العدو من الحصار إلَى التجويع.. 546 مخزنَ غذاء في مرمى العُـدْوَان
حربُ الاستهداف عبر ابتزاز لقمة العيش تزيد تماسك الـيَـمَـنيين
العدو من الحصار إلَى التجويع.. 546 مخزنَ غذاء في مرمى العُـدْوَان
لم يكتفِ العدوُّ السعوديُّ بقرض عقاب جماعي على أَكْثَـر من 25 مليونَ مواطن يمني، يعاني منهم 50% من غياب الأمن الغذائي، وترتفعُ فيه معدلاتُ سوء التغذية الحاد إلَى 12.7%، بل صعّد استهدافه لمخازن الغذاء الرئيسية في المحافظات والمديريات واستهدف إمدادات الغذاء، محاولاً فرْضَ سياسَة تجويع شاملة، من استهداف المواطن الـيَـمَـني في لقمة عيشه، عَلَّ ذلك السقوط الأَخْــلَاقي يمنح أثرياء الرياض رياح النصر.. إلَى التفاصيل:
احتلت مخازنُ الغذاء المرتبة الأولى في قائمة استهداف العُـدْوَان السعودي الأَمريكي للقطاعات الإنتاجية في مختلف محافظات الجمهورية، وبلغ إجمالي مخازن الغذاء الرئيسية والثانوية في المحافظات والمديريات 546 مخزناً، وجاءت ناقلات الغذاء المستهدفة بالمرتبة الثانية وفق آخر إحصائيات صادرة عن المركَز القانوني للتنمية والحقوق بالعاصمة صنعاء، فقد بلغ إجمالي ناقلات الغذاء التي استهدفت على مدى الـ 300 يوم من العُـدْوَان 409 ناقلات غذاء، يضاف إلَى مخازن وناقلات الغذاء استهدف العدو سبع صوامع للغلال في عدد من المحافظات، وخُصُوْصاً صوامع الغلال الرئيسية التي تعد مخازنَ استراتيجية تغذّي المحافظات الشمالية والجنوبية معاً بالقمح على مدى العام؛ نظراً لارتفاع طاقتها الاستيعابية التي تستوعب ملايين الأكياس من القمح.
العدو ينفذ سياسة تجويع
العُـدْوَان السعودي منذ الوهلة الأولى لعُـدْوَانه ولإعلانه حظر وصول إمدادات الغذاء إلَى الـيَـمَـن سعى إلَى شن حربٍ اقتصادية شاملة على الـيَـمَـن والـيَـمَـنيين، ومع استمرار صمود الـيَـمَـنيين في وجه العُـدْوَان وفشله في تحقيق أَي هدف من أهداف العُـدْوَان والحصار لجأ العُـدْوَان إلَى تنفيذ سياسة تجويع ممنهجة تمثلت في تشديد الحصار ومنع دخول إمدادات الغذاء واستهداف المخازن الرئيسية والإستراتيجية للغذاء واستهداف إمدادات الغذاء، من خلال قصف المئات من ناقلات الغذاء في الطرق العامة في عدد من المحافظات وُصولاً إلَى استهداف ناقلات غذاء تابعة لمنظمة الغذاء العالمي التابعة للأمم المتحدة في صعدة ومأرب واستهداف مخازن غذاء تابعة لمنظمة اليونيسيف في محافظة ذمار وإتلاف تغذية مدرسية مخصَّصة لـ 11 أَلف طالب كانت في إحدى المدارس التابعة لوزارة التربية والتعليم.
ولأن العُـدْوَان يدرك أن الفجوةَ الغذائية بين الإنتاج المحلي من القمح وبين الاحتياج الفعلي الذي يتم تغطيته من خلال الاستيراد من مصادر خارجية يصل 92 %، أقدم على استهداف مخازن الغذاء في 12 محافظة يمنية؛ بهدف إحداث كارثة إنسانية وإيصال الملايين من الناس إلَى حافة الجوع الحقيقية، حيث استهدف العدو مخازن الغذاء في 11 محافظة يمنية، واستهدف تلك المخازن التي معظمها تتبع تجاراً في المحافظات والمديريات بشكل ممنهج ومتعمد ودون أَية تبريرات لتلك الجرائم التي أتلفت كمياتٍ كبيرةً من القمح، ووفق المصادر فإن خمسة ملايين كيس من القمح كانت في طريقها للأسواق أتلفت في يونيو الماضي أثناء استهداف طيران العُـدْوَان صوامع غلال عدن، بالإضافة إلَى إتلاف كميات كبيرة من القمح في مخازن المؤسسة الاقتصادية الـيَـمَـنية في العاصمة ومحافظة صنعاء ومحافظة تعز ومحافظات أُخْـرَى.
استقرار تمويني في السوق
على الرغم من تكثيف العُـدْوَان القصف على مخازن الغذاء وتشديد الحصار على وارِدات الـيَـمَـن من القمح والدقيق والمواد الأَسَاسية التي لا يمكن العيش بدونها، فقد تمكن الـيَـمَـن من استيراد منذ مطلع العام الحالي مليون و600 أَلف طن من مادة القمح، ووفق تقرير حديث صادر عن وزارة الصناعة والتجارة فَإن كميات القمح الواصلة إلَى الموانئ الـيَـمَـنية خلال الربع الثالث من العام الجاري بلغت 470 أَلفا و800 طن، كما استقبل ميناء الحديدة في ذات الفترة 41,845 طناً من الدقيق و43,734 طناً من الأرز، وأكد التقرير الحكومي أواخر العام الماضي أن إجمالي مخزون الـيَـمَـن من القمح يتجاوز 650 أَلفَ طن ويكفي لخمسة أشهر.
وفي الوقت الذي لا يزال الحصارُ المفروضُ من دولة العدو السعودي مستمراً وفشل كافة الجهود الدولية لوقف الحصار الجماعي المفروض على الشعب الـيَـمَـني، قدرت وزارة الصناعة والتجارة مؤخراً احتياجات بلادنا من مادة القمح للعام الحالي 2016م بـ 3 ملايين و25 أَلف طن، وأكدت أن الـيَـمَـنيين يحتاجون لـ 415 أَلفَ طن من الأرز و673 أَلف طن من السكر وَ98 أَلف طن من الحليب ومشتقاته و176 أَلف طن من زيت الطعام، وأكد المصدر أن الوزارة تعد خطة تموينية بالتنسيق مع القطاع الخاص لتوفير تلك الاحتياجات بسلاسة، بما يضمن استقرار الوضع التمويني للسلع الغذائية والاستهلاكية الأَسَاسية للمواطنين.
وأشارت إلَى أن الوضعَ التمويني في السوق مستقر ولم يتغير على الرغم من استمرار الحصار والعُـدْوَان، كما اعتبر مراقبون استقرار الوضع التمويني في السوق يعود إلَى تراجع حالة الهلع لدى المواطن الـيَـمَـني واستقرار مستوى الاستهلاك واستقرار العرْض من السلع والمنتجات في الأسواق مقابل الطلب وعدم تراجعه على الرغم من الحصار.
انخفاض عالمي
حتى الأسواق العالمية لم تشهد العام المنصرم أَيَّة تقلبات في أسعار المواد الغذائية الأَسَاسية بل العكس من ذلك فقد شهدت أسعار الغذاء انخفاضات متباينة لأول مرة بفعل ارتفاع الإنتاج السنوي من القمح وعدم حدوث أَية كوارث طبيعية في الدول التي تغذّي الأسواق العالمية بالقمح والأزر والسكر وغيرها من المواد الاستهلاكية الأَسَاسية.
وفي ذات الاتجاه أظهر تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) انخفاض أسعار الغذاء العالمية أواخر العام الماضي بنسبة 1.6% بفعل ارتفاع الإنتاج ووفرة الإمدادات، وذكرت المنظمةُ في تقرير لها أن متوسط مؤشر أسعار الغذاء سجل 156.7 نقطة في نوفمبر مقابل 159.3 نقطة معدلة في الشهر السابق، وأشار التقرير إلَى تراجع أسعار الغذاء في الأسواق العالمية خلال نوفمبر الماضي بنحو 18% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وتتأثر الأسواق الـيَـمَـنية التي تستورد القمح من 24 دولة سلباً أَوْ ايجاباً بارتفاعات أسعار الغذاء العالمية أَوْ انخفاضها.
العالم يحذر ويصمت
مع استمرارِ العُـدْوَان والحصار على الـيَـمَـن الذي دخل شهره الـ11، ومع تزايد الحرب الداخلية، تصاعد أعداد النازحين من بيوتهم من 1,4مليون نازح في شهر يوليو الماضي إلَى نحو 2,5 مليون نازح بمعدل زيادة بلغت 9 %، وتوقع مكتبُ الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في صنعاء ارتفاعَ أعداد النازحين داخل البلاد إلَى 3 ملايين نسمة، في ظل تأكيد تقارير دولية دخولَ 25 أَلف يمني يومياً دائرة الجوع منذ بداية العُـدْوَان.
وأكدت منظمة «أوكسفام» في آخر تقرير لها أن 13مليون شخص بالكاد يحصلون على القوت الضروري وأن 7،6 ملايين في حاجة ماسة إلَى المساعدات الغذائية، كما أشار برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إلَى أن 10 من أصل 22 محافظة يمنية تواجه انعدام الأمن الغذائي على مستوى الطوارئ، وهي خطوة واحدة تسبق المجاعة.
وفي ظل تصاعد التحذيرات الدولية من تفاقم الأوضاع إنسانية في الـيَـمَـن، وإقرار الأمم المتحدة أن الحصارَ البري والبحري والجوي المفروض من قبل تحالف العُـدْوَان يرقى إلَى جريمة حرب ضد الإنسانية، محذرةً في الوقت نفسه من كارثة إنسانية كُبرى قد لا يستطيع العالم تجاوزها، إلا أنها لم تقم بأي دور من شأنه فك الحصار على الشعب الـيَـمَـني.
وعلى مدى الأشهر الماضية من العُـدْوَان اكتفت العديد من المنظمات الدولية بإصدار البيانات، فيما عاودت البعض نشاطها كبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة وبالتنسيق مع “التحالف” ومنظمة اليونيسيف وأطباء بلا حدود والصليب الأحمر الدولي.
* صدى المسيرة ـ رشيد الحداد