هذه تفاصيل الجهود الأمريكية لثني صنعاء عن التصعيد!
متابعات| تقرير*:
كان مشهد غرق السفينة الأمريكية في خليج عدن، أصدق إنباءً بواقع الولايات المتحدة في البحرين الأحمر والعربي؛ إذ إن العملية النوعية التي انتقلت فيها القوات المسلحة من الاستهداف الموضعي إلى الإغراق المتعمّد، تعكس التورط الأمريكي المتزايد في معركة كانت آخر ما يريده الرئيس الأمريكي المرشح لولاية ثانية، والتي بدأت تأخذ منحى أكثر تعقيداً في ظل تعثر المفاوضات لوقف إطلاق النار، وانفتاح المواجهة على أكثر من سيناريو يكون التوقيت غير المعلوم لإنهاء الحرب أمراً مشتركاً بينها.
مع تصاعد وتيرة ونوعية العمليات العسكرية اليمنية والتي وصلت إلى مستوى استهداف أكثر من سفينة خلال 24 ساعة، ثم القيام بعمليات مزدوجة في البحر والبر مع إسقاط طائرة تجسسية استطلاعية أمريكية في محافظة الحديدية، تدل المؤشرات على أن قرار التصعيد قد اتخذ. في حين أن الإشكالية الأمريكية البريطانية تكمن في ليّ ذراع صنعاء وتجريدها من قدرتها دون الذهاب إلى حربٍ مفتوحة.
ينتج هذا الحال واقعاً معقداً بالنسبة إلى واشنطن.، إذ أن المشي بخطوات حذرة بين النقاط حتى وأن لبّى الهدف بالالتزام “بالاشتباك النظيف”، يضر بصورة الهيمنة الأمريكية. والتعويل على الوقت لحل مثل هذه المعضلات تجعل الأمر أكثر سوءاً، على بعد أشهر من الانتخابات الرئاسية الأمريكية والمأزق الإسرائيلي في قطاع غزة.
ويؤكّـد عضو المكتب السياسي في حركة أنصار الله، محمد البخيتي، في حديث خاص لموقع “الخنـادق” أن العمليات النوعية تأتي في سياق التصعيد ضد الكيان الصهيوني؛ بسَببِ الاستمرار بجرائم الإبادة بحق الشعب الفلسطيني ورداً على العدوان الأمريكي الذي يطال اليمن وهذا يعتبر حقاً مشروعاً”. مُشيراً إلى أنه “حتى الآن لم تتسبب عملياتنا في مقتل أي افراد بينما تسببت العمليات الأمريكية والبريطانية سواء المباشرة أَو غير المباشرة التي بدأت في عام 2015 في وفاة ملايين اليمنيين سواء قتلاً أَو؛ بسَببِ المجاعة”.
ويضيف البخيتي في إطار حديثه عن الجهود الأمريكية الرامية إلى وقف العمليات العسكرية اليمنية في البحرين الأحمر والعربي، إلى أن مسار الضغط الأمريكي على صنعاء اتخذ عدة مستويات.، إذ أنه بدأ بالتهديد لعدم التدخل ثم الترغيب لوقف العمليات وأخيرًا الترغيب لخفض التصعيد. ويشير إلى أن “الرسالة الأمريكية الأولى كانت عبر الوسيط العماني كانت رسالة تهديد والفحوى منها أن أمريكا قد أبلغت كُـلّ الدول العربية والإسلامية بعدم التورط في دعم الاخوان في فلسطين وأن فعلت ذلك ستكون العقوبة بهجوم أمريكي عسكري مباشر وأضافوا أن كُـلّ الحكومات العربية الإسلامية قد التزمت، وأن على اليمن القيام بالمثل”.
وتابع البخيتي أن “جواب القيادة في اليمن كان واضحًا وهو الطلب من واشنطن بحذف اسم صنعاء من قائمة الاملاءات التابعة لها وأن اليمن سيتدخل عسكريًّا لصالح الشعب الفلسطيني ولوقف جرائم الإبادة”.
وعن تفاصيل الرد اليمني على الرسالة الأولى، يكشف البخيتي أنه في الخطوة الأولى في إطار الرد كان تواصل قائد حركة أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي مع القوات الصاروخية والجوية بتنفيذ أول استهداف في عمق كيان الاحتلال وبالتالي وصل الجواب إلى الأمريكي بالصواريخ والطائرات قبل أن يصل الجواب من الوسيط العماني”.
ويضيف البخيتي أنه “بعد ذلك لجأت أمريكا إلى أُسلُـوب الترغيب وعرض على القيادة في اليمن بالاعتراف بحكومة صنعاء وبتمكين اليمن باستعادة ثرواته النفطية والغازية والتخلي عن أدواتهم في الداخل مقابل وقف اليمن لعملياته العسكرية ضد الكيان وفي البحر الأحمر والعربي ولكن القيادة رفضت ذلك بشكل قاطع”. مؤكّـداً على أن “صنعاء كان على استعداد لتحقيق السلام على مستوى الداخل اليمني وعلى مستوى الإقليم لكن كملف منفصل عما يجري في البحر الأحمر”.
بعد أن لمست واشنطن ضيق خياراتها في وقف العمليات العسكرية في البحرين الأحمر والعربي، وإصرار صنعاء على المضي بقرارها، عدلت عن طلبها الأول في وقف العمليات وذهبت نحو طلب “أقل حدّة” وهو خفض التصعيد. ويقول البخيتي في هذا الصدد أن “نحن لا نتحَرّك من منطلق المصلحة الشخصية بل؛ بهَدفِ وقف الإبادة الجماعية في غزة”. مؤكّـداً “العمليات العسكرية سواء في عمق الكيان الصهيوني أَو في البحر الأحمر لن تتوقف أن لم تتوقف جرائم الإبادة الجماعية في غزة حتى لو اضطررنا للقتال إلى يوم القيامة”.
* الخنادق