مقامرةٌ بريطانيةٌ في اليمن: بحثاً عمّا يرضي “إسرائيل”
متابعات| تقرير*:
بعد أشهر من العدوان الأميركي – البريطاني على اليمن، يبدو أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تبحثان عن خيارات بديلة تكتيكية واستراتيجية لمواجهة صنعاء عبر أدوات محلية، خصوصاً بعد نأي التحالف السعودي – الإماراتي بنفسه عن المشاركة ضمن الحلف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد اليمن. غير أن القوى المحلية المناوئة لحركة «أنصار الله»، لا تبدو في جاهزية لفتح جبهات جديدة، على رغم مناشدتها المتكرّرة، واشنطن ولندن، لدعمها في معركة هجومية، لا دفاعية فقط، وهو ما جاء على لسان رئيس «المجلس الرئاسي»، رشاد العليمي، الذي كشف صراحة عن إلحاح «يومي وشهري وسنوي» من قبل حكومته، على «المجتمع الدولي» من أجل تسليح قوّاته لشن هجوم شامل على قوات صنعاء، معتبراً أن «المعركة الدفاعية في البحر الأحمر لن تنفع». ولم تكتف تلك القوى بالموقف الرسمي لـ«المجلس الرئاسي»، بل كانت مكوّنات منضوية ضمن المجلس، قد سبقت رئيسه، وسجّلت مواقف متفرّقة، سواء منها «المجلس الانتقالي الجنوبي» الذي طالب بدعم عسكري وتقني عاجل وشراكة استخباراتية مع الولايات المتحدة لمواجهة صنعاء، أو «المقاومة الوطنية»، التي يزور قائدها، طارق صالح، لندن، حالياً من أجل الحصول على دعم وازن لقواته للمشاركة في المواجهة مع «أنصار الله». وبحسب تصريحات رسمية، فإن لندن التزمت بتقديم دعم عاجل، إضافة إلى دعم استراتيجي لم يُكشف بعد عن طبيعته. وبرأي محلّلين، فإن هذا الدعم سيقتصر على تقديم زوارق بحرية، ومُسيّرات، فضلاً عن تدريب فريق في المملكة المتحدة على القطع البحرية البريطانية.
لكن بعض هؤلاء المحلّلين يرون أنه إذا كان لدى لندن فعلاً قرار بتحريك ملف الحرب في اليمن، فلن يمر القرار من بوابة طارق صالح، ولكن من خلال العليمي، خصوصاً أن طارق سيتلقّى الدعم لقواته هو، لا لكل القوات التابعة لـ«المجلس الرئاسي». ويبدو أن المملكة المتحدة متنبّهة إلى خطورة قرار كهذا، ولا تريد الاحتكاك بالسعودية، ولن تقامر بمصالحها مع الأخيرة، التي لديها ترتيبات خاصة بالسلام. وفي الوقت نفسه، يظهر أن لندن مجبرة تحت الضغط الإسرائيلي، على تحريك شيء ما على الأرض بشكل عاجل، ولو عبر فتح جبهة واحدة، من أجل السيطرة على منطقة ما في الساحل الغربي، والاستثمار فيها كورقة ضغط على صنعاء.
السؤال الآن هو: هل فعلاً سيدفع الحلف الذي تقوده واشنطن، بتلك الأطراف المحلية إلى خوض مواجهة مجدّداً مع صنعاء، على رغم سريان الهدنة بين الأخيرة والتحالف السعودي – الإماراتي؟ وكيف يمكن لتلك القوى خوض المواجهة من غير إسناد «التحالف»؟ أم أن الدعم الدولي محصور فقط بمعركة «الدفاع لحفظ الملاحة»، فضلاً عن إنشاء قوة بحرية محلية من أجل القيام بدور مستقبلي لتفادي المواجهة الدولية مع «أنصار الله» في البحر الأحمر؟ أيّاً يكن، فالأكيد أن نتائج هذا الفعل العسكري لن تصبّ في صالح الحلف، حيث ستجد القوى المحلية نفسها في مواجهة ستفضي إلى تغيير خارطة الانتشار وضرب المعادلة القائمة منذ عامين. صحيح أن الضرر الأكبر سيلحق بالسعودية، على اعتبار أن المعركة ستفسد كل جهود السلام التي تعكف على إتمامها منفردة، إلا أن الضرر أيضاً سيشمل الإمارات، خصوصاً أن خياراتها محصورة بين عدم المشاركة وبالتالي سقوط نفوذها في مناطق استراتيجية من اليمن، أو مشاركتها ودفع ثمن ذلك باستهداف «أنصار الله» مواقع حسّاسة في الإمارات، وبالتالي اتساع رقعة المواجهة في المنطقة، ليس فقط في مواجهة التحالف السعودي – الإماراتي، وحلفائه المحليين، ولكن أيضاً في مواجهة الوجود الأميركي في المنطقة، الأمر الذي تخشاه واشنطن منذ بدء العدوان على غزة.