قوّة حزب الله والخشية الإسرائيلية.. ماذا عن السيناريوهات القادمة؟
قوّة حزب الله والخشية الإسرائيلية.. ماذا عن السيناريوهات القادمة؟
متابعات| تقرير*:
تُراهن “إسرائيل”، في موضوع ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، على دورٍ فاعلٍ للوسيط الأميركي آموس هوكستين، لإعادة تحريك المفاوضات غير المباشرة مع لبنان، لأنها تعد الاتفاق خشبة الخلاص الوحيدة للخروج من مأزقها، ولا سيما مع التهديدات الجديّة من قبل المقاومة في لبنان.
الأوساط العسكرية والأمنية في “إسرائيل” بدأت تبدي يقظتها لأيّ سيناريو قادم، كما وبدأ المحللون الإسرائيليون مرحلة التقييم، وهذا يتطلب اتخاذ إجراءات ميدانية احترازية، تحسّباً لوقوع هجومٍ مفاجئ من قبل المقاومة، وخاصة بعد توتر الأوضاع بشأن حقل “كاريش”.
الخلل يُلاحق القوات البرية الإسرائيلية من تموز 2006 حتى اليوم
ليس سراً أنّ تهديدات الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، لـ”إسرائيل”، وتلويحه بالتدخل عسكرياً لوقف عملياتها في التنقيب عن النفط والغاز في المنطقة البحرية المتنازع عليها بين الطرفين، قد أدخلت زعماء الاحتلال في حالةِ ترقّبٍ مربكة، وإعادة تقييم للقوات في حال حدثت أي حرب جديدة مقبلة مع المقاومة في لبنان.
وهذا، بالفعل، ما أضاءت عليه وسائل إعلام إسرائيلية، التي حذّرت من عدم جهوزية القوّات البرية الإسرائيلية في حال حصل تصعيد في الشمال، مؤكدةً أنّ هذه القوات ليست مستعدة لأي حربٍ مقبلة.
تُعاني القوات البرية الإسرائيلية، المنضوية تحت “جيش” الاحتلال من مشاكل عدّة تتصل بسلاح المدرعات، أبرزها الحافزية المنخفضة لدى الشباب في الخدمة بشكلٍ خاص، ومن تآكلٍ ومن تقليصاتٍ واسعة، وتجنيد قوّة بشريّة نوعية في سلاح المدرعات.
وبالعودة إلى حرب تموز 2006، وتدخّل القوات البرية الإسرائيلية في الهجوم على لبنان، والذي بدأ في وقتٍ متأخر جداً من الحرب إلا أنّ استخدام هذه القوات كان أشبه بحلٍ وسطي بين الموقف الداعي إلى عدم استخدامها بشكلٍ عام، والموقف المتحمّس لتدخّلها بشكل مكثف.
في 17 تمّوز، بدأت أولى إرهاصات الهجوم البري الإسرائيلي الواسع قرب مارون الراس، وإحدى وحدات النخبة المشاركة في المعركة كانت وحدة “ماجلان”، التي فوجئت بغزارة النيران وصلابة مقاتلي حزب الله.
صباح 18 تموز، كانت القوّة محاصَرة، في قيادة المنطقة الشمالية، ولم يستطع زعيمها أودي آدم تصديق أنّ إحدى أفضل الوحدات في قواته وقعت في الفخ.
استخدم حزب الله في جنوب لبنان مئات المقاتلين فقط، إلا أنّ سياسة إرسال الجنود الإسرائيليين بالتدريج التي اتبعتها القوات البرية جاءت في مصلحة المقاومة، الأمر الذي مكَّن الحزب من الاستراحة والمبادرة والمباغتة وترتيب الصفوف، ويمكن القول إنّ استخدام القوات البرية كان متوقعاً من قبل المقاومة، منذ اللحظات الأولى للحرب.
ويرى مراقبون أنّ فشل استخدام القوات البرية في محاولة اجتياح لبنان عام 2006 قضى على كل طموحات “إسرائيل” في التغلغل البري، وأضعف صورتها داخلياً وخارجياً، وعمل بعض زعماء الاحتلال مثل رئيس الأركان الإسرائيلي، أفيف كوخافي، على تحسين صورة القوات البرية وقدرتها.
ولا يمكن أن نُهمل ناحية الخبرة والتدريب بين الطرفين، ويؤكد خبير الاستراتيجية العسكرية والاستخبارات، إيال بينكو، أنّ “الجندي العادي في حزب الله أكثر خبرة وتدريباً من الجندي الإسرائيلي العادي”.
حزب الله يطوّر قدراته.. و”إسرائيل” ضفدع يغلي ببطء
في مقابلة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، مع الميادين، الإثنين، أكّد أنّه “لا يوجد هدف إسرائيلي في البحر أو في البر لا تطاله صواريخ المقاومة الدقيقة. لدينا قدرات بحرية هجومية كافية لتحقيق الردع المطلوب وتحقيق الأهداف المنشودة”.
