أمريكا تفجِّــرُ مفاجأة مدوية وصادمة: لا نريدُ للحوثي أن يحقِّقُ مطلبَ اليمنيين بصرفِ المرتبات.. لهذا السبب (تفاصيل)
اعترافات أمريكية: لماذا لا نريد للحوثي أن يحقق مطلب المرتبات؟
متابعات| رصد:
نُشرت دراسةٌ حديثةٌ تلخص أهم وأبرز ما أقر به مسؤولون أمريكيون بشأن تدخلات واشنطن المباشرة في عرقلة مسار السلام في اليمن، ووقوفهم المباشر خلف الحرب الاقتصادية وُصُـولاً إلى منع صرف المرتبات بعد أن كانت السعوديّة قد وافقت في رمضان الفائت ثم تراجعت على وقع الضغوط الأمريكية.
وأعد الدراسة الصحفي زكريا الشرعبي، ونشرت في الصحف المحلية اليمنية.
وفيما يلي أبرز ما تناولته الدراسة نسرده في نقاط رئيسية:
في تصريح لجريدة الاتّحاد الإماراتية أظهر المبعوث الأمريكي الخاص باليمن ثيموتي ليندركينغ معارضة بلاده الصريحة للمفاوضات التي كانت انطلقت بين صنعاء والرياض حول الترتيبات الإنسانية لمسار السلام والتي كانت تدور حول نقطة صرف رواتب الموظفين من عائدات النفط والغاز.
قال ليندركينغ إن بعض القضايا، التي تتم مناقشتها، مثل كيفية ضمان حصول جميع موظفي القطاع العام على رواتبهم، معقدة، زاعما أن مناقشة صرف الرواتب يمكن أن يكون لها آثار على مستقبل اليمن.
لا يعرف اليمنيون الذين انقطعت رواتبهم منذ أواخر العام 2016م ويعيشون أسوأ مأساة إنسانية في العالم، كيف يمكن أن يؤثر دفع المرتبات على مستقبل اليمن، ولا يجدون تفسيرا لذلك سوى أن واشنطن تستخدم التجويع كوسيلة لإخضاعهم.
يعترف وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في مذكراته التي صدرت مطلع العام الجاري أن أولى مهام ولي العهد السعوديّ محمد بن سلمان كانت مساعدة الولايات المتحدة الأمريكية في اجتثاث ما زعم أنه النفوذ الإيراني في اليمن (2)، ويؤكّـد عدد من أعضاء الكونجرس مثل “رو خانا وراند بول، وكريس مورفي، وتيد ليو، وبيرني ساندرز” أن الولايات المتحدة الأمريكية شريك لا يمكن للحرب أن تستمر بدونه، فهي من تحدّد ماذا وأين ستقصف طائرات التحالف وهي من جعلت الحصار ممكنا، كما أنها من زودت التحالف بالأسلحة والدعم اللوجيستي وأدار ضباطها العمليات العسكرية من غرفة للعمليات في الرياض.
لقد كانت الحرب على اليمن؛ بهَدفِ إسقاط صنعاء وإيجاد حكومة تعمل مع المصالح الأمريكية كما عبر بذلك صراحة السفير الأمريكي جيرالد فيرستاين في تصريح لموقع ذا ميديا لاين وأعادت نشره صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، بالقول إن الحرب لا يمكن أن تنتهي قبل أن يتحقّق هذا الهدف.
دفعت الولايات المتحدة إلى فرض إجراءات اقتصادية عقابية قاسية، ترقى بحسب التوصيف الدولي إلى جرائم حرب، ولم يكن التنفيذ بواسطة السعوديّة والإمارات فقط، ولكن كما يؤكّـد السيناتور “راند بول”: أمريكا هي من جعلت الحصار ممكنا، في حين لا يخفى دورها في تحديد أهداف الغارات الجوية والتي استهدفت المنشآت الاقتصادية ومعامل إنتاج الغذاء والبنية التحتية بشكل متعمد؛ مِن أجلِ الوصول بالناس إلى المجاعة.
