية، والدفع نحو توقيع اتفاق السلام. وقبل توجّهه إلى السعودية وسلطنة عمان، أبدى ليندركينغ حرص بلاده على إحلال السلام في اليمن، فيما قالت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، إن المبعوث سيعقد اجتماعات مع المسؤولين الإقليميين للتركيز على تأمين سلام دائم للشعب اليمني، مؤكدة الالتزام الراسخ بـ«دعم السلام وتخفيف الأزمات الإنسانية والاقتصادية التي يعاني منها الشعب اليمني». ومن جهتها، أوضحت مصادر «الأخبار» أن عودة ليندركينغ هي «محاولة أخيرة من قبل واشنطن لوقف هجمات صنعاء ضد السفن الإسرائيلية والأميركية والبريطانية في البحر الأحمر»، مبيّنة أن «الملف الأساسي في الجولة هو تهدئة الأوضاع في البحر الأحمر قبل الحديث عن السلام». وتوقّعت المصادر وصول وفد عُماني – سعودي رفيع المستوى إلى صنعاء خلال الساعات المقبلة، لإجراء محادثات مع «أنصار الله» حول مسار السلام، مشيرة إلى أن الوفد سيحمل عرضاً أميركياً متجدّداً، هدفه إنهاء المعركة البحرية.
ويتزامن هذا الحراك الأميركي مع آخر سعودي مواز؛ إذ كشفت مصادر مقرّبة من التحالف السعودي – الإماراتي عن سحب الرياض، الأحد، ملف اليمن من يد السفير محمد آل جابر، لأول مرة منذ تسع سنوات. ووفقاً لمساعد رئيس تحرير صحيفة «عكاظ»، عبد الله آل هتيله، فإن ملف المفاوضات مع صنعاء تم تسليمه إلى وزير الدفاع السعودي، خالد بن سلمان، كونه المسؤول عن ملف اليمن في الديوان الملكي. وأشار آل هتيله، في منشور على «إكس»، إلى أن «الشخصية التي تدير الملف اليمني حالياً، قادرة على الخروج من المستنقع إلى برّ الأمان»، مضيفاً أن «ابن سلمان يتمتع بحنكة سياسية ويحتفظ بعلاقات جيدة مع كل الأطراف اليمنية». ويترافق تسلّم الأخير للملف، مع الكشف عن ترتيبات لعقد مؤتمر جديد للقوى اليمنية الموالية لـ«التحالف» في الرياض، ونية السعودية إجراء تعديلات على «المجلس الرئاسي».
تسود توقّعات بوصول وفد عُماني – سعودي إلى صنعاء لإجراء محادثات حول مسار السلام
ميدانياً، أكدت القيادة المركزية الأميركية، في أكثر من بيان خلال الأيام الماضية، تعرّض قواتها لعدد من العمليات الهجومية، والتي نتج منها حدوث أكثر من اشتباك بحري. وأعلنت أن تلك القوات أسقطت طائرتين مسيّرتين خلال اشتباك جرى الأحد، وأنها هاجمت، الثلاثاء، سفينة مسيّرة كانت متّجهة نحو إحدى سفنها في البحر الأحمر. كذلك، شهد البحر الأحمر، أول من أمس، عملية يمنية جديدة في إطار قرار حظر الملاحة الإسرائيلية؛ إذ أفادت «هيئة عمليات التجارة البريطانية» بتسجيل حادث على بعد نحو 150 ميلاً عن ميناء الحديدة، من دون أن توضح طبيعته، فيما تحدثت تقارير إعلامية عن استهداف سفينة جديدة، علماً أن هذا التطور جاء بعد ساعات من شنّ العدوان الأميركي – البريطاني غارة على الحديدة، طالت مدينة الطائف الساحلية.
ودفع تصاعد العمليات هذا، القوات الأميركية، إلى الاعتراف، مجدّداً، بصعوبة مواجهة الهجمات اليمنية، إذ نقلت قناة «العربية» عن مسؤول عسكري أميركي حديثه عن توجّه بلاده إلى سحب جزء من العتاد العسكري لتفادي تعرّضه للقصف من قبل قوات صنعاء في البحر الأحمر. وقال المسؤول للقناة إن «وجود عدد أقل من السفن العسكرية يمثّل أهدافاً أقل للهجمات من اليمن». وفي الإطار نفسه، أكد مصدر عسكري مطلع في صنعاء، لـ«الأخبار»، أن «القوات البحرية اليمنية تمكّنت من استنزاف إمكانات البحرية الأميركية خلال المدة الماضية، واتجهت نحو استخدام تكتيك عسكري جديد يهدف إلى إجهاد القوة البشرية العاملة في بوارج العدو، عبر تكثيف الهجمات التي تصاعدت منذ مطلع شهر رمضان، وزادت بشكل لافت مع الاقتراب من نهايته». وأشارت المصادر إلى أن «ما يُعلن عنه من قبل القيادة المركزية الأميركية بشكل يومي، أقل من الواقع، ومع ذلك يمثّل اعترافاً بضراوة المعركة البحرية». ولفت إلى أن «التصريحات المتكرّرة لقيادات في البحرية الأميركية عن خطورة عمليات صنعاء، عكست عجز الإمكانات المتطورة التي تمتلكها عن مواجهة الصواريخ البحرية المضادة للسفن والطائرات المسيّرة، وهو ما دفعها إلى طلب دعم إضافي من الكونغرس بقيمة 93 مليون دولار لمعالجة قصور نظام “ستاندرد ميسلي – 2″، الذي تعتمد عليه تلك البحرية لإسقاط الصواريخ والطائرات المسيّرة».
* الأخبار اللبنانية