ما بين فيينا والخليج: فصلٌ آخر من حرب السفن!
ما بين فيينا والخليج: فصلٌ آخر من حرب السفن!
متابعات| تقرير*:
لم يتأخر الرد الإيراني على احتجاز إحدى ناقلات النفط الإيرانية من قبل البحرية اليونانية ثم تسليمها للولايات المتحدة، ضمن ما بات يعرف بـ “حرب السفن” بين الأخيرة وإيران من جهة و”إسرائيل” من جهة أخرى. الرد، الذي لم تصنّفه طهران على أنه كذلك، جاء باحتجاز “ناقلتين يونانيتين في مياه الخليج”. وفيما أعلن حرس الثورة في بيانه ان احتجاز الناقلتين جاء نتيجة “لانتهاكهما أصول الملاحة في مياه الخليج”، إلا ان الرسالة التي كان يجب ان تصل إلى واشنطن وصلت بالفعل. وهذا ما سيفتح الباب أمام احتمالات متباينة وفقاً للردود والردود المضادة والتي لا زالت إلى حد الآن مضبوطة على وقع تطور مسار المفاوضات النووية في العاصمة النمساوية فيينا.
بعملية منسقة من قبل السرية الرابعة والخامسة لبحرية حرس الثورة، احتجزت إيران سفينتين يونانيتين “دلتا بسويدن” و “برودنت وريور” في مياه الخليج، مقابل بندر لنغه وعسلوية في مياه الخليج، وذلك رداً على مصادرة شحنة نفط إيرانية قبالة الساحل اليوناني، قبل أيام، وتسليمها الى واشنطن.
وبحسب مصادر تحدثت لوكالة تسنيم الإيرانية فإن “حرس الثورة قد يحتجز 17 سفينة يونانية موجودة في مياه الخليج حالياً، إذا ما واصلت اليونان ممارسة خطواتها الخبيثة… على اليونان التعويض عن خطوتها الخاطئة في احتجاز ناقلة النفط الإيراني، خاصة ان إيران قررت اتخاذ إجراءات عقابية ضد أثينا بسبب مصادرة شحنة نفط إيرانية قبالة الساحل اليوناني”. بعد ان تم استدعاء مبعوث سويسرا، الممثل للمصالح الأميركية في طهران، للاحتجاج على مصادرة الولايات المتحدة شحنة نفط إيراني من سفينة تشغّلها روسيا قرب اليونان، حسب بيان صادر عن وزارة الخارجية الإيرانية.
لم يتم الإعلان بعد عن التفاصيل، كما لم يتم بث المشاهد المتعلقة بالعملية كما حصل بعملية إحباط محاولة القرصنة الأميركية لناقلة نفط إيرانية في بحر عُمان، والتي تظهر توجيه زوارق الحرس الأسلحة نحو بارجة حربية أميركية، ما دفعها إلى الانسحاب، في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2021. لكن بضع كلمات جاءت على الحساب الرسمي للحرس كانت كافية لاستشراف المرحلة المقبلة حيث جاء في تغريدة على موقع تويتر عقب عملية الاحتجاز “انه الخليج الفارسي الذي لا يوجد فيه سوى قائد واحد”.
كان كسر إيران للحصار على فنزويلا منتصف عام 2020 -بإرسالها أكثر من 6 ناقلات تحمل البنزين ومعدات لإصلاح مصافي التكرير، خمس منها ناقلات نفط حملت نحو مليون ونصف مليون برميل من البنزين إلى كراكاس- ثم إلى لبنان في أيلول عام 2021، هو ما أسهم في اشعال النار مجدداً في الكونغرس الأميركي -مطبخ العقوبات- وفي الكنيست الإسرائيلي، وما يفسر ازدياد وتيرة العمليات البحرية والتي كانت تبقى دون تبنٍّ رسميّ مع بصمات كلا الطرفين على العملية.
من جهة أخرى، فإن مسار التصعيد مرهون باحتمالين:
-استخدام واشنطن للضغوطات الاقتصادية وتضييق الحركة الملاحية الإيرانية التي كانت تستخدمها إيران لتصدير حوالي مليونين ومئة ألف برميل من النفط، بهدف الضغط على طهران وتوقيع اتفاق نووي دون رفع حرس الثورة عن لائحة الإرهاب.
-الإبقاء على الاتفاق النووي معلّقاً بعد تجميد المفاوضات، نتيجة القلق المزدوج الذي يواجه إدارة بايدن الحالية، لناحية مأزق الحرب في أوكرانيا والورقة النفطية والغازية التي لوحت بها روسيا من جهة، واستعدادها بحظوظ قليلة لخوض انتخابات الكونغرس النصفية، وسط تردد الرئيس الأميركي جو بايدن على توقيع الاتفاق وخوفه من أن يؤثر ذلك على ولايته، وما يرافقه من ضغط اسرائيلي كان واضحاً منذ اليوم الأول للمفاوضات.
* الخنادق