لاحظت الباحثة البريطانية مارثا موندي في دراسة أنه منذ (أغسطُس) 2015، كان هناك تحولًا من الأهداف العسكرية والحكومية إلى المدنية والاقتصادية، بما في ذلك البنية التحتية للمياه والنقل، وإنتاج الأغذية وتوزيعها، الطرق والنقل والمدارس والمعالم الثقافية والعيادات والمستشفيات والمنازل والحقول والقطعان.
وتشير موندي إلى أنه في خريف عام 2016 تم التدشين لمرحلة أُخرى في الحرب: الحرب الاقتصادية وعزل البلد، حَيثُ تم إغلاق مطار صنعاء أمام جميع الرحلات الجوية التجارية كما فُرض حصار على ميناء الحديدة، والأهم من ذلك، تم نقل البنك المركزي اليمني إلى عدن وحرمان الموظفين من رواتبهم.
وكما هو معروف في سياسة “العصا والجزرة” لدى الأمريكيين فإن تدشين هذه المرحلة جاء بالتزامن مع إعلان وزير الخارجية الأمريكية مبادرة تقضي بانسحاب قوات صنعاء أَو من وصفهم بالحوثيين من عدد من المحافظات بينها محافظة الحديدة التي يعد ميناءها الشريان الوحيد لإمدَاد صنعاء بالغذاء والدواء تحت سيطرة قوة ثالثة، تشرف عليها الرباعية الدولية، مقابل أن يكون لهم حصة في حكومة وحدة وطنية مستقبلا، فقابلت صنعاء هذه المبادرة بالرفض، وقال حينها قائد أنصار الله عبدالملك الحوثي مقولته الشهيرة: ” لينتظروا المستحيل والله؛ لأَن نتحولَ إلى ذرات تُبعثَرُ في الهواء أشرف لدينا وأحب إلينا من أن نستسلم لكل أُولئك المجرمين”.
قال رئيس وفد صنعاء للمشاورات السياسية محمد عبدالسلام إن السفير الأمريكي ماثيو تولر هدّد بشكل صريح قال: “أمامكم الآن صفقة إما أن توقّعوها وإما الحصار الاقتصادي وسننقل البنك وسنمنع الإيرادات وسنغلق مطار صنعاء فقلنا له اقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا”.
بحسب مجلة ذا انترسبت الأمريكية ” قالت مصادر متعددة في واشنطن أطلعت على المفاوضات إن رواية عبد السلام تتفق بالفعل مع موقف تولر بأن على الحوثيين قبول الاتّفاقية كما هي وإلا سيواجه اليمنيون ظروفًا إنسانية تزداد سوءًا”.
ولم يكن موقف تولر خفيا في نقل البنك، وقد أشَارَت المجلة إلى دعوته لهذه العملية، وأكّـد عبدربه منصور هادي في حوار مع صحيفة القدس العربي في سبتمبر 2017م ”أن الأمريكيين كانوا يريدون نقل البنك إلى عُمان” ثم تم الاتّفاق على نقله إلى عدن.
كما أكّـد محمد عوض بن همام، محافظ البنك المركزي اليمني (٢٠١٠ – ٢٠١٦) قبل نقله إلى عدن، في حوار مصور أجرته معه وكالة رويترز أن الادِّعاءات بأن البنك المركزي يمول المجهود الحربي غير صحيحة، مؤكّـداً أن من يبثون هذه الادِّعاءات (في إشارة للتحالف السعوديّ الإماراتي والإعلام الأمريكي قبيل أسابيع من قرار نقل البنك المركزي) يعرفون جيِّدًا أن البنك المركزي يقوم بمهامه بكل حيادية ويصرف المرتبات فقط لموظفي الدولة مدنيين وعسكريين، وبدون تدخل من الأطراف المتحاربة وأن نقل البنك سيكون كارثياً بكل المقاييس على الشعب اليمني ولن يستهدف هذا الإجراء إلا المدنيين الأبرياء وموظفي القطاع العام.
قال أليكس دي وال، مؤلف كتاب “الجوع الجماعي” الذي يحلل المجاعات التي صنعها الإنسان مؤخّراً في حديث لنيويورك تايمز: “يعتقد الناس أن المجاعة هي مُجَـرّد نقص في الغذاء”. “لكن في اليمن يتعلق الأمر بحرب على الاقتصاد. ”، فيما تنقل مارثا موندي أن دبلوماسي سعوديّ كبير قال عندما تم سؤاله حول التهديد بالمجاعة: “بمُجَـرّد أن نسيطر عليهم، سنطعمهم“.
