مسارا التطبيع و«اليمن» متلازمان: الرياضُ وتلُ أبيب تكبِّران طموحَهما
متابعات| تقرير*:
إذا كان التطبيع السعودي – الإسرائيلي «المنشود» عنواناً لتحالف إقليمي بوجه محور المقاومة الذي يقع اليمن في قلبه، فإن كلا المسارَين، أي التطبيع والحرب اليمنية، يضْحيان مرتبطَين عضوياً، وخصوصاً أن التعاون السعودي – الإسرائيلي في اليمن قائم منذ ما قبل الوصول إلى الحديث عن صفقة ثلاثية بين الرياض وواشنطن وتل أبيب. ولأن أيّ صفقة من هذا النوع ستؤدّي إلى تعزيز مكانة السعودية في الاستراتيجية الأميركية في المنطقة، وفي الوقت ذاته إلى تقوية التعاون الأمني والعسكري بينها وبين إسرائيل ضمن اتفاقيات أمنية مباشرة أو برعاية من الولايات المتحدة، فذلك يعني بالضرورة أن كلا الطرفَين سيكونان معنيَّين، أكثر ممّا كانا في أيّ وقت مضى، بمنع تصاعد قوة «أنصار الله» والعمل على محاصرتها.
يد التطبيع إلى فرصة، وخاصة إذا أسفر عن نشوء تماس مع العدو الإسرائيلي
لا يعني ما تَقدّم، أن التطبيع السعودي – الإسرائيلي سيؤدي إلى عودة الحرب في اليمن بشكلها السابق، غير أن أطراف «تحالف الحرب» ورعاته الغربيين ومعهم تل أبيب، سيسعون في المستقبل، ما استطاعوا، إلى حصر حركة «أنصار الله» في الشمال اليمني، وحرمانها من الاستفادة من شواطئ البحر الأحمر وبحر العرب، وبالتالي منع تفعيل الإمكانات التي تمتلكها قواتها. والواقع أن العمل جارٍ منذ فترة ليست بالقصيرة على ذلك، حيث بدأت إسرائيل، منذ ما قبل الحديث عن التطبيع الكامل والعلني، إرساء سلسلة من الترتيبات الأمنية والعسكرية المباشرة مع السعودية، فضلاً عن تفعيلها تحالفها مع الإمارات التي تسيطر على مناطق وجزر يمنية مهمّة، من أجل ضمان استخدامها الآمن لمضيق باب المندب، بل والتحكّم به. وتؤكد مصادر استخباراتية في صنعاء، في هذا المجال، التواجد الإسرائيلي في جزيرة ميون في قلب باب المندب، وحصول زيارات متكرّرة لوفود أمنية إسرائيلية مع ضباط إماراتيين إلى مدينة المخا على ساحل البحر الأحمر. وفي حال اكتملت عملية التطبيع، فإن الرياض وتل أبيب ستجدان نفسيهما في قلب معادلة أمنية مشتركة في البحر الأحمر (الأهداف نفسها والعدو عينه)، بالتعاون مع واشنطن المتواجدة هناك منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
على أن أكثر ما يجب أن يُقلق الجانبَين، هو احتمال أن يتمكّن الجانب اليمني من تحويل تهديد التطبيع إلى فرصة، والاستفادة من جوانبه الأمنية والعسكرية لتشكيل الظروف المثالية التي تطمح صنعاء إلى توليدها، من أجل تفعيل عدائها المتقادم للكيان الإسرائيلي. إذ سيتيح نشوء خطّ تماس مباشر مع العدو، الانتقال من حالة العداء السياسي والمعنوي التي يعبّر عنها القادة اليمنيون في مختلف المناسبات الدينية والسياسية، إلى حالة استخدام القوة وتثبيت معادلات الردع على كامل الخريطة الجيوسياسية، من البحر الأحمر إلى المواقع الحيوية لدول التطبيع (إسرائيل والسعودية والإمارات).
* الأخبار البيروتية