كل ما يجري من حولك

هذا هو الجنرالُ الأقربُ من دولة الكيان الصهيوني: البُرهان أم حميدتي.. وسعيه حثيث للتطبيع

الجنرالُ الأقربُ من دولة الكيان الصهيوني: البُرهان أم حميدتي

1٬066

متابعات| تقرير*:

بعد مضي ثلاث سنوات أو أكثر على التقاء رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان بالصهيوني المعروف بالتطرف والغلو «بنيامين نتياهو» بتأريخ 3 فبراير 2020 في مدينة «عنتبي» الأوغندية يتبيَّن ما يضمره العسكر السودانيين -ضدَّ شركائهم المدنيين- من شرّ، فقد اندرج ذلك اللقاء في سياق حشد ما كانوا يحتاجونه -إبَّان إعلان «البرهان» أواخر أكتوبر 2021 بيان الانقلاب على الاتفاق مع الشركاء- من تأييد صهيوصليبي يساعدهم على البقاء.

وما من شك أنَّ اللقاء مع «نتنياهو» حصل في ضوء ترتيب مسبق بين رئيس مجلس السيادة الفريق أول «عبدالفتاح البرهان» ونائبه الفريق أول «محمد حمدان قلو» الشهير بـ«حميدتي» الذي اشتركت مليشياته المسماة «قوات الدعم السريع» مع قوات الأمن في استهداف جموع الشباب الرافضين للانقلاب بأبشع أساليب الترويع، والذي أصبح -كما تؤكد الوقائع الراهنة- أكثر حظوة لدى الصهاينة.

يبدو -في تسابقه مع «البرهان»- أكثر حظوة لدى الكيان
بالرغم من أنَّ «البرهان» كان صاحب السبق الزمني في الامتحان رئيس مع سلطات الكيان، فقد تجاوزه «حميدتي» -ربما بفارق التزكية التي حصل عليها من سلطات الإمارات، أو باستعداده الذاتي لتقديم أضعاف ما سيقدمه خصمه من تنازلات- بعدد ونوعية اللقاءات مع مسؤولين صهانية ذوي مكانات اعتبارية وخصوصية استخباريّة، وقد ورد في هذا الصدد -في سياق الخبر الصحفي ذي الطابع الاستخباراتي المعنون [هل زار محمد حمدان حميدتي اسرائيل …. تقارير اسرائيلية تكشف عن زيارة مسؤول عسكري سوداني كبير لتل أبيب] الذي نشرته «شبكة نهرين نت الأخبارية» في الـ9 من فبراير 2022- ما يأتي: (قالت صحيفة “جيروزاليم بوست” إنَّ مسؤولًا سودانيًّ زار “إسرائيل” سرًّ مطلع هذا الأسبوع زيارة تصب باتجاه تطوير العلاقات بين السودان والكيان الصهيوني، هذا والتزم المسؤولون في كلا البلدين الصمت بهدف التعتيم على اسم الشخصية العسكرية السودانية التي زارت اسرائيل وسط تسريبات متزايدة أن يكون الفريق محمد حمدان حميدتي نائب رئيس مجلس السيادة.
هذا وأكدت هيئة البث الإسرائيلية أن “مبعوثًا عسكريًّا سودانيًّا زار إسرائيل، وعقد سلسلة اجتماعات مع كبار المسؤولين في محاولة لتعزيز العلاقات بين البلدين”).
وقد سبق في هذا المجال أن أشار الكاتب الصحفي الأردني «علي سعادة» -في صلب مقاله التحليلي التساؤلي المعنون [لماذا يزور حميدتي إسرائيل سرًّا والسودان مفتوح لـ”الموساد”؟!] الذي نشره «الخليج الجديد» صباح يوم الأحد الـ10 من أكتوبر 2021- ما يلي: (أفاد موقع “ويللا” العبري -في يونيو الماضي- أنَّ أوساطًا حكومية في السودان غاضبة من زيارات استخبارات الاحتلال الإسرائيلي لـ”حميدتي”، والاتصالات الخاصة بين الجانبين.
وأشار الموقع الإسرائيلي إلى أنَّ البيانات حول مواقع تتبع الطائرات أظهرت أن طائرة استخدمها رئيس “الموساد” السابق «يوسي كوهين» قد هبطت عدة مرات في الأراضي السودانية، وكان على متنها مسؤولون كبار في الجهاز، حضروا لقاءات مع رجال «حميدتي».
وأوضحت أنَّ “حميدتي” -ومنذ بدء عملية التطبيع- حاول البحث عن قنوات اتصال مع الاحتلال، وقد التقى مع كبار مسؤولي الموساد في أغسطس 2020، مما دفع «برهان» لأن يشتكي من ذلك عدة مرات خلال الولاية الخامسة لـ«بنيامين نتنياهو».
وأوضح موقع “ويللا” العبري أنَّ «حميدتي» يسيطر على العديد من موارد السودان، ويعتبر من أغنى أغنيائها، وتعمل ميليشياته بشكل مستقل، ولا تخضع للجيش أو الحكومة، وله أجندة مستقلة، تتجاوز «برهان» و«حمدوك»).