تصريحاتُ السيد نصر الله، تؤكد أنّ حزب الله حرّك صواريخه، التي بلغت اليوم، وبعد 40 عاماً من التأسيس، نحو 150 ألف صاروخ دقيق وموجه وثقيل، وهو قادرٌ على إطلاق 3 آلاف صاروخ في اليوم الواحد، من كل المديات، على الجبهة الداخلية الإسرائيلية في أيّ مواجهةٍ مقبلة.
وأحدث حزب الله تغييراً جوهرياً في بنيته العسكرية بعد تحرير الجنوب اللبناني، وخصوصاً على مدار السنوات الـ6 التي سبقت حرب تموز عام 2006، وبغض النظر عن ازدياد أعداد الصواريخ إلا أنّ حزب الله طور الصواريخ الغبية وجعلها ذكية أي امتلك التقنية، فلمواجهة التهديد الجوي الإسرائيلي، قام بتطوير قدرته الاعتراضية، من خلال تطوير القوّة الصاروخية التي تتمتع بإمكانات هجوميّة وقدرة عالية على الوصول إلى العمق الإسرائيلي والمتجسد بالجبهة الداخلية.
ويُشبّه المحلل العسكري في القناة الإسرائيلية الثانية، ألون بن دافيد، موقف “إسرائيل” من الصواريخ الدقيقة، بحكاية ضفدع يغلي ببطء في إناء من المياه، نقول لأنفسنا إنَّ الماء دافئ جداً ولكنه لا يزال محمولاً، واليوم، مع اقترابنا من نقطة الغليان، علينا تحديد درجة الحرارة التي لن نكون قادرين على تحملها وتحديدها بشكلٍ صريح”.
إضافةً إلى الصواريخ الدقيقة، طوّر حزب الله أسطول الطائرات المسيّرة، التي دخلت في الآونة الأخيرة منطقة الجليل عشرات المرات من دون اكتشافها أو إسقاطها، وعن هذا كشف السيد نصر الله، أمس، أن “إسرائيل” لم تتمكّن في الثاني من الشهر الجاري من إسقاط إلا مسيّرتين “أردنا أن يسقطهما العدو، فيما فشل في إسقاط مسيّرة ثالثة لم يأت على ذكرها لأنها سقطت في البحر”.
وفي 18 شباط/ فبراير الماضي، أطلق حزب الله الطائرة المسيرة “حسّان” داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وجالت في المنطقة المستهدفة لمدة 40 دقيقة في مهمة استطلاعيّة امتدّت على طول 70 كيلومتراً شمال فلسطين، وبالرغم من كل محاولات العدو المتعددة والمتتالية لإسقاطها، عادت الطائرة “حسان” سالمة بعد أن نفذت المهمة المطلوبة بنجاح، ومن دون أن تؤثر على حركتها كل إجراءات العدو الموجودة والمتبعة”.
وهو الأمر الذي يؤكد أن رغبة الحزب بإظهار المسيرات لأجهزة الرصد الإسرائيلية هذه المرّة كانت واضحة ومقصودة. ويقدّر مركز ألما للبحوث الذي أصدر تقريراً عام 2021 أن لدى الحزب نحو 2000 طائرة بدون طيار (UAVs)
ويستعدّ حزب الله لمرحلةٍ مختلفة من الردع البحري لحماية ثروة لبنان في مياه البحر الأبيض المتوسّط، اذ شدّد السيد نصر الله على أنه “لا يوجد هدف إسرائيلي في البحر أو في البر لا تطاله صواريخ المقاومة الدقيقة. لدينا قدرات بحرية هجومية كافية لتحقيق الردع المطلوب وتحقيق الأهداف المنشودة.. المهلة غير مفتوحة وإنما حتى أيلول/سبتمبر المقبل.
وعلّق خُبراء في عددٍ من وسائل الإعلام الإسرائيلية على التهديدات الأخيرة التي أطلقها السيد نصر الله، وطلبوا من قيادتهم وضع الاحتمال الأسوأ، ضاربين عرض الحائط بتقديرات استخباراتهم التي تطمئن إلى عدم وجود مواجهة عسكرية في الأفق انطلاقاً من الغاز في البحر.
وعلّق المراسل في قناة “كان” الإسرائيلية، أليئور ليفين، على تصريحات السيد نصر الله قائلاً: “كُلّي آمال بأن يتخلوا في إسرائيل عن فكرة أنّ نصر الله لن يسمح لنفسه بفتح جبهة عسكرية مع إسرائيل، لأن لبنان منهك اقتصادياً”.
يبدو أنّه نتيجةً لحرب تموز عام 2006، قد يُقرر قادة المقاومة دخول حرب مع “إسرائيل”، إن لم ترضخ لشروط لبنان بشأن ترسيم الحدود البحرية، ومن المؤكد أنّ هذه المواجهة إن حصلت ستنتهي بإنجاز للبنان، فالمشهد الذي طرحه السيد نصر الله عن نهاية “إسرائيل”، وهروب المستوطنين باتجاه المطارات والموانئ والمعابر الحدودية ليس من محض الخيال، بل شاهدناه سابقاً، ولا سيما في معركة “سيف القدس”.
* الميادين نت