وفقا لما تكشفه مجلة ذا انترسبت “طوال عام 2016، فكرت إدارة أوباما في فكرة محاولة عزل الحوثيين من خلال قلب صالح ضدهم. ظن البعض أنه إذَا تم إقناع صالح بالتبديل والتحالف مع المملكة العربية السعوديّة، فسيؤدي ذلك إلى إحداث شرخ في تحالف العدوّ وربما إنهاء الحرب. حتى أن إيريك بيلوفسكي الذي كان يشغل حيها منصب كبير المدراء لشؤون شمال أفريقيا واليمن في “مجلس الأمن القومي” لإدارة أوباما التقى سرا بأقارب صالح لمناقشة الشروط، ورغم أن مطلب صالح بالعودة إلى الرئاسة لم يرق لواشنطن إلا أن ماثيو تولر أخبر وزارة الخارجية قبل خلاف صالح مع أنصار الله “أنه يعتقد أن الانقسام بين صالح والحوثيين أمر محتمل وفرصة يمكن للولايات المتحدة أن تستغلها. واقترح على وزارة الخارجية إعداد كتاب أبيض حول كيفية استغلال التوترات”..
في 27 أُكتوبر 2018 أعلن وزير الدفاع الأمريكي، جميس ماتيس، من مؤتمر المنامة، عن تسوية يجري إعدادها بإشراف أميركيّ لوقف الحرب في اليمن، وترتكز على تقسيم البلاد إلى مناطق حكم ذاتيّ. وأشَارَ خلال مؤتمر “البحرين للأمن” إلى أنّ التسوية المزمع إعدادها “تعطي المناطق التقليديّة لسكّانها الأصليين، لكي يكون الجميع في مناطقهم”، وقال: “إنّ الحوثيين سيجدون فرصتهم في الحكم الذاتي”.
لا يعني هذا أن واشنطن ستقبل ببقاء “أنصار الله” حاكمين في صنعاء فقد شاركت في الحرب عليهم وكانوا لايزالون في مران صعدة، ولكن لأن الحكم الذاتي لمناطق يسكنها غالبية السكان ولا تتواجد فيها الموارد وفي ظل توقف الحرب كما تسوق خطة ماتيس، لن يكون هناك قضية لصنعاء تقاتل؛ مِن أجلِها كما لن يكون لديها خدمات تقدمها للمواطنين.
فشلت الولايات المتحدة في تمرير خطة ماتيس كما فشلت في فرض مبادرة كيري فعززت الحصار بشكل واسع، واحتجز التحالف السفن النفطية عرض البحر رغم تفتيشها أمميا، ومع ذلك لم تتمكّن من إثارة الحاضنة الشعبيّة ضد صنعاء، بل كان الحصار واستمرار الحرب دافعا إضافيا لاصطفاف المواطنين ضد التحالف، حينها أعادت واشنطن تقييم الموقف عن كثب، وأرسلت إلى صنعاء روبرت مالي الذي عمل قائدا لشؤون الشرق الأوسط في إدارة أوباما، وهو حَـاليًّا مبعوث إدارة بايدن الخاص لإيران.
وصل مالي إلى صنعاء في العام 2019م بصفة المدير التنفيذي لمجموعة الأزمات الدولية وما كان لصنعاء أن تسمح له بالدخول بأي صفة رسمية، وقد خلص في تقييمه المنشور في مقال على صحيفة نيويورك تايمز إلى نقاط مهمة ارتكزت عليها سياسة الولايات المتحدة لاحقا.
قال مالي إن “سكان صنعاء مذهولون وغاضبون مما يرون أنه الاهتمام الدولي غير المتكافئ الذي حظي به كُـلّ هجوم حوثي بصاروخ أَو طائرة بدون طيار على المملكة العربية السعوديّة، مقارنةً بقصف التحالف الذي تقوده السعوديّة المنتظم والمدمّـر الذي يتعرض له اليمنيون منذ مارس 2015، منوِّهًا إلى أن هذا الموقف الغاضب ضد السعوديّة انعكس حتى على قادة حزب المؤتمر الحليف التقليدي للسعوديّين، كما أن الناس في الجولات يتحدثون عن قصف السعوديّة لكل شيء حتى المقابر ويقولون: “حتى موتانا أصبحوا غير آمنين”.
وبحسب مالي: تعرف قيادة الحوثيين كُـلّ هذا – العداء الشعبي تجاه التحالف الذي تقوده السعوديّة؛ السيطرة الرائعة التي حقّقتها الحركة – وتجد مبرّرات أُخرى للثقة بالنفس، يشعرون أن الوقت في صالحهم. على الرغم من الفوارق العسكرية الهائلة، فقد وقفوا في وجه تحالف من الدول الغنية القوية التي يدعمها ويسلحها الغرب”.. ”من المرجح أن يكون الحوثيون أقوى، والمعارضة أكثر تفككًا”.
ويؤكّـد المسؤول الأمريكي أن المملكة العربية السعوديّة لديها الكثير لتخسره حتى تخاطر به. اليمنيون لديهم القليل ليخسروه لرعايتهم.
تهديد أمريكي مباشر: لن نسمح بدخول مأرب
حقّقت قوات صنعاء إنجازات ميدانية استراتيجية بشكل متسارع منذ أواخر العام 2019م، فاستعادت مديرية نهم شرقي العاصمة، ثم محافظة الجوف بالكامل، وتقدمت إلى محافظة مأرب النفطية، ما أثار قلق واستنفار واشنطن ودفع بها نحو التهديدات المباشرة بشكل غير مسبوق، فصرح المبعوث الأمريكي أن بلاده لن تسمح للحوثيين بدخول مأرب، وأعلنت الخزانة الأمريكية فرض عقوبات على قيادات عسكرية بمزاعم قيادتهم للمعركة، كما تم فرض عقوبات على شركات صرافة يمنية بذريعة دعمها للحوثيين، بل تم تشديد الحصار بشكل كلي واحتجزت بعض السفن النفطية لأكثر من عام، بالتوازي مع تشديد القيود على الوقود الذي يصل إلى مناطق صنعاء برا من المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف، ثم طرحت واشنطن مبادرة تعرض فيها التخفيف البسيط والمشروط من الحصار مقابل وقف إطلاق النار في مأرب ووقف الهجمات على التحالف، وهو ما اعتبرته صنعاء مقايضة غير عادلة، حَيثُ تريد واشنطن أن تحصل بالملف الإنساني على ما لم تحصل عليه عسكريًّا.. حينها هدّد ليندركينغ بإغلاق الموانئ والمطارات بشكل تام قائلاً في لقاء مع قناة الجزيرة إنه بدون الموافقة على المبادرة لن يجد اليمنيون الموانئ للحصول على الغذاء والدواء.
بل تشير المعلومات إلى مشاركة أمريكية مباشرة في أعمال القصف لمنع تقدم قوات صنعاء، وهنا نجد تقييما مهما للوضع حينها وتوصيات بخطوات لاحقة من قبل مسؤولين وخبراء أمريكيين، ففي 2021م كتب مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط (2019-2021) ديفيد شينكر أن “الحوثيين على وشك السيطرة على مأرب وهو ما يشكل انتصارا باهظ الثمن على واشنطن”، واعتبر شينكر في مقال نشرته مجلة فورين بوليسي أن انتصار الحوثيين في مأرب انتصار في المعركة كلها وهو ما يمثل للرياض وواشنطن أسوأ سيناريو، محذرا من سقوط اليمن في يد أعداء أمريكا كما سقطت افغانستان في يد طالبان.
ونصح شينكر واشنطن ببذل جهود مُستمرّة وإضافية للحظر البحري بالإضافة إلى إنفاذ الحظر على الحركة الجوية لمنع تهريب المعدات العسكرية الإيرانية المتطورة، وقال شينكر إن انتصار الحوثيين ليس قلقا للسعوديّة ولكن يمثل حتى قلقا لإسرائيل، داعياً إدارة بايدن إلى العمل لمنع هذا الانتصار إما من خلال العمل مع السعوديّين لتسليح وتنظيم حكومة هادي وحلفائها المحليين أَو من خلال إصدار أوامر للجيش الأمريكي بالتدخل المباشر، وَإذَا كان هذا غير ممكن بحسب شينكر فيجب أن “تتحد حكومة هادي مع الفصائل اليمنية المعارضة للحوثيين لشن هجوم مضاد، وسيبدأ السعوديّون بقوة في تسليح اليمنيين في مأرب لمنحهم فرصة للفوز، وإلا ستنعكس الثروات بشكل كبير”.
ومثلما كانت توصيات شينكر، كانت هناك توصيات مماثلة قدمها مايكل نايتس الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى والذي زار السعوديّة عدة مرات لتقييم أسباب الهزائم التي تعرضت لها لا سِـيَّـما في الحدود.
يقول نايتس إن سيطرة قوات صنعاء على مأرب “مركز الطاقة في اليمن” يعني انتصارها فعليا في الحرب في اليمن، وحتى بدون مأرب فإن الفوز أَو التعادل من شأنه أن يجعل الحوثيين “حزب الله الجنوبي” الجديد على البحر الأحمر – مما يعكس موقع حزب الله اللبناني على البحر الأبيض المتوسط.
وخلص تقييم نايتس إلى أن “الصراع” في اليمن يتجاوز الحدود الجغرافية وأطره المطروحة في المفاوضات، فهو صراع يرتبط بنوايا الحوثيين المستقبلية ومشروعهم، وقال: يجب على واشنطن إجراء مراجعة محايدة لسياستها تجاه الحوثيين، وتقييم نواياهم المستقبلية ليس تجاه العناصر الأمريكية والمنشآت الأمريكية في المنطقة فحسب، بل أَيْـضاً تجاه إسرائيل والشحن الدولي والسعوديّة.
وقدم نايتس عدداً من التوصيات من بينها: ”شد الخناق على القوات الحوثية الضاربة” وهو تعبير يقصد به تشديد الحصار بذريعة مواجهة “تهريب الأسلحة حسب زعمه”. و”تقويض قادة الحوثيين من خلال الكشف عن معلومات استخبارية عن فسادهم” وتقديم إسنادات أمريكية لدعم دفاع مأرب، مثل المساندة بالمعلومات للعمليات وإعادة إمدَاد المدافعين. وكذلك بناء شبكات إنذار مبكر مشتركة في البحر الأحمر بمزاعم مواجهة تهريب الأسلحة، وقد تجسدت التوصية الأخيرة لاحقا بتشكيل ما يعرف بالقوة 153 البحرية.
والتقى المبعوث الأمريكي ليندركينغ بمسؤولين إماراتيين وسعوديّين تحت عنوان “تنسيق التوجّـهات بشأن أمن المنطقة “، ودعا ليندركينغ حينها إلى “التكاتف لمواجهة التهديدات المشتركة من استفزازات الحوثيين.
وقادت القائمة بأعمال السفير الأمريكي في اليمن “كاثي ويستلي” جهودا مماثلة لتوحيد الفصائل الموالية للتحالف، وزارت عدن برفقة ليندركينغ، وقد حثت بحسب بيان السفارة هذه الفصائل “على مواصلة تعزيز التنسيق الداخلي، بما في ذلك مع المجلس الانتقالي الجنوبي والجماعات الأُخرى، لأن الانقسام يضعف جميع الأطراف”.
وفي تقييم عقب هذه المعركة كتب نايتس وَأليكس الميدا أن قوات صنعاء كانت قبل المعركة في وضعٍ جيد يمكّنها من السيطرة على مركز الطاقة الرئيسي في مأرب، بالإضافة إلى ممرّ مهم آخر لإنتاج النفط والغاز بين تلك المدينة وخليج عدن، مُرورًا بمحافظة شبوة، مؤملين أن تخفف نتائج معركة شبوة الضغط عن مأرب، كاشفين أنه لأول مرة تنسق الرياض وأبوظبي عملياتهما في غرفة مشتركة في مطار عتق بشبوة.
وحث الخبيران الأمريكيان على أن تشارك واشنطن في إعادة قوات صنعاء إلى الجبال وليس حتى إلى المناطق القريبة من مأرب، بحيث تكون مأرب بعيدة عن متناولهم، وأن تدعم ضمنياً هذا الجهد لتحقيق الاستقرار في جبهة مأرب وقطع الطريق بشكلٍ نهائي أمام إحراز الحوثيين نصراً شاملاً.
ولتحقيق هذا الهدف أوصى الباحثان بتنفيذ العديد من الخطوات أبرزها: تشديد الحصار تحت ذريعة منع تهريب الأسلحة، وخلص التقييم إلى أن “الحوثيين” سيستجيبون للضغوط الأمريكية حالما يدركون أنهم سيعانون بشكل متزايد من العزلة والضعف بفعل العقوبات.
في ١ أُكتوبر ٢٠٢١ كتب الخبير الأمريكي مايكل هرتون، تحليلا نشرته مؤسّسة جيمس تاون أنه “بعد 6 سنوات من الحرب في اليمن، هناك أمل ضئيل في أن تهزم أي قوة داخل اليمن أَو خارجه الحوثيين عسكريًّا. ومثل حركة طالبان في أفغانستان، يمكن للحوثيين وحدهم هزيمة الحوثيين. وفي مرحلة ما في المستقبل القريب، سيتعين على الحوثيين التحول من القتال الحربي إلى الحكم الحقيقي وتقديم الخدمات والفرص الاقتصادية والأمن لأُولئك اليمنيين الذين يعيشون تحت سيطرتهم. وَإذَا فشلوا في تحقيق ذلك، وهو أمر مرجح، فإن مهاراتهم العسكرية لن تنقذهم”.
تدرك صنعاء أن عليها مسؤولية تجاه مواطنيها ولذلك مع سريان الهدنة أعادت طرح تسليم رواتب الموظفين من عائدات الثروة النفطية والغازية ورفع الحصار بشكل كلي عن ميناء الحديدة ومطار صنعاء كمقدمة يجب البناء عليها للتقدم نحو السلام، الأمر الذي عارضته واشنطن بشدة فتنفيذ هذه المطالب الإنسانية إعلان بفشل مخطّط العزلة والجوع كعقاب جماعي.
قال العضو السابق في مجموعة الخبراء الدولية جريجوري جونسون:بعد أكثر من ثماني سنوات من الحرب المدمّـرة في اليمن، هناك شيء واحد واضح، لا يزال الحوثيون يسيطرون على صنعاء. لم تدفعهم الضربات الجوية السعوديّة والإماراتية إلى اللجوء للجبال، ولم يجبرهم الضغط الدولي على الاستسلام على طاولة المفاوضات. بهذا المعنى، انتصر الحوثيون في الحرب. في هذا الوقت المتأخر، من غير المرجح أن يتم إجبار الجماعة عسكريًّا أَو دبلوماسيًا على الخروج من صنعاء… لكن بعد انتهاء الحرب سيكون الحوثيون أكثر عرضة للخطر نتيجة لأنهم يفتقرون إلى القوة الاقتصادية.
تقول مجلة ذا انترسبت أن وثيقة أمريكية مسربة عن البنتاغون تكشف قلق واشنطن من أي تقدم نحو إنهاء الحرب في اليمن قبل تحقيق الهدف الأمريكي، وبحسب المجلة: هرع الدبلوماسيون الأمريكيون في أبريل الماضي إلى السعوديّة للتأكيد على رغبة واشنطن في استمرار الحرب، كما صرح ليندركينغ أن “مطالب الحوثيين بصرف المرتبات متطرفة” ونوع من الألعاب السياسية التي ينبغي عليهم التوقف عن ممارستها.
وتضيف المجلة: لقد كانت قضية صرف المرتبات قضية شائكة للولايات المتحدة كما تؤكّـد المجلة، فواشنطن لا تريد أن يكون هناك أي اتّفاق تفقد فيه مصالحها أَو يصبح عملاؤها خارج الساحة السياسية).
وطرح المبعوث الأمريكي بشكل متكرّر أن ملف المرتبات معقد، وأنه لا يمكن إلا أن يكون عن طريق مفاوضات يمنية-يمنية بعد أن تكون الحرب قد توقفت.