كل ما يجري من حولك

نفوذُ الشركات النفطية الخاصة في اللوبي الأميركي: لُعبةُ الشطرنج تبدأُ من هنا!

نفوذُ الشركات النفطية الخاصة في اللوبي الأميركي: لُعبةُ الشطرنج تبدأُ من هنا!

795

متابعات| تقرير*:

يقول عبدالله يحيى زلوم -وهو فلسطيني من أصل أميركي درس الاقتصاد في جامعة هارفارد العالمية- في كتابه الذي يحمل عنوان “الحروب الصليبية على البترول” ان “العمود الأساسي للإمبراطورية الأمريكية هو البترول، الذي يقبع تحت أراضٍ تختلف حضارياً وثقافياً مع ما هو سائد في أميركا”، ويشير إلى ان الولايات المتحدة “لا تمانع في ذلك طالما كانت تتحكم في عنصرين أساسيين من نموها وهما البترول وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر”. ومع علم واشنطن بأن الشرق الأوسط يمتلك أكبر احتياطات النفط، مع ميزة تجعله أكثر “اغراءاً” وهي الكلفة القليلة للاستخراج، قامت بزراعة أيدي شركاتها النفطية في المنطقة ومن ثم هندسة مشروع السيطرة مع اختلاف أشكالها: الحروب، العقوبات، الانفجار الأمني…

لهذا نجد ان نفوذ الشركات الخاصة النفطية، متجذرٌ بعمق داخل اللوبي الأميركي بطريقة لا يمكن تلخيصها بصفقة هنا أو عقوبة على إحدى الدول على المقلب الآخر من العالم، بل هي تسيطر بشكل فعلي على أمن الطاقة في البلاد.

بعيد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وارتفاع أسعار النفط عالمياً بمعدل تجاوز الـ 120 دولاراً للبرميل الواحد، طرح السيناتور الديمقراطي جو مانشين، فكرة الاعتماد على زيادة الإنتاج المحلي من النفط والغاز في محاولة لمعالجة هذه الأزمة، وهو ما أعاد إلى الواجهة الإشكالية الجدلية التي تعاني منها الولايات المتحدة وهي تحكّم الشركات الخاصة النفطية بأمن الطاقة للبلاد، خاصة ان واشنطن لا تعتمد في عمليات التنقيب والتكرير والإنتاج وغيرها على شركات وكيانات تابعة لها، بل على الشركات الخاصة التي تتصرف وفق الأرقام الظاهرة على شاشات البورصة العالمية وكما يملي عليها هامش الربح لا “الاعتبارات الوطنية”.

في هذا الصدد يشير الدكتور في معهد جاكسون للشؤون العالمية في جامعة Yale الأميركية، غريغوري برو إلى ان الولايات المتحدة مرت بتجربتين استطاعت الشركات المحلية بهما ان تقدم نفسها كحل جدي على الرغم من الأداء الأكثر انحيازاً لمصالحها الخاصة، الأولى خلال الحرب العالمية الأولى عندما ارتفع الطلب بشكل كبير، والثانية خلال الحرب العالمية الثانية حيث حظيت تلك الشركات بدعم مباشر من وزارة الخارجية الأميركية ووزارة الخزانة أيضاً، وذلك بالتزامن مع تنفيذ مشروع مارشال لإعادة بناء الدول الأوروبية. حينها، استطاعت الشركات الخاصة ان تزيد من فرص انتاجها للنفط المحلي بوجه الشركات العملاقة التي كانت تعمد إلى استيراد النفط من الاحتياطات الموجودة في الشرق الأوسط، والتي كانت بطبيعة الحال أقل سعراً، عبر رفع شعار “استقلالية الطاقة” وضرورة تحقيق الأمن الذاتي. وهو ما خلُص إليه الرئيس الأميركي الأسبق، دوايت أيزنهاور، الذي رأى ان ذلك ضرورياً خاصة في حال فتحت المواجهة مع الاتحاد السوفياتي والذي سينتج عنه حتماً تعذر وصول النفط المستورد إلى الداخل.

ومما ساهم في ترسيخ نفوذ هذه الشركات في الكونغرس كان الحظر النفطي على الولايات المتحدة الذي مارسته الدول العربية خلال حرب تشرين الأول/ أكتوبر عام 1973، والتي ساهمت بشكل كبير في دفع الرئيس الأسبق جيمي كارتر على اتخاذ قرار رفع القيود عن صناعة النفط محلياً، بالتوازي مع إعلانه تطبيق ما يسمى بعقيدة “كارتر” التي ترتكز على تأمين نفط الشرق الأوسط بشتى الطرق، والتي جنت واشنطن ثمارها سريعاً.

بعدها، ازدادت وتيرة عمل الشركات الخاصة في الإنتاج النفطي المحلي بشكل مطرد، حتى أصبحت الحكومة الفيدرالية تنظر إلى  تلك الشركات على أنها في صلب أمنها القومي، وربما كان تعبير الأخيرة على أنه “قد أصبح لها رئيساً خاصاً بها يجلس في البيت الأبيض” هو الوصف الأكثر دقة للعلاقة بين الرؤساء المتعاقبين وتلك الشركات، ما يفتح النقاش مجدداً عن مدى تأثير وجود أحد رجال الأعمال في قطاع النفط، داخل أروقة المكتب البيضاوي، وما ينتج عن ذلك من انعكاسات جوهرية في اتجاه القرارات التي تتخذ في الكونغرس من جهة، وخلف الكواليس من جهة أخرى، وهو الأمر الذي تكرر منذ ثمانينيات القرن الماضي:

-وصول جورج بوش الأب إلى سدة الرئاسة وهو أحد المشاركين في تأسيس شركة Zapata .

-جورج دبليو بوش المعروف بشراكاته النفطية، إضافة لنائبه ديك تشيني الشريك بأسهم كبيرة في شركة أنرون، ومستشارة الأمن القومي في إدارته كونداليزا رايس التي كانت تشغل منصب عضو في مجلس إدارة شركة “شيفرون” النفطية.

-تعيين باراك أوباما لجيمس جونز مستشاراً لشؤون الأمن القومي والذي كان يشغل منصب إدارة شركة “شيفرون”.

-دونالد ترامب، واختياره للرئيس التنفيذي لشركة “Exxon mobil” أكبر شركة نفط خاصة على صعيد العالم، وريكس تيلرسون وزيراً للخارجية.


* الخنادق| مريم السبلاني

You might also like