كل ما يجري من حولك

صحيفة عطوان: لماذا لا نستبعد هزيمةً مُبكّرة لنظريّة “رأس الأخطبوط” التي أعلنت عنها دولة الاحتِلال تمهيدًا لضرب إيران؟ 

وكيف أصبحت الأذرع أكثر خُطورةً من الرّأس على صعيد الاغتِيالات؟

878

متابعات| تقرير*:

خرجت علينا الحُكومة الإسرائيليّة في الأيّام القليلة الماضية بمُصطلحٍ جديد باسم “رأس الأخطبوط” ومُلخّصه التّركيز على ضرب إيران، ومُحاربتها داخليًّا وخارجيًّا، وليس التّركيز على أذرعها فقط، أيّ “حزب الله” في لبنان، وحماس والجهاد الإسلامي في قِطاع غزّة، والحشد الشعبي في العِراق، وحركة “أنصار الله” الحوثيّة في اليمن.

التطوّرات العسكريّة والاستخباريّة الأخيرة تكشف أن إطلاق المُصطلحات والتّسميات شيء، وما يَحدُث على الأرض شيءٌ آخر، أيّ أن دولة الاحتِلال لم تستطع حتى الآن ضرب رأس الأخطبوط، ولا أذرعه، رغم التّهديدات المُتصاعدة ومُنذ أكثر من عشرة أعوام بالإقدام على هذه الخطوة، فالرّأس يقوى عسكريًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا، والأذرع تزداد قوّةً وتسليحًا، وباتت أقوى بكثير من جُيوش الدّول في بُلدانها لامتِلاكها أخطر سلاحين هذه الأيّام وهُما الصّواريخ الدّقيقة أوّلًا، والطّائرات المُسيّرة الحديثة والمُتطوّرة ثانيًا، علاوةً على كوادر فنيّة وقتاليّة على درجةٍ عالية من الكفاءات والتّدريب والجاهزيّة القتاليّة العالية جدًّا.

إسرائيل لم تنتصر في أيّ من حُروبها التي خاضتها مُنذ هزيمة عام 1967، كما أنها وعلى مدى 40 عامًا لم تتوغّل أو تجتاح أيّ أراضٍ عربيّة مُنذ اجتياح قوّاتها الأراضي اللبنانيّة عام 1982 وفي مِثل هذه الأيّام، وجاءت النّتائج المُترتّبة على هذا الاجتياح مُكلِفَةً جدًّا ماديًّا وبشريًّا، وانسحابًا مُهينًا في نهاية المطاف.

ربّما تكون “إسرائيل” حقّقت انتصارًا “مسرحيًّا” في بعض فُصول حرب الاغتيالات التي قادتها ضد إيران، وتمثّلت في اغتيال بعض العُلماء، ولكنّها خسرت حربيّ السّفن والنّاقلات، وتعيش حالةً من الرّعب حاليًّا انعكست في إجلاء جميع سيّاحها ورعاياها من تركيا خوفًا من استهدافهم من قبل وحدات إيرانيّة سريّة ضاربة، ولا ننسى أن مقرّات “الموساد” في أربيل شِمال العِراق تعرّضت لضرباتٍ مُؤلمة في الأشهر القليلة الماضية.

وإذا انتقلنا من رأس الأخطبوط إلى أذرعه ربّما يُفيد التّذكير بأنّ هذه الأذرع باتت على درجةٍ عاليةٍ من الكفاءة والقُدرة القتاليّة، والرّد بقُوّة على أيّ “حماقةٍ” إسرائيليّة، والمثال الأبرز الذي يُؤكّد هذه الحقيقة أن المُخابرات العسكريّة الإسرائيليّة لم تُقدِم على أيّ عمليّة لاغتِيال قادة حركتيّ “حماس” و”الجهاد الإسلامي” في الأشهر والسّنوات الأخيرة خَوفًا ورُعبًا من عمليّاتٍ ثأريّة مُؤلمة، وتحديدًا مُنذ اغتِيالها الشّهيد بهاء أو العطا، القائد الميداني في حركة “الجهاد الإسلامي” بقِطاع غزّة، حيث جاء الرّد بإطلاق 400 صاروخ وقذيفة على المُستوطنات والمُدُن الإسرائيليّة شِمال قِطاع غزّة، وخاصَّةً عسقلان وأسدود.

المُستوطنون الإسرائيليّون باتوا غير آمنين، ليس داخل الأراضي المحتلّة، وإنما في الخارج أيضًا، داخل الأراضي المُحتلّة بسبب الانتفاضة المُسلّحة التي بدأت تضرب أهدافًا في العُمُق الإسرائيلي خاصَّةً في تل أبيب والخضيرة وبئر السبع، وتُؤَسِّس لقواعدٍ شِبه مُستقلّة في مُدُن ومُخيّمات فِلسطينيّة في جنين ونابلس والحبل على الجرّار، ولعلّ التّنسيق المُتصاعد بين أذرع المُقاومة مِثل كتائب شُهداء الأقصى الفتحاويّة، والقسّام الحمساويّة، و”سرايا القدس” الذّراع العسكري لحركة “الجهاد الإسلامي” هو الرّد الأقوى ليس على دولة الاحتِلال، ومُستوطنيها، وإنّما على تنسيقها الأمني المُضاد مع السّلطة الفِلسطينيّة.

الغالبيّة السّاحقة من التّسميات الإسرائيليّة مِثل “عناقيد الغضب”، و”السّور الواقي”، و”الدّرع الواقي”، و”الرّصاص المصبوب”  وغيرها الكثير، وانتهت بنتائجٍ كارثيّة، سواءً في قِطاع غزّة أو الضفّة الغربيّة أو جنوب لبنان، ولا نستبعد أن يُواجِه المُصطلح الجديد “رأس الأخطبوط” المصير البائِس نفسه، وفي المُستقبل المنظور، وما علينا إلا الانتظار.. وانتظارنا قد لا يطول في جميع الأحوال.

 

* رأي اليوم

You might also like