تعويله على الأمريكان في رعاية علاقة السودان بالكيان
من المسلَّمات التي لا يختلف حولها اثنان أنّ «أمريكا» قد تجاوزت حليفتها «بريطانيا» في تبنِّي حاضر ومستقبل «دولة اليكان» وأنَّها هي الراعي الحصري لاتفاقات التطبيع التي تبرم مع الكيان الصهيوني العبري سواء بشكلٍ علنيٍّ أو بشكلٍ سرِّي، وفي ضوء هذه المسلمة يتنامى تعويل الميليشاوي السوداني المدعو «محمد حمدان دقلو» الشهير بـ«حميدتي» -مع أخذه في الاعتبار تجربة النظام الإماراتي- على واشنطن في لعب دورٍ حاسمٍ وسريع لإلحاق السودان الشقيق في ركاب التطبيع، لكنه مهد لذلك التعويل بنوعٍ من التظليل، على غرار ما نقل عنه في سياق الخبر الصحفي المعنون [حميدتي: العلاقة مع إسرائيل ستستمر وصولاً للتطبيع الكامل] الذي نشره موقع «العربية نت» بتأريخ 26 أكتوبر 2020 في مضمون الفقرتين النصِّيتين التاليتين: (نفى دقلو وجود علاقة بين شطب السودان من قائمة الإرهاب والاتفاق مع اسرائيل، مضيفاً أنَّ الإعلانين تزامنا فقط.
إلى ذلك، تطرق دقلو إلى دور الولايات المتحدة ورئيسها دونالد ترامب في ملف العلاقة مع إسرائيل، معرباً عن شكره للإدارة الأميركية).
وعلى شاكلة ما سِيق عنه في سياق الخبر الصحفي الآخر المعنون [حميدتي يتحدث مجددًا عن التطبيع مع إسرائيل ويكشف سبب رفضه طلب البشير] المنشور في «اسبوتينك عربي» منذ الـ28 من أكتوبر 2020 على النحو التالي: (أكد دقلو، أن بلاده “لم تتعرض لأي ابتزاز من الولايات المتحدة للتطبيع مع إسرائيل”، مشيرًا إلى أن “هذا الخيار كان خيار السودانيين”).
بيد أنه كان قد تطرق -قبل فترة زمنية محدودة- إلى حقيقة تناقض زعمه السابق إيراده فأكد أنَّ التطبيع مع الكيان الصهيوني هو الباب المؤدي إلى جناب الرئيس الأمريكي السابق «دونالد ترامب» صاحب الصلاحية في شطب السودان من قائمة الإرهاب، فقد استهلت التغطية الصحفية المعنونة [حميدتي: ماضون لبناء علاقات مع إسرائيل دون خوف من أحد] التي نشرها «عربي 21» في الـ3 من أكتوبر عام 2020 بالفقرة النصِّية التالية: (أعلن نائب رئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو “حميدتي” -في مقابلة تلفزيونية الجمعة- أنه تلقى وعدًا من المبعوث الأمريكي إلى الخرطوم «دونالد بوث» برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، في أقرب وقت. مشيرًا في تصريحات أخرى إلى أنَّ ذلك مرتبط بإقامة علاقات مع إسرائيل).

