أولى استحقاقات واشنطن في لبنان بعد الـ 2009: خسارةٌ مزدوجة!
أولى استحقاقات واشنطن في لبنان بعد الـ 2009: خسارةٌ مزدوجة!
متابعات| تقرير*:
في 8 حزيران 2010، وخلال تقديم رؤيته في “تقويم قوة حزب الله”، كشف مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط، آنذاك، جيفري فيلتمان، إلى جانب المنسّق في مكتب تنسيق “مكافحة الإرهاب”، دانيال بنيامين أن “الإدارة الأميركية قدّمت للبنانيين منذ عام 2006، أكثر من 500 مليون دولار عبر “الوكالة الأميركية للتنمية ومبادرة الشراكة الشرق أوسطية U.s Embassy “، مؤكداً في متن التقرير الذي قدمه ان هذه الأموال تندرج تحت عنوان “الحدّ من جاذبية حزب الله لدى الشباب اللبناني”. وفي معرض سؤاله عن وضع حزب الله والانتقادات التي وجهت إليه عن “التقاعس في مواجهة الحزب”، أشار فيلتمان إلى انه “مستند للدفاع عن مهمّته، على مئات الملايين التي رصدت لتوزَّع لهذه الغاية”.
بعد 10 سنوات من شهادة فيلتمان تلك، قدّم وكيل وزارة الخارجية الأميركية ديفيد هيل، في 28 أيلول 2020، خلال جلسة استماع في لجنة العلاقات الخارجية لمجلس الشيوخ، فاتورة بحجم إنفاق واشنطن على “القوى الأمنية ومنظمات المجتمع المدني” والتي بلغت 10 مليارات دولار، بحسب هيل، حيث أكد ان بلاده “ستستخدم نفوذها لمعاقبة مَن يعاونون حزب الله….دعم واشنطن للجيش اللبناني يأتي ضمن استراتيجيتنا لمواجهة إرهاب حزب الله”.
مع تمديد ولاية المجلس النيابي اللبناني لدورتين متتاليتين في 5 تشرين الثاني عام 2014، للمرة الأولى، ثم في 14 حزيران عام 2017 للمرة الثانية، وفي ظل غياب “ثورة شعبية حقيقية” تستطيع واشنطن استغلالها و “تركب الموجة” -باستثناء التظاهرات التي حصلت عام 2015، والتي برزت فيها بعض الجمعيات للمرة الأولى-، لم تستطع واشنطن ان تختبر مفعول تلك الأموال الطائلة التي أنفقتها بشكل فعلي وجدي، في انتخابات عام 2018.
بعد التحركات الشعبية التي حصلت في 17 تشرين الأول عام 2019، والتي رافقها تدفق تمويلي أميركي ضخم لبعض المجموعات غير الحكومية، والتي برزت بشكل كبير عقب انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، حيث استغلت الحادثة -برعاية أميركية- للتجييش ضد حزب الله وحلفاءه، إضافة للاغتيال السياسي الذي تعرض له رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، كانت الفرصة سانحة أمام واشنطن لاختبار نفوذها ونتيجة عملها لسنوات، بعدما وفّر لها الانهيار الاقتصادي الكبير الذي تمر به البلاد جواً إضافياً لتستغل حاجة اللبنانيين لمالها الانتخابي الذي حضر بقوة في العديد من الدوائر.
وفي أولى استحقاقاتها الفعلية التي خاضتها منذ عام 2009، فشل واشنطن كان مزدوجاً، فهي إضافة لعدم قدرتها على إضعاف شعبية حزب الله -هدفها الأول- والذي حصل على 365000 صوتاً تفضيلياً بعدما زادت الأصوات المؤيدة له 22000 صوتاً عن عام 2018، نال جبران باسيل 22 نائباً، مع الحفاظ على مقعده النيابي في البترون مع الكتلة المسيحية الأكبر، ولم تستطع كل أوراق الضغط والترغيب الأميركية من “لمّ شمل” أدواتها في الجمعيات غير الحكومية، وتقديمهم للبنانيين في لوائح قوية يمكنها نيل عدداً مهماً من المقاعد، بل طغت الخلافات والانقسامات على المشهد، وهذا ما أكده مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى السابق، ديفيد شينكر، حيث أشار خلال ندوة عقدها “معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى” إلى انه يعتقد “أن المجتمع المدني فازوا حتى الآن بنحو 10 مقاعد، لكن ربما كان بإمكانهم الفوز بالمزيد لو توحدوا بطريقة ما ودخلوا كمعارضة متماسكة للمجتمع المدني… هناك حوالي 100 حزب يترشّح في الانتخابات، الأحزاب المعتادة وأيضاً كل هذه الأحزاب الصغيرة، وأخمّن بأنهم سيأكلون بعضهم بعضاً ولن يربحوا ما يكفي من المقاعد لإحداث تحوّل في التوازن”.
وكان من اللافت اعترافه بشكل مباشر بمسؤولية بلاده عن تسريع الانهيار في لبنان، بقوله “ساخراً”: “فرضنا عقوبات على مؤسسات حزب الله المالية، كبنك الجمّال. وكنّا حريصين على مزامنة ذلك مباشرة بعد قيام وكالة موديز للتصنيف الائتماني بخفض تصنيف لبنان، وفي اليوم التالي أعلنّا فرض العقوبات على بنك الجمّال، لكن كنّا نحن من يقف خلف قرار خفض تصنيف لبنان الائتماني”. مؤكداً ان “رياض سلامة ساعد وزارة الخزانة الامريكية في مسار اغلاق حسابات مصرفية ترتبط بحزب الله”.
* الخنادق: مريم السبلاني