هكذا رَدَّت “إسرائيل” من داخل اليمن على هجمات صنعاء الصاروخية
متابعات| تقرير*:
إسرائيل ليست ساكتة عن الهجمات الصاروخية التي تنفذها قوات صنعاء إسناداً وتضامناً مع الفلسطينيين، فمنذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة،
عقب معركة “طوفان الأقصى” التي بدأتها حركة حماس في السابع من أُكتوبر المنصرم على مواقع ومعسكرات ومستوطنات الإسرائيليين في القطاع المحتلّ، أعلنت صنعاء دخولها خط المواجهة بشكل مباشر ونفذت عدداً من الهجمات الصاروخية، كان آخرها مساء الاثنين، حَيثُ أعلن المتحدث الرسمي لقوات صنعاء، عبر بيان عسكري، تنفيذ عملية هجومية بطائرات مسيّرة باتّجاه الكيان المحتلّ، أَدَّت إلى توقف الحركة في عدد من مطاراته، ومقابل ذلك تتحَرّك إسرائيل من خلال وكلائها في المنطقة وتدرس معهم كيفية الرد على هجمات صنعاء، وكعادة الكيان الإسرائيلي يحرص على تحقيق أهدافه بدون خسائر، أَو بأقلها.
أصبح لدى الكيان الإسرائيلي، في منطقة الشرق الأوسط، من ينوب عنه ويحقّق غاياته أيّاً كانت، ومن حظه أن هؤلاء الوكلاء حريصون على العمل؛ مِن أجلِه بإخلاص لا مثيل له، وأبرزهم الإمارات التي وقع معها اتّفاقية تطبيع علني وشامل، وهي اتّفاقية ملزِمة بالتعاون في شتى المجالات، خُصُوصاً الدفاع المشترك في حال نشوب حرب، وتأتي في الدرجة الثانية السعوديّة حتى وإن لم تطبّع علناً، فعلاقتها مع إسرائيل وصلت إلى مستويات متقدمة منذ وقت مبكر.
وتأتي التحَرّكات الإسرائيلية للرد على هجمات صنعاء، أَو وقفها، عبر الدولتين الخليجيتين اللتين أعلنتا التأييد الكامل لإسرائيل في حربها على الفلسطينيين، وهما الدولتان اللتان تسيطر قواتهما، أَو الفصائل المسلحة اليمنية الموالية لهما، على أجزاء كبيرة من المحافظات اليمنية الجنوبية والشرقية، منذ حرب التحالف على اليمن- بقيادة السعوديّة- والتي بدأت في السادس والعشرين من مارس عام 2015م، ولا تزال قائمة حتى اليوم.
وبموجب ما اقتضته الحاجة الإسرائيلية للرد على هجمات صنعاء، استدعت الإمارات والسعوديّة عدداً من قادة الفصائل المسلحة التي تمولها الدولتان الشريكتان في الحرب على اليمن، لتلقي التعليمات عن مهماتهم الجديدة، أَو الطارئة بتعبير أدق، إزاء الهجمات التي تنطلق من اليمن باتّجاه إسرائيل، فالرياض وأبوظبي معنيتان بتأمين الكيان المحتلّ والنأي به عن أي خطر يتهدّده من صنعاء، أما أدواتهما المحلية في اليمن فلم تُمنح الألقاب والصفات وتتلقَ التمويل والدعم إلا لتنفيذ الأوامر، وقد كانت عند حُسن الظن وكما أرادت السعوديّة والإمارات على مدى تسع سنوات، حتى أن نموذجها في الطاعة تخطى اعتبارات السيادة والكرامة.
وفي إطار التحَرّك لحماية الكيان الإسرائيلي، كشفت مصادر سياسية عن توجيهات إماراتية لطارق صالح- الذي يقود تشكيلات مسلحة ممولة من أبوظبي تحت مسمى حراس الجمهورية في الساحل الغربي لليمن- بالتصعيد ضد الحوثيين في مناطق المخا وميدي وبعض مناطق الحديدة التي تسيطر عليها القوات الممولة إماراتياً، وحسب المصادر فإن هذه التوجيهات تأتي في إطار الرد على هجمات الحوثيين وإشغالهم عن الاستمرار في استهداف الكيان الإسرائيلي.
المصادر أكّـدت أن التوجيهات الجديدة تأتي ضمن تعليمات أمريكية وإسرائيلية للإمارات وحليفها طارق صالح، مشيرةً إلى أن زيارته للعاصمة الأردنية عَمّان، ولقاءه دبلوماسيين غربيين تأتي ضمن المهمة الجديدة التي أوكلتها إليه أبوظبي.
وكانت صنعاء حذّرت طارق صالح، في وقت سابق، عبر عضو المكتب السياسي لأنصار الله، محمد البخيتي، من أي تحَرّكات تخدم الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة، الأمر الذي فسره مراقبون بأن قيادة صنعاء ترصد تحَرّكات وكلاء الرياض وأبوظبي في اليمن والكيفية والمعطيات التي يتحَرّكون بموجبها.
وقال البخيتي، في تدوينة على منصة إكس: “ننصح طارق عفاش بعدم القيام بأي تحَرّكات تصعيدية جديدة لصالح أمريكا وإسرائيل في الساحل الغربي ومضيق باب المندب، لأن الجميع باتوا يعرفون ارتباطه المباشر بإسرائيل التي تعمل مع أمريكا للحفاظ على نفوذه الشكلي كغطاء لتواجدها هناك، بعد أن يئست من احتلال صنعاء لإعادة سفيرها لحكم اليمن”، في إشارة إلى أحمد علي صالح، نجل الرئيس الأسبق، الذي كان سفيراً لليمن في الإمارات إبان الفترة الأخيرة من حكم والده، وظل مقيماً فيها حتى اللحظة.
وفي تحَرّك مماثل وللأسباب نفسها، المتعلقة بدخول صنعاء خط المواجهة مع الكيان الإسرائيلي، تلقى رجل الإمارات في محافظة مارب، صغير بن عزيز، الذي فرضته أبوظبي رئيساً لهيئة الأركان بوزارة الدفاع التابعة لمجلس القيادة الرئاسي والتحالف، توجيهات مشابهة، كشفها الإعلامي العسكري في قوات التحالف، عبدالرحمن الصبري، المقيم في مدينة مارب، حَيثُ قال في تدوينة على منصة إكس، قبل حوالي أسبوعين، إن صغير بن عزيز يتآمر مع الولايات المتحدة وإسرائيل ضد الفلسطينيين، وتم استدعاؤه لحضور اجتماعات مع قيادات في القوات الأمريكية، بعد بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وعقب هذا الاتّهام، ظهر الإعلامي العسكري عبدالرحمن المصري، في تسجيل مرئي على موقع إكس، وهو بحالة نفسية سيئة، قائلاً إن صغير بن عزيز هدّده بالسجن والتصفية الجسدية، انتقاماً من اتّهامه بالتآمر ضد فلسطين، ووصف المصري التهديدات بـ”التصرفات الحمقاء”، منوِّهًا بأن “السجن أَو القتل” لا يساوي شيئاً أمام ما يحصل في قطاع غزة وقول كلمة الحق، محملاً رجل الإمارات في مارب، صغير بن عزيز، المسؤولية الكاملة عن تعرضه لأي مكروه.
YNP * / إبراهيم القانص