تفريقه -بتحايل فظيع- بين لفظي: العلاقات والتطبيع
بالرغم إجماع القاصي والداني على حقيقة مفادها أنَّ «حميدتي» القائد الميليشاوي السوداني هو أشدُّ الشخصيات السودانية تحمسًا لتطبيع العلاقات مع دولة الكيان الصهيوني، فإنه يحاول -بلغةٍ تحايلية إجرامية تتناسب وتحايله وإجرامه- التهوين من خطورة الخطوة التصهينية الهدامة، فنجده -من وقتٍ إلى آخر- يصف ما يُروج لهُ من جرمٍ تصهينيٍّ فظيع بأنه مجرد علاقات لا ترقى إلى مستوى التطبيع، وقد أشير إلى هذا الزعم اللاواقعي والاحتيالي من خلال استهلال التغطية الإخبارية المعنونة [حميدتي: السودان بحاجة إلى علاقات مع إسرائيل] المنشورة في «الحرة» في الـ3 من أكتوبر 2020 على النحو التالي: (قال نائب رئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو الملقب بـ “حميدتي”، إن بلاده بحاجة إلى علاقات مع إسرائيل.
وأوضح في تصريحات صحفية لقناة محلية -يوم الجمعة- أن “السودان بحاجة إلى علاقات مع إسرائيل).
وأشارت إلى ذلك الزعم الصحفية «سوزان عاطف» في مستهل الخبر الصحفي المعنون [حميدتي: نرغب في إقامة علاقات كاملة مع إسرائيل وليس تطبيعًا] الذي نشرته -في ذات اليوم- في «المصري اليوم» بقولها: (قال نائب رئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو «حميدتي» -أمس الجمعة- إن بلاده ترغب في إقامة علاقات مع إسرائيل، وليس تطبيعًا، وذلك للاستفادة من إمكانياتها المتطورة).
كما نُوِّه إليه -من جانبٍ آخر- في مفتتح الخبر التليفزيوني المعنون [حميدتي: نحن نحتاج إلى علاقة مع إسرائيل ولا نخاف من “زول”] الذي أذاعه «التلفزيون السوري» -بالتزامن مع نشر الخبرين النصِّيين السابقين- على النحو التالي: (دعا نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، محمد حمدان دقلو المعروف بـ “حميدتي”، إلى طرح خيار “إقامة علاقات” مع إسرائيل على الشعب السوداني ضمن آلية استطلاع للرأي العام.
جاء ذلك في مقابلة تلفزيونية أجراها “حميدتي” في مقر إقامته بـ “جوبا”، قال فيها ”إن بلاده ترغب في إقامة علاقات مع إسرائيل، وليس تطبيعًا، للاستفادة من إمكانياتها المتطورة“، بحسب قوله).

دافعه للارتباط بنوعٍ من الانقياد بجهاز «الموساد»
لم يعد سرًّا أنَّ الأعمال الاستخباراتية والتجسسية هي أهم الوسائل المتبعة -قديمًا وحديثًا- في اختراق البُنى الأساسية للدول والأنظمة الحاكمة بسرعة قياسية، ولعل سيطرة دولة الكيان الصهيوني على القرارات السياسية لأكثر الأنظمة العربية والإسلامية راجعٌ -في المقام الأول- إلى تفوقها النوعي في إدارة كافة المعارك الاستخباراتية لا سيما مع تلك الأنظمة التي انحصرت براعتها السياسية في اجتراح الملاحم البطولية الكلامية، وما أكثر ما تستند سلطات الدولة العبرية في إحراز الانتصارات الاستخبارية إلى حسن اختيار العملاء من الأوساط الأمنية أو العسكرية ومن ثمَّ استهدافهم بالإغراء الذي يجعلهم مطلقي الولاء، وقد كانت دولة الكيان -التي تدير الآن معركة استخباراتية للسيطرة على قرار جمهورية السودان- محقَّةً في اختيار «حميدتي» بعد المفاضلة بينه وبين خصمه «البرهان»، على اعتبار أنَّ ضخامة مطامعه السلطوية والمالية ستجعله أكثر تبعية وقابلية على المديات الحالية والمستقبلية، ويمكن استشفاف هذا المعنى من احتواء المقال التحليلي المعنون [السودان | إسرائيل على خطّ الخلاف الداخلي: «حميدتي» يطلب مساعدة «الموساد»] للكاتبة «مي علي» الذي نشرته «الاخبار اللبنانية» يوم السبت الموافق 26 حزيران 2021 على ما يلي: (بعد فشله في حشد دعم كلّ من تركيا وروسيا للحفاظ على قوات «الدعم السريع» مستقلةً عن الجيش، لجأ قائد هذه الميليشيا محمد حمدان دقلو (حميدتي) إلى حليف آخر يتقوّى به ويساعده على الاحتفاظ بقواته وسلطته عليها، فوقع خياره على إسرائيل، وتحديداً «الموساد» الذي أوفد عملاء له إلى الخرطوم، الأسبوع الماضي، للقاء «حميدتي»)، بكل ما ينطوي عليه ذلك الإيفاد من قبل جهاز «الموساد» من مظاهر التشجيع التي تحمل «حميدتي» على المزيد من التفاني في سبيل تسليم السودان لقمةً سائغةً لدولة الكيان تحت مسوِّغ التطبيع.

* عرب جورنال/ عبدالسلام التويتي

دأب حميدتي القائد الميليشاوي السوداني الحثيث للتطبيع مع دولة الكيان الصهيوني

